إمبراطوريات متخيلة: تاريخ الثورة فى صعيد مصر

عنوان الكتاب  تاريخ الثورة فى صعيد مصر
المؤلف د. زينب أبو المجد
الناشر  المركز القومي للترجمة
البلد مصر
تاريخ النشر 2018
عدد الصفحات 369

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

 

يتناول هذا الكتاب موضوعا عز تناوله فى الكتابات التاريخية المصرية، سواء المكتوبة بالعربية أو بأى لغة أجنبية أخرى. تجادل أستاذة التاريخ فى جامعة أوبرلين الأمريكية، بأن للصعيد رواية جد مختلفة مع كل الإمبراطوريات التى تعاقبت على “غزو” مصر، رسمية وغير رسمية، منذ القرن السادس عشر(العثمانيون والفرنسيون وإمبراطورية محمد على ثم الهيمنة البريطانية غير الرسمية وأخيرا الاحتلال البريطانى الرسمى منذ عام 1882).

وتمضى فى محاولة لإعادة سرد التاريخ البديل الذى يقدمه الصعيد، من خلال التنقيب فى مئات الوثائق منذ القرن السادس عشر: كالمكاتبات الرسمية وقضايا المحاكم الشرعية وسجلات مضابط الأحكام. تكشف قراءة المؤلفة لهذه الوثائق أن الإمبراطوريات الاستعمارية التى ارتحلت إلى جنوب مصر عمدت إلى تهميشه بشتى الطرق، ودعمت تلك الإمبراطوريات فكرة أن مصر دولة موحدة، ومن ثم ينبغى إخضاع الصعيد بالقوة تحت سيطرة النخبة الشمالية المتنعمة برضاها. أسفرت تلك السياسات عن تدمير متلاحق لمجتمعات الصعيد، فجرى إهمال الزراعة والرى، وتعددت الأزمات البيئية كتفشي أوبئة الطاعون والكوليرا.

يذكر ان هذا الكتاب نال جائزة روجر أوين لأفضل كتاب في التاريخ الاقتصادي فى طبعته الانجليزية عام ٢٠١٥م.

ثورة الفئوس

الكتاب يستعرض الثورة الشيوعية والاشتراكية التي تعرف بثورة الفئوس، والتي قادها الشيخ الطيب أحمد النقشبندي من قرية السليمية التابعة لمحافظة الأقصر حاليا في عهد الخديو إسماعيل عام 1864م واستمرت لمدة عام.

وكانت ثورة الفؤوس قد استمرت لعدة أعوام وأدت لتدمير 3 قرى بمحافظة قنا آنذاك سميت بهذا الاسم لقيام السلطة بالقاهرة بقتل الثوار بالفؤوس، وهى ذاتها نفس الأداة التى استخدمها الثوار للتعبير عن احتجاجهم ضد الوالى وسياساته فى الصعيد.

“فى وقائع ثورة 1864م التى قادها الشيخ الطيب أحمد بن أحمد عبيد مسعود من قرية السليمية التابعة لمركز أرمنت بمحافظة الاقصر حاليا، تبدو البريطانية الليدى لوسى داف جوردن التى عاشت فى الاقصر فى هذه الفترة الشاهدة الوحيدة عليها وعلى وقائعها التى امتدت لنحو10 قرى فى ربوع الصعيد المصري. كانت رسائل لوسى داف هى الوثيقة التاريخية الوحيدة للثورة التى تم وصفها بأنها ثورة شيوعية واشتراكية والتى اتخذت شعار الفأس الذى حمله الفلاحون وكان أداة لتعذيبهم من قبل السلطة التى قمعت أحداث الثورة بدموية عنيفة، جعلت الخديوى إسماعيل ذاته أن يطالب بإيقاف العذاب الذى وصل لدرجة بشعة ها الفلاحون وهم يحملون “الفأس”..

ولحسن الحظ، دونت الرحالة الإنجليزية ليدى داف جوردن التى كانت تقيم فى قنا للتعافى من داء ألم بها، شهادتها حول ما رأته من أحداث التمرد. هذا ما تؤكده الباحثة الدكتورة زينب أبو المجد فى دراستها عن “ثورة الطيب أحمد عبيد ووقائعها”.

تؤرخ الوثائق التاريخية لثورة الطيب أحمد فى عصر الخديوى إسماعيل أنها نشبت بعد ثورة أبيه الأولى بـ40 سنة فى عهد محمد على باشا تلك الثورة التى كانت أشبه بتمرد عنيف ضد سياسات الوالى محمد على باشا فى سياساته للاستحواذ على الأراضى الزراعية وقانون التجنيد وهو التمرد الذى وصفه مؤرخ السلطة على مبارك فى الخطط التوفيقية فى الصفحة  116.

قال على مبارك ” وقد ظهر من هذه القرية (السليمية) فى سنة ست وثلاثين ومائتين وألف رجل اسمه الشيخ أحمد، يدعى الصلاح، وأقام بناحية حجازة من بلاد قفط واجتمعت عليه الناس وصار يعطيهم بعض العهود، وكثر أتباعه حتى بلغوا نحو أربعين ألفا على ما قيل، فاغتر بذلك وأظهر الخروج على الحكومة ورتب من أتباعه حكاما كحكام الديوان، وضرب على البلاد الجرائم ونهب الأموال وما فى الأشوان من غلال الميرى وما عند الصيارف من النقود، وأكثر من الإفساد برا وبحرا وخافته البلاد والحكام.

تقول الدكتورة زينب أبوالمجد فى دراستها عن الحياة ومظاهرها فى محافظتى الأقصر وقنا فى عصر الطيب “تمتعت حفنة قليلة من الأوروبيين بحيازة أرض زراعية شاسعة فضلا عن سطوتهم الكبيرة فى قنا وربما كان الخواجة مونييه، الإدارى الفرنسى لمنجم الكبريت، هو أكبر أجنبى تملكا للأراضى الزراعية بقنا فى ذلك الوقت. تضيف أبوالمجد أنه فى عام 1862، وقبل الثورة بعامين دخل منير مزادا لشراء نحو 3318 فدانا فى ناحية معروفة بغناها فى إنتاج القصب.

اشترى الخواجة الأرض بثمن بخس حيث دفع ثلاثة قروش لكل فدان. كما اشترى فى صفقة ضئيلة 11 فدانا من فلاحين فى نفس الناحية ولكن واجهته مشكلة فى هذه الصفقة. فقد جأر الفلاحون بالشكوى للحكومة بأنه أجبرهم وخدعهم كى يقومون ببيع أراضيهم لكن رفضت الحكومة مزاعم الفلاحين واعتبرت أن صفقة الشراء قانونية.

توضح زينب فى دراستها المهمة أن الأوروبيين وصلوا قنا فوق سفنهم البخارية السريعة، ذات التكنولوجيا الحديثة العاملة بالفحم، وسرعان ما اكتشف التجار الأوروبيون قنا فى عصر الأسواق العالمية المفتوحة.

كانت البواخر التجارية تحمل بضائع وتفرغ غيرها دون توقف طيلة أيام الأسبوع حوَّل التجار الأوروبيون قنا إلى سوق كبير لمحصول واحد: الحبوب وعلى رأسها القمح. كما تاجروا فى السلع التى حملتها القوافل السودانية إلى قنا. وانتشر فى مدن وقرى قنا القناصل التجاريين الممولين لدول مثل بريطانيا وفرنسا والنمسا والولايات المتحدة وموظفوهم من أجل قضاء مصالحهم.

عن المؤلف:

زينب أبو المجد كاتبة وأكاديمية مصرية تدرس التاريخ بجامعة أوهايو بالولايات المتحدة والجامعة الأمريكية بالقاهرة.

 

 

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP