الحضارة الحديثة والعلاقات الإنسانية في مجتمع الريف

عنوان الكتاب الحضارة الحديثة والعلاقات الإنسانية
المؤلف حسن عبد الرازق منصور
الناشر  دار أمواج
البلد بيروت
تاريخ النشر 2013
عدد الصفحات 328

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

الحضارة الحديثة والعلاقات الإنسانية في مجتمع الريف

 

تقف كثير من المجتمعات على مفترق الطرق بين ما اعتادت أن تسير عليه من عادات وتقاليد وعلاقات اجتماعية، وبين ما تراه حولها من الثقافات الحديثة المصاحبة للتطورات التكنولوجية المذهلة في هذا العصر. وهذا الموقف يمثل مرحلة التغير أو التحول من مرحلة أولى هي مرحلة التخلف التكنولوجي والثقافي والمعبّر عنها إجمالاً بمرحلة التخلف (أو ما قبل التحضر) والمرحلة الثانية مرحلة الحضارة بمعناها الحديث الذي يركز أساساً على الناحية المادية ووسائل التكنولوجيا التي توفر للإنسان الحياة السهلة (ولا نقول السعيدة)، وما يصاحب هذه التكنولوجيا من أفكار وثقافات وما يترتب عليها من ممارسات.
ومثل هذه المرحلة (مرحلة التحوّل أو التغير) تشكل فرصة مناسبة للدراسة والمقارنة بين الماضي والحاضر، حيث يستطيع الإنسان في مثل هذه الفترة الانتقالية أن يدرس عدة ظواهر كالظواهر الثقافية والظواهر النفسية على مستوى المجتمع.

وظواهر التنشئة الاجتماعية والتربية وأساليبها واختلافها عن السابق، والعلاقات الاجتماعية وما يطرأ عليها من تغيرات في ضوء الحضارة المادية الجديدة ونقول (الحضارة المادية): لأن القيم الاجتماعية والفكرية موجودة أساساً في المجتمعات العربية والإسلامية، وهي بلا شك قيم راقية، ولا نعتقد أن القيم الفكرية والثقافية الغربية المصاحبة للتكنولوجيا تقترب في إنسانيتها ورقيّها الخلقي من القيم الإسلامية، المستندة إلى الدين مباشرة والمأخوذة منه، وليس بعض العادات التي قد تكون متوارثة من الماضي أو شائعة رغم بعدها عن الإسلام، والتي تكون مصاحبة لانتشار الجهل والفقر.
والدراسة الحالية تقدم صورة لبعض المجتمعات العربية الريفية في المملكة العربية السعودية وذلك لأن هذه المجتمعات تمرّ منذ مدّة بتحولات اجتماعية سريعة ومتلاحقة تبلورت بشكل خاص في السنوات الأخيرة (منذ سنة 1975م)، وربما قبلها بقليل بسبب الموارد الاقتصادية الضخمة المتحصلة من البترول.
ومن عاصر هذه المجتمعات القروية المحلية قبل فترة التغير الاجتماعي الناتج عن ذلك النمو، وبعد بدء التغير، يجد فرقاً شاسعاً ومذهلاً حقاً، فقد بدأ التغير يمس كل ناحية من نواحي هذا المجتمع، من حيث الظواهر المادية خاصة العمران، وكذلك فيما يخص الثقافة الفردية وعلاقات أفرادها ببعضهم أو علاقات أفراد المجتمع الريفي ببعضهم وعلاقاتهم بالمدينة وبالمجتمعات الأخرى المجاورة.
ولما كانت العلاقات الاجتماعية هي المظهر الرئيسي الذي يستطيع الباحث من خلاله التعرف على طبيعة الحياة الاجتماعية في المجتمع ومؤسساته المختلفة، فقد حددت الدراسة نطاقها في العلاقات الاجتماعية في المجتمع المحلي الريفي، ولكن هذا المجتمع لا ينفصل عن أفراده، وليس شيئاً مستقلاً عنهم، بل هم لبناته التي تكوّن بناءة، كما أن هذا المجتمع المحلي لا ينفصل عن المجتمع الكبير للدولة، والذي يتمثل في المدينة القريبة، ولهذا فقد شملت هذه الدراسة الفرد الاجتماعي وما يحمله من مفاهيم وقيم اجتماعية، والأسرة كأهم مؤسسة اجتماعية، والمجتمع الريفي ذاته ونوعية العلاقات السائدة فيه، وأخيراً العلاقات الاجتماعية بين القرية والمدينة، وذلك لتتضح الصورة الكاملة والمكانة الصحيحة لهذا المجتمع، سواءٌ من حيث الشكل الداخلي أو ضمن الإطار الخارجي.
وقد وضعت الدراسة خطتها على هذا الأساس مع الاعتماد على المقارنة بين صورتين لهذا المجتمع، الأولى: صورته قبل دخول التحضر وبداية التغيّر.
والثانية: صورته بعد فترة من دخول الوسائل التكنولوجية وبدء التحضر، حتى يمكن إعطاء فكرة واضحة عن أثر التحضر على هذا المجتمع في مجال العلاقات الاجتماعية والمفاهيم الثقافية لأفراده، على اعتبار أن للمفاهيم دوراً كبيراً في تحديد شكل العلاقات الاجتماعية.
تقع هذه الدراسة في بابين مقسومين إلى ثمانية فصول :
الباب الأول: هو القسم النظري والتاريخي الذي يقدّم صورة عن الماضي، والثاني عن الحاضر، وهو ميداني.
يشمل الباب الأول أربعة فصول: يشكل الفصل الأول مقدمات الدراسة من حيث تحديد المشكلة وأهميتها، كما يحدد وضع الدراسة، وذلك بعرض بعض الدراسات السابقة وموقف الدراسة الحالية.
والفصل الثاني تحاول فيه الدراسة وضع بعض الأسس النظرية التي تسترشد بها، فيعرض الفصل المذكور للنظرية الوظيفية من منظور إسلامي، وهي النظرية التي اتخذتها الدراسة كمدخل للتحليل السوسيولوجي بسبب الاعتقاد أن هناك علاقات تأثير متبادل بين الوظائف التي يمارسها أفراد المجتمع والعلاقات التي تربطهم ببعضهم، كما ستوضح الدراسة ذلك. كما نوقشت في هذا الفصل بعض المفاهيم النظرية الأساسية في ضوء الوظيفية ومعطياتها.
وخصص الفصل الثالث لبحث بعض عوامل التخلف الاجتماعي في مجتمع الريف، وهي عوامل عامة يمكن أن تكون موجودة في مجتمعات أخرى، وتناول الفصل ثلاثة عوامل محددة هي: البيئة الجغرافية وعلاقتها بالمفاهيم الثقافية المتخلفة.

والفقر، ومقاومة أصحاب السلطات والامتيازات في المجتمع المحلي.
ثم بدأت الدراسة في فصلها الرابع بتناول النقطة الأساسية التي تعتبر النقطة المركزية فيها، وهي دراسة العلاقات الاجتماعية دراسة (تاريخية بنائية ـ وظيفية) تهتم من خلالها بالعلاقات داخل التنظيمات الاجتماعية ابتداءً من الأسرة إلى المجتمع القروي إلى العلاقات والوظائف والمضامين التي ارتبطت بها في فترة ما قبل التغير.
والباب الثاني: يتناول الوضع الحاضر للعلاقات الاجتماعية، يشمل أربعة فصول، وقد حدّدت الدراسة إجراءاتها المنهجية في الفصل الخامس حيث ابتدأت أولاً بتحديد أبعاد الدراسة ومجالاتها ومناهجها ووسائل جمع المعلومات فيها.
وتناول الفصل السادس الفرد والأسرة في ظروف التغير: فالفرد هو الذي يتصرف اجتماعياً انطلاقاً من قناعة فكرية تحمل ثقافة معينة، ولذلك كان لابد من معرفة التغيرات الثقافية والقيمية التي مست الأفراد في ضوء الوظائف الاجتماعية الجديدة والإمكانيات الاقتصادية الكبيرة، ومن ثم انتقل البحث إلى الأسرة، فبحثت وظائف أفرادها وتأثير هذه الوظائف على العلاقات الاجتماعية التي اتخذت شكلاً جديداَ مغايراًً لما كان سابقاً. وفي الفصل السابع جرى بحث العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الريفي في ضوء التقدم الاقتصادي والإمكانيات الوظيفية الجديدة، وتبدل طراز الحياة الاقتصادية من الاعتماد المطلق على الزراعة وتربية الحيوان إلى مجالات عمل جديدة أكثر جدوى اقتصادية، كما تناول الفصل العلاقات بين مجتمعي الريف والمدينة والوظائف التي يؤديها كل منهما خدمة للآخر.
وخصص الفصل الثامن لعرض نتائج الدراسة وتوصياتها التي روعي فيها أن تكون قابلة للتطبيق وغير معارضة لقاعدة شرعية أو عقلية ومتفقة مع واقع المجتمع ومع أهداف الدراسة في إلقاء الضوء على ما يمكن أن يقوي هذه العلاقات ويحفظ الإيجابي منها.
وتظل قيمة أي عمل علمي رهناً بما يمكن أن يقدمه من رؤية إيجابية نافعة لجانب من جوانب الحياة الإنسانية. وهدف هذه الدراسة تقديم صورة لمجتمع عربي يمر بفترة انتقالية مهمة، وأن تلقي الضوء بذلك على ما يحدث من آثار ووجوب أخذ الحضارة من منظور القيم الإسلامية مع الحفاظ على قوة علاقات المؤسسات والأفراد في المجتمع العربي المسلم بما يتفق مع تعاليم الإسلام الخالدة التي تدعو إلى التراحم والتعاطف والأخوة، وهي معان تدعو إلى تقوية صلة الإنسان بأخيه الإنسان في إطار من الفهم والمشاركة والتقدير لهذا المخلوق الذي كرمه الله
حسن منصور

الحضارة الحديثة والعلاقات الإنسانية في مجتمع الريف

للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية

TOP