شهادات مروعة من الجبهة الأمامية في حروب سوريا..
نساء يقاتلن داعش.. وأدوار مشبوهة لأمريكا والغرب
سوريا أمة تعاني ودولة تتفكك وشعب يشهد مأساة إنسانية، حيث تعد مشكلة لاجئيه أكبر أزمة للاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، حيث هناك ما يقرب من تسعة ملايين سوري غادروا بلادهم إلى الشتات، وفي الغرب لم تتوقف الكتب الغربية عن رصد المأساة السورية التي تعد مأساة القرن، حيث إن سوريا تتفكك بطريقة مخيفة يصعب معها تجمعها مرة أخرى، كما يتم تفريغ المنطقة من سكانها لمشاريع قادمة لم تفصح عن نفسها حتى الآن.
وما يلفت الانتباه في تلك الكتابات التي تتحدث عن سوريا، هو رصدها بأكثر من لغة للدور المشبوه للغرب في الأزمة السورية سواء إشعالها، أو في إذكاء نارها ومساندة أطراف الحرب لإطالة الحرب وجعلها تخرج عن المعقول والإنسانية، مثل كتاب “ما يجرى في سوريا فعلاً”، و”تدمير أمة: الحرب الأهلية فى سوريا”، كذلك دور الأطراف الإقليمية في الأزمة السورية، ودخول بعض التنظيمات المتطرفة على صعيد العمليات على الأرض مما أدى إلى تعقيد المشهد السوري، وانعكاس ذلك على الصعيد الإنساني، حيث صدرت كتب تتناول أبعادا إنسانية في الأزمة من السوريين أنفسهم من أكثر من موقع، سواء من هم يقاتلون على الجبهات الأمامية، أو من يعانون في المدن المدمرة من الخوف والجوع، أو من اللاجئين ، زفرات إنسانية أليمة تكشف حقيقة المأساة وعمقها.
الثورة المستحيلة
في وصف دقيق وحماسي للأحداث التي أدت إلى الثورة السورية عام 2011، يوثق ياسين الحاج صالح (Yassin al-Haj Saleh) -الصوت الفكري للثورة السورية- “الثورة المستحيلة” (Impossible Revolution) الصادر في سبتمبر 2017، عن دار “هرست” ((Hurst Publishers البريطانية في (288 صفحة)، حيث يتناول الأحداث التي أشعلت الثورة السورية، وكيف تحولت الثورة الشعبية إلى حرب إقليمية بين ثلاثة وحوش، هم: نظام الأسد وحلفائه، داعش وغيرها من الجهاديين، والغرب، ينهشون في الجسد السوري.
في “الثورة المستحيلة” انتقادات لاذعة لجيش الأسد، ودفاع عن “الحركة الجماهيرية الديمقراطية” التي أشعلت الثورة، وحديث تأثير الثورة والحرب على نظام الحكم، والهوية السورية.
وفي صورة مقربة للواقع السوري تنقل “بيترا رامسور” -وهي واحدة من الصحفيات القلائل اللاتي لا زلن يستطعن السفر لسوريا- الصراعات الدائرة، في كتاب “الانتصار هو البقاء على قيد الحياة اليوم” (Siegen heißt, den Tag überleben)، الصادر يناير 2017، عن دار “كريماير & سهيريايKremayr & Scheriau “” بألمانيا.
“بيترا رامسور” تواجدت في قلب الصراعات في حلب وفي داريا، وفي المدن الأخرى حيث كان الناس يتضورون جوعاً ويموتون فضلاً عن حصارهم و قطع اتصالهم بالعالم الخارجي، ورغم كل ذلك تحدثت “رامسور” مع الأطباء الذين يعملون تحت القصف، ومع أصحاب المدونات الذين يهربون الأخبار رغم خطورة ذلك على حياتهم، كما تحدثت أيضا مع قادة المعارضة المسلحة، والناشطين الديمقراطيين، وممثلي النظام والأكراد وغيرهم.
وفي تقارير متعاطفة تخبرنا “رامسور”عمن يقاتلون من أجل البقاء على قيد الحياة في هذا الصراع الرهيب الذي تحولت فيه الحرب في سوريا إلي حرب بالوكالة بين القوي العظمى، ومازال غير واضح بالمرة من الذي سيربح الحرب، لكن تبقى الخسارة الحقيقية هي فقدان الكثير من البشر حياتهم تحت الأنقاض.
وفي كتاب “حرق بلد: السوريون في الثورة والحرب” (Burning Country: Syrians in Revolution and War) الصادر في فبراير 2016، عن دار بلوتو برس” (Pluto Press) بالمملكة المتحدة، (280 صفحة) يستكشف “بورنينج كانتري وروبين ياسين الشامي” ( (Robin Yassin-Kassab and Leila Al-Shami الواقع المروع والمعقد للحياة في سوريا الحالية بتفاصيلها غير المسبوقة، مستندا إلى شهادات جديدة ومباشرة من مقاتلي المعارضة، والمنفيين في مخيمات اللاجئين، وكذلك ناشطي حقوق الإنسان.
يقدم الكتاب قصصا متشابكة بخبرة مع تحليل عميق عن وحشية الصراع وعسكرة الانتفاضة، وصعود الإسلاميين والحرب الطائفية، ودور الحكومات في سوريا ، وتصاعد العنف في سوريا في ظل حضور داعش في المشهد السوري، وتفاقم أزمة اللاجئين السوريين التي تعد أسوأ أزمة لجوء في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي مأساة أخرى من تقارير الحرب يشهد كتاب “الصباح الذي جاءوا لنا فيه” (The Morning They Came For Us)، الصادر في فبراير 2017، عن دار “بلومبزيري” “Bloomsbury”، للصحفي الأمريكي “جانين دي جيوفاني” (Janine di Giovanni) على واحدة من الصراعات الداخلية الأكثر وحشية في التاريخ الحديث.
واستنادا إلى سنوات من الخبرة في تغطية الشأن السوري لكل من صحف “فانيتي فير والنيوزويك والصفحة الأولى لصحيفة نيويورك تايمز”، يقدم ” جيوفاني” تسجيلا عن أمة على حافة التفكك، وكله مكتوب من منظور ناس عاديين، ويوثق الكتاب شهادات لا تنسى عن القدرة على الصمود في وجه التحيز الإنساني، وانتقاد لتعاطي الإعلام الغربي خاصة الأمريكي مع الأزمة السورية في ظل ابتعاد بعضا من تلك المواد الإعلامية عن حقيقة ما يجري على الأرض في سوريا.
أما “مارك تاليانو” (Mark Taliano) الذي سافر عام 2016 إلى سوريا ، وأسماها “الأراضي المعذبة”، فيتحدث عما تخفيه وسائل الإعلام عن الناس، في كتابه “ما يجرى في سوريا فعلاً” (Was in Syrien tatsächlich geschieht) الصادر عن دار “كوب فيرلاج” Kopp Verlag)) بألمانيا، في أبريل 2017، في 123 صفحة.
يستعرض “تاليانو” انتهاكات الغرب ضد القانون الدولي في سوريا، ويكشف عن أهداف الولايات المتحدة الأمريكية في زعزعة الاستقرار في سوريا، وعن المتسبب الحقيقي للحرب في سوريا، وحقيقة ما يجري من صراع دموي هناك.
كتاب “تاليانو” يحوي تقارير لشهود عيان تصف الجرائم التي ترتكبها الولايات المتحدة هي وحلفاؤها بحق السوريين.
ونبقى مع شهادات مباشرة من الخطوط الأمامية مع مئات النازحين السوريين أجراها الصحفي “ويندي بيرلمان” (Wendy Pearlman) على مدى أربع سنوات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا، وجمعها في كتاب “عبرنا جسرا فارتجف: أصوات من سوريا” (We Crossed a Bridge and It Trembled: Voices from Syria)، الصادر في يونيو 2017، عن دار “كاستم هاوس” (Custom House) بالولايات المتحدة، في 352 صفحة.
الكتاب يقدم شهادات جمعها “بيرلمان” بأسلوب إنساني بليغ حول محنة السوريين في اللجوء، تصلح لتكون قصصا قصيرة حيث يحكي الكتاب على لسان اللاجئين وقائع لا تنسى من واقع ماساتهم، ليشيد بقوة أولئك الذين يواجهون الظلام وكلهم أمل، وشجاعة.
حرب بلا شيء
ويتساءل “فريدريك بيشو” (Frédéric Pichon) في كتابه “سوريا: حرب بلا شيء” (Syrie, une guerre pour rien) الصادر في 2017، عن دار “إيديسيون دا سريف” ( Editions du Cerf) بفرنسا، عن الدور الخفي لأمريكا في بلاد الشام، والصراع بين السنة والشيعة، ومأساة المسيحيين، وعلاقة نظام الأسد بالإرهاب، ودور الإخوان المسلمين في سوريا، وأدوار أنقرة وموسكو وطهران والرياض في الحرب السورية ومستقبل سوريا القادم.
ويطرح ” بيشو” عدة تساؤلات منها: لماذا تعد الحرب في سوريا أزمة وكارثة عالمية؟ وكيف خسرت فرنسا مصالحها في هذه الحرب؟ وهل القوى الغربية مسئولة عن هذا الفشل الدبلوماسي لحل الأزمة والفشل العسكري والإنساني في سوريا؟
وحول الدور الخطير للغرب في سوريا، ومدى مشاركته في الجريمة والدماء النازفة في سوريا يحكي “مايكل لوديرز” (Michael Lüders) الجزء المفقود من تلك الحكاية، في كتابه “ما جنته العاصفة: كيف أغرق الغرب سوريا في الفوضى” (Die den Sturm erntenWie der Westen Syrien ins Chaos stürzte) الصادر في أكتوبر 2017، عن دار “س.هـ.بيك” (C.H.Beck) بألمانيا.
“لوديرز” يوضح عن طريق وثائق الاستخبارات المنشورة ورسائل البريد الإلكتروني الخاصة بصناع القرار كيف ولماذا تزود أمريكا وحلفائها في الغرب بطريقة مدبرة الجهاديين بالأسلحة منذ بداية الثورة- بطريقة لم تُشهد منذ حرب فيتنام.
يصف “لوديرز” بالتفصيل كيف كانت الولايات المتحدة تنتظر الفرصة المناسبة منذ وقت طويل للإطاحة بنظام الأسد، كما يتناول محاولات الانقلاب الأمريكية الفاشلة في سوريا في الأربعينيات والخمسينيات، وأسباب توجه دمشق للتحالف مع الاتحاد السوفيتي.
وفي السياق، يأتي كتاب “واشنطن: الحرب الطويلة على سوريا” (Washington’s Long War on Syria) لـ”ستيفن غوانز”، والصادر في إبريل 2017عن دار “باكارا بوكس” (Bakara Books) بأمريكا، في 280 صفحة ، الذي يتحدث عن رغبة الولايات المتحدة في الهيمنة في غرب آسيا وشمال أفريقيا، ويدرس الكتاب الصراع الذي دام عقود طويلة بين القومية العربية العلمانية والإسلام السياسي والإمبريالية الأمريكية للسيطرة على سوريا، حيث سعت واشنطن إلى تطهير سوريا والعالم العربي من نفوذ القومية العربية.
وفي رحلة شخصية بحثية تنير ضوءا دقيقا على التاريخ السوري والمجتمع والسياسة، تقف الصحفية “علياء مالك” (ALIA MALEK) في كتاب “الوطن الذي كان بلدنا” (THE HOME THAT WAS OUR COUNTRY) الصادر عن دار “ببلك أفيرز” Public Affairs)) بالولايات المتحدة، في فبراير 2017، في 352 صفحة، شاهدا على سنوات الحرب الضائعة، وتتحدث عن مخاوفها الخاصة حول مستقبل سوريا.
يقدم الكتاب صورة لا تنسى عن سوريا التي يتم محوها، بدأتها مع انطلاق ثورات الربيع العربي، حين عادت “علياء” إلى دمشق لاستلام شقة جدتها التي فقدتها منذ وصول حافظ الأسد إلى السلطة في عام 1970.
أخذت علياء تتصور السوريين – المسلمين والمسيحيين واليهود والأرمن والأكراد – وهم في عملهم وحبهم ومعاناتهم في الأماكن القريبة منها، وانعكاس التحولات السياسية في بلادهم عليهم، الكتاب مكتوب بطرية بديعة تنقل سخرية السرد والحكي إلى تحليل سياسي حاد مع التواصل في سرد التاريخ العائلي للكاتبة .
وفي تحليل عميق للأحداث أصدر “نيكولاوس فان دام” (Nikolaos van Dam)، أحد أهم الخبراء الأجانب في الشأن السوري، كتاب “تدمير أمة: الحرب الأهلية قى سوريا” (Destroying a Nation: The Civil War in Syria) عن دار ” أي بي توريس” (I.B.auris & Co Ltd) بالمملكة المتحدة، في أكتوبر 2017، في 336 صفحة.
في هذا الكتاب يوضح “فان” لماذا كانت الحرب السورية التي أعقبت ثورة 2011 محتومة، آخداً في الحسبان السلوكيات المبكرة والخاطئة للنظام السوري غير المستعد للتفاوض على الرحيل، بعد أن اكتسب خبرة واسعة بشأن كيفية البقاء في السلطة من خلال إتباع أساليب قمع وحشية على امتداد أكثر من نصف قرن.
يرى المؤلف أن إصرار الغرب والعرب على رحيل “بشار” شكل عقبة خطيرة أمام إيجاد حل للصراع، فالأسد هو من كان يتمتع بالسلطة في معظم أجزاء سوريا، وليس المعارضة أو الدول الأجنبية، حيث تبدو المعادلة صفرية بالنسبة للنظام السوري، إما فوز أو خسارة، وهو ما جعل الصراع الدموي يمتد ويتوسع في سوريا.
وللوقوف على الآثار المدمرة التي خلفتها الصراعات الدائرة في سوريا، يبني الكاتب “مايكل سومر” لنا جسراً بين الحاضر والماضي، يحكي ويفسر باقتدار التاريخ الحافل بالأحداث لمنطقة ثقافية فريدة من نوعها والتي لا تزال حتى اليوم تميز هويتنا.
وفي كتاب آخر يرصد ما آلت إليه الأوضاع في واحدة من أعرق المدن السورية القديمة، حيث تقع “تدمر” في شمال شرق دمشق، في واحة تحيط بها أشجار النخيل واثنان من السلاسل الجبلية، ففي كتاب “تدمر: كنز لا بديل له” (Palmyra AN IRREPLACEABLE TREASURE) الصادر في 2017، عن “مطبعة جامعة شيكاغو” (The University of Chicago Press)، في 128 صفحة، يستعرض “بول فاين” (PAUL VEYNE) تاريخ المدينة منذ أن أصبحت مقاطعة رومانية تحت حكم طبريوس، وصارت أقوى مركز تجاري في الشرق الأوسط بين القرنين الأول والثالث، إلى أن امتدت إليها آلة الحرب، ودخلها تنظيم “داعش”، حيث قاتلت داعش للسيطرة على تدمر، ثم قام بتدميرها بشكل منهجي بما في ذلك عالم الآثار خالد الأسعد
في هذا الكتاب الموجز، يقدم بول فاين، وهو واحد من أهم الخبراء في تدمر، نظرة جميلة ومتحركة عن تاريخ هذه المدينة الكبيرة المفقودة واهميتها التي ما تزال قائمة حتى الآن.
ومن مدينة تدمر إلى مقاطعة روجافا، يؤلف مايكل ناب وإركان أيبوغا، وأنجا فلاش (Michael Knapp, Ercan Ayboga, Anja Flach) في كتابا بعنوان “الثورة في روجافا: الحكم الذاتي الديمقراطي وتحرير المرأة في كردستان السورية” (Revolution in Rojava: Democratic Autonomy and Women’s Liberation in Syrian Kurdistan) ، الصادر في أكتوبر 2017، عن دار “أ.ك برس” (AK Press) بأمريكا، الكتاب يتناول المجتمع الجديد الذي يتم بناؤه وسط فرق دامية مثل داعش والقوات التركية، حيث يحاول الناس الذين يعيشون في مقاطعة روجافا أن يكونوا من أكثر المجتمعات المتقدمة في العالم.
في هذا الكتاب سرد لقصة نشأة مجتمع ديمقراطي منظم ومؤمن بالمساواة بين الجنسين ويرفض الأيديولوجية القومية، حيث إن شعب “روج آفا” يسمون مجتمعهم الجديد” بالكونفدرالية الديمقراطية”.
“الثورة في روجافا ” تعتبر أول دراسة كاملة للتحول الاجتماعي والسياسي المستمر في كردستان السورية، يستخدم مؤلفوها خبراتهم الخاصة في العمل والقتال لبناء صورة جديدة للسياسة والمجتمع في الشرق الأوسط.