علماء الغرب ينتصرون لـلطب الطبيعي.. وبحوث علمية لفك شيفرة “علم اليتيم الأسود”!

كيف يغامر الأطباء ومصنّعو الأدوية بصحة المرضى عمدا؟ وماذا فعل الطبيب الذي يعالج مرضى السكري عندما أصيب هو نفسه بالمرض؟ وماذا دار في ندوة “الربيع البارد”؟

إذا كنت تعرف إجابات بعض هذه الأسئلة الغريبة، التي تدور حولها إصدارات المطابع الأوروبية والأمريكية هذه الأيام، فأنك – بالتأكيد- لم تسمع من قبل أبدا عن “علم اليتيم الأسود”!

كل هذه الأسئلة وغيرها ستجيب عنها السطور التالية، من خلال استعراض أحدث الكتب العلمية الصادرة باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، والتي أخرجتها المطابع الأوروبية والأمريكية مؤخرا.

“الحياة المزدوجة” للطبيب المريض

يسعى الباحثون في محاولات لا تنتهي إلى إيجاد علاج ناجع للأمراض المنتشرة عبر العالم؛ لذلك يشاركنا الطبيب الألماني راينر ليمبنسيل “حياته المزدوجة” كطبيب ومريض سكري في نفس الوقت، في كتابه الصادر مؤخرا تحت بعنوان “السكري: المبدأ المناهض للأنسولين”، حيث يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: “أريد أن أحكي لكم عن قصتي كمريض سكري، لماذا مرضت، ولماذا أصبحت مرة أخرى سليما معافى”.

ويحكي الدكتور “راينر” تفاصيل معايشته للمرض، ولماذا كانت رحلة ركوب الدراجات عبر جبال الألب السويسرية بمثابة “طلقات تحذيرية” له للسيطرة على مرض السكري، وكيف نجح في ذلك آخر المطاف من دون تناول أي أدوية، ولماذا كان يشعر بالفزع عند النظر إلي ما وراء كواليس تجربته الخاصة.

وفي هذا الكتاب الصادر عن دار “ Thieme” الألمانية المتخصصة في نشر الكتب العلمية والطبية، يكشف لنا الدكتور راينر ليمبنسيل عن التناقضات التي يقع فيها زملاؤه الأطباء أثناء علاج مرض السكري، ويوضح ما يمكن القيام به بصرف النظر عن تعاطي “الأنسولين والكورتيزون” لمواجهة هذا المرض بفعالية، والتخلص منه نهائيا من خلال ممارسة الرياضة والاعتماد على “الطب البديل” فقط.

ومن ألمانيا إلى أمريكا، ينقل لنا الكاتبان الأمريكيان ديفيد ستيوارت وبروس ستيلمان وقائع ما دار في ندوة “الربيع البارد” التي ركزت على مرض السرطان، هذا المرض العضال الذي مازال يحّير العالم، وذلك في كتابهما “استهداف السرطان” الصادر (يونيو (2017 عن دار “Cold Spring Harbor Laboratory Press” في الولايات المتحدة.

وناقشت الندوة، بمشاركة العديد من المتخصصين والمهتمين، كيفية قيام العلوم الأساسية بتحسين نهج التشخيص السليم، والتكهن بأعراض مرض السرطان مبكرا، وعلاجه، فضلا عن التطرق إلى الجينات السرطانية، والجينومات، وبيولوجيا تكوّن الورم في الخلية، وتقدم النمو السرطاني، والاستجابة المناعية الفطرية والتكيفية للمرض.

التداوي بقوى الطبيعة

رغم ما يُنشر بشكل يومي من اكتشافات جديدة لعلاج بعض الأمراض، يعود بنا الطبيب الألماني أندرياس ميشالسن إلى الطبيعة والطب التقليدي القديم في كتابه “تداوى بقوى الطبيعة – من خبرتي العملية وأبحاثي”، الصادر مؤخرا عن دار “Insel Verlag” في برلين، والذي يدافع فيه المؤلف عن الطب البديل الحديث باعتباره قائما على أسس علمية قوية، مؤكدا أنه “الأمل الوحيد في تخفيض العدد المتزايد للأمراض المزمنة، خاصة بعد أن دفعت الآثار الجانبية الخطيرة وتراجع الثقة في العلاج الكيماوي، الطب التقليدي الحديث إلى طريق مسدود”.

ويُعد البروفيسور أندرياس ميشالسن أحد رواد “الطب البديل” في ألمانيا، الذين يقومون بالربط بين الموروث الطبي القديم والأبحاث الحديثة بطريقة مبتكرة.

أمّا الدكتور أوليريش سترونز، أحد أشهر الأطباء الألمان، فيقول في مقدمة كتابه: “طرق جديدة للعلاج: الصحة تبدأ من الداخل”: “دعونا نعطي لأجسامنا ما تحتاجه حقا”.

ويدعو “سترونز” في كتابه الصادر عن دار “ Suhrkamp Insel” الألمانية، إلى استعادة “التوازن الطبيعي” في الجسم عن طريق تزويده بالمواد البناءة المناسبة، مدعومة بالتغذية السليمة والحركة والاتزان العقلي، وهي “الركائز الثلاث لحياة صحية”، حسب تعبيره.   

ولم يتوقف جديد العلم في مجال الطب البديل عند دعوة “سترونز”، فأخصائيا العلاج الطبيعي آني فانيتشيك وساباستيان فيجل لديهما طريقة جديدة لتخليص الكبد من السموم بالعلاج الطبيعي، عرضاها في كتاب جديد باللغة الألمانية تحت عنوان: “تنقية الكبد بشكل طبيعي: إزالة السموم والتزود بالطاقة من برنامج بروميثيوس- علاج الكبد الناجح”، صدر مؤخرا عن دار “Humboldt” في برلين.

“بروميثيوس” هو “سارق النار” في الأسطورة الإغريقية القديمة، وإليه ينسب المؤلفان هذا “العلاج المجرب عمليا الذي يجمع بين قواعد التغذية وطب الأعشاب والكيمياء الحيوية وتقنيات ارتخاء الأعصاب، فيتجدد الكبد ويزيل السموم من تلقاء نفسه خلال 4 أسابيع، سيشعر بعدها المريض بالانتعاش وبطاقة جديدة تسري في جسده”.

الأدوية النفسية القاتلة

في مجال من المفترض أنه موثوق علميا، تجري العديد من الممارسات الطبية الخاطئة، منها غير المتعمد أحيانا والمتعمد أحيانا أخرى، ومن هذه الممارسات الأخيرة ما يكشفه لنا خبير الطب النفسي البريطاني بيتر كريستيان جوتسشي، في كتابه الصادر حديثا بعنوان “الأدوية النفسية القاتلة والإنكار المرتب: كيف يغامر الأطباء ومصنّعو الأدوية بصحة المرضى عمدا. وهذا لا يؤثر فقط على عدد قليل من المرضى النفسيين الذين يُعالجون في المستشفيات، وإنما على شريحة كبيرة من السكان الذين سرعان ما تتطور عوارضهم النفسية إلى مرض مزمن”.

وفي كتابه الصادر مؤخرا عن دار “Riva” بألمانيا، يعترف بيتر كريستيان بتردي الأوضاع في مجال العلاج النفسي على مستوى قارة أوروبا برمتها، حيث يتم وضع أرباح الأطباء ومصنعيّ الدواء فوق مصلحة المرضي، حسب قوله، فقد اكتشف “كريستيان” عن طريق الأبحاث والدراسات العلمية شبكة من أخطاء التشخيص للحالات، والفساد، و”الكذب الطبي”، حسب تعبيره الغاضب.

شيفرة “اليتيم الأسود”

غريبة هي عناوين بعض الكتب التي قد تطالعها أحيانا، ومنها “علم اليتيم الأسود”، وهو عنوان كتاب يضم رؤى حصرية للباحثيّن الأمريكييّن غرايم مانسون وكوزيما هيرتر، والذي صدر في أغسطس 2017، عن دار “بارنز ونوبل” بالولايات المتحدة.

يأخذ هذا الكتاب القارئ وراء الأبواب المغلقة لمعهد “نيولوتيون” الأمريكي، حيث قام الباحثون بفك رموز وشيفرة ما يُسمى “اليتيم الأسود”؛ أو “علم الاستنساخ” الذي بدأ بالنعجة الشهيرة “دوللي”، من خلال استعراض تاريخ الاستنساخ وعلم الوراثة والبيولوجيا التركيبية والشيخوخة والأمراض الحقيقية التي تسببها الحياة الحديثة، لتجعل من البشر بمثابة “أيتام على مأدبة اللئام”.

وإلى عنوان آخر أكثر غرابة عن واحدة من أكبر الكوارث البشرية المعروفة بالإنفلونزا الإسبانية، أو كما يُسمونها على سبيل التدليل “الوافدة الإسبانيولية”، في كتاب حمل عنوان “الفارس الشاحب: الأنفلونزا الإسبانية لعام 1918 وكيف غيّرت العالم”، وفيه تعود بنا المؤلفة لورا سبيني إلى ذلك التاريخ، في محاولة علمية لتتبع مسيرة هذا الوباء، لتكشف كيف سافر الفيروس عبر العالم، كاشفا عن “ضعف وهشاشة البشرية” كما لم يحدث من قبل، ولا من بعد، على مر التاريخ.  

ويسرد الكتاب الصادر فى سبتمبر 2017 عن دار Kirkus reviews بالولايات المتحدة الكارثة المعروفة، والتي غيرت وجه الإنسانية إلى الأبد.

وفي كتابها الجديد “الدجاج الكبير”، تؤكد مارين ماكينا أن كل ما تأكله الآن مهم لصحتك وللبيئة التي تتحرك فيها، على المدى البعيد، بل إنه مهم حتى للأجيال القادمة، وتغوص بنا الكاتبة في قصة لا تُصدق عن “كيف تقوم المضادات الحيوية بخلق زراعات حديثة، وتغيير الطريقة التي يأكل بها العالم إلى الأسوأ”.

وتوثق “ماكينا” الصحافية المعروفة عالميا والمساهمة في قناة “ناشيونال جيوغرافيك”، كيف حوّلت الهرمونات والمضادات الحيوية الدجاج من كائنات محلية مسكينة إلى سلعة صناعية، على جناح ظاهرة “العولمة” الجديدة في عالمنا الآن.

ويضم الكتاب الصادر عن دار “Penguin random house” الأمركية، رؤى علمية وتاريخية وثقافية، وحكايات تحذيرية عن الأطعمة المفضلة في الغرب، ويكشف لنا “الطريق إلى طعام صحي أكثر” لأنفسنا ولأطفالنا، فضلا عن كشف الدور المذهل للهرمونات للمضادات الحيوية في الزراعة الاصطناعية، ولماذا استطاعت هذه “المخدرات العجيبة” أن تُحدث ثورة في الطريقة التي يأكل بها العالم، وهو ليس تغييراً للأفضل بالضرورة.

باحث “فوق عش الوقواق”

بعد الطب والعلوم، تأخذنا أحدث الإصدارات العالمية إلى عالم الطيور، حيث تكشف لنا جنيفر أكرمان عن العديد من المفاجآت داخل هذا العالم المثير، في كتاب جديد بعنوان “عبقرية الطيور: المواهب المذهلة للطيور”،  مؤكدة أن هذه “المواهب الفريدة تمكن الطير من التكيف مع ظروف الحياة المتغيرة باستمرار ومع التحديات وإيجاد حلول مبتكرة لها”.

وفي هذا الكتاب الصادر حديثا عن دار “Bücher Pustet“، تجمع “أكريمان” بطريقة رائعة بين الحكايات الطريفة الشخصية والتحقيقات الصحافية وبين أحدث المعارف العلمية، نظرا لكون الباحثة شغوفة بالطيور.

وفي أثناء حديثها عن زياراتها إلى علماء الطيور في كل أنحاء العالم، تضع المؤلفة القراء في موضع دهشة مرارا وتكرارا، فمثلاً هناك “غراب كاليدونيا” الذي يعيش في مجموعة جزر في المحيط الهادئ، والذي يصنع الأدوات للحصول على طعامه، أو عن طائر “وقواق الصنوبر” في جبال روكي بالولايات المتحدة، الذي يوزع نحو 30 ألف بذرة من طعامه المفضل على عشرات الكيلومترات، ويتذكر بعد عدة أشهر أين زرعها!

ومن جبال روكي في كتاب “أكرمان”، مازلنا مع أكثر الطيور غرابة في كتاب الطبيعة، على جناح كتاب الباحث نيك ديفيز الذي صدر مؤخرا عن دار “ bloomsbury” بالمملكة المتحدة، تحت عنوان: “الوقواق: الغش من الطبيعة”، وفيه يفسر المؤلف سلوك هذا الطائر من خلال مراقبته لتصرفاته الغريبة، ويتساءل: كيف يقوم الوقواق بوضع بيضه في أعشاش الطيور الأخرى وخداعهم حتى تفقس، ثم إنهم يرعون هذه الصغار ويطعمونها بدلا من ذريتهم الخاصة؟!

ومثل رجال المباحث، قام “ديفيز” وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، بمراقبة هذه الطيور وإجراء تجارب ميدانية لكشف تفاصيل ما يحدث خلال هذا “السباق المسلح” بين الوقواق والمضيفيّن لصغاره، ليجمع خلاصه تجاربه في هذا الكتاب لعشاق الطيور.

ونبقى أيضا مع الطيور، في “دليل هيلم لكشف هوية الطيور” والذي يغطى فيه المؤلف كيث فينيكومب مشاكل تحديد الهوية بالنسبة لبعض الطيور، بالنظر إلى زواج الأنواع المعقدة أو المجموعات منها، وأيضا مقارنة التناقضات في سمات كل منها.

وهذا الكتاب الصادر عن دار Christopher Helm، في بريطانيا، مصمم كدليل يوفر معلومات كثيرة عن هذه الطيور، فضلا عن النصوص التفصيلية، بجانب رسوم توضيحية واسعة النطاق لتناسب القراء من جميع الأعمار.

https://old.booksplatform.net/ar/product/back-to-earth-adobe-building-in-saudi-arabia/