الوصف
الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري
“لا أحد على وجه الأرض يحتكر الحقيقة”. هكذا قال الفيلسوف اليوناني الحكيم سقراط، وهذا – بالضبط- عكس ما أراده الغرب بإطلاقه دعوى “نهاية التاريخ” في نهايات القرن الماضي، وعبر التبشير بنشوء نظام عالمي جديد تسود فيه قيم “العولمة” الغربية، وتحديدًا الأمريكية، لتصبح هي وحدها عقل العالم وفكره، الذي يدير ويهيمن على كل شيء، بينما تظل شعوب الأمم الأخرى مجرد مستهلكة لهذا الفكر الجديد، الذي هو في حقيقته “كسراب يحسبه الظمان ماء”.
ومن البديهي أن هذا الوضع الجديد قد جاء بأسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات، وأصبح لزاما على كل أمة أن تضع جوابها الخاص عن هذه الأسئلة، وأن ترتقي بالجواب إلى مرتبة الاستقلال الذاتي، بعيدا عن الاستسلام لأمة بعينها تحاول فرض جوابها الخاص.
ولمّا كانت الأمة الإسلامية عريقة بتراثها وفكرها، فقد بات عليها أن تسهم في حركة الفكر العالمي، وألا تستسلم للقيم المستوردة، القائمة على المغالطات، خصوصا أن أمتنا تمتلك من الأدوات الثقافية والفكرية ما يضعها في منزلة متقدمة بين الأمم، بل في مصاف الصدارة، ويمنحها “مناعة فكرية” ضد من يحاول تدمير قيمها من أجل إعلاء قيمه الخاصة، حتى وإن كانت لا ترتقي إلى مستوى هذه القيم الإسلامية.
“الجواب الإسلامي” عن أسئلة هذا الزمان كان محور كتاب الفيلسوف المغربي الدكتور طه عبد الرحمن المعنون “الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري”، والذي يأتي بمثابة جزء من شهادته الفلسفية على عالمنا المعاصر، والذي لا مجال فيه لأمة بعينها أن تتسلط وتفرض هيمنتها على الأمم الأخرى، كما يأتي الكتاب في إطار المشروع الفكري للفيلسوف المغربي الرافض للحداثة الغربية وأدواتها.
بأسلوب هادئ، وتحليل عميق، يعرض عبد الرحمن في كتابه أدلة منطقية عديدة ومتسلسلة ومترابطة بإحكام، تثبت أن القيم والأخلاق الإسلامية هي وحدها التي يمكن أن تُنظم العالم، وتضع المعايير لجميع الأمم، بحيث لا يطغى بعضها على بعض.
ولكن مع ذلك ينبه المؤلف إلى أن الأمة المسلمة لا تجيز لنفسها الاستبداد في شأن إجابات أسئلة الخصوصية والكونية, فهي تقر بأن لكل أمة من الأمم الأخرى حق في أن تجتهد لتحديد جوابها الخاص, بينما لا تتيح الأمة الغربية هذا التنوع، وإنما تزعم أن جوابها هو الجواب الذي ينبغي أن تأخذ بها الأمم جميعًا.
إن روح “الجواب الإسلامي” عن أسئلة هذا الزمان تتجلّى، من وجهة نظر المؤلف، في حقيقتين اثنتين: الأولى هي الإيمان، الذي يُتوصل إليه بالنظر في مختلف الآيات الكونية، أي بالنظر الملكوتي الذي ينفذ إلى عمق هذه الآيات، بحثا عن الأجوبة الشافية.
والحقيقة الثانية هي التخلّق، الذي يُتوصّل إليه بالتعامل مع مختلف الأشخاص والأمم أجمعين، أي بالعمل التعارفي بوصفه مؤسساً للعمل التعاوني. وهو يحمل جوهر التواصل مع كل البشر وتقبُّلا للاختلاف عنهم.
تصادم القيم وصدام الحضارات
قسم عبد الرحمن كتابه إلى ثلاثة أبواب، تناول كل باب منها مبحثا واحدا توزع على عدة فصول، فخصص الباب الأول للحديث عن النقد الإيماني للواقع الكوني، واختص فصله الأول بالحديث عن تصادم القيم داخل المجتمع الواحد، مبينا فيه أن السبب فيه هو المبادئ التي يقوم عليها “النظر المُلكي”، وهو نظر في الظواهر، موضحًا أن هذا الصدام بين القيم، لا يمكن أن يندفع إلا إذا تم الأخذ بالنظر الملكوتي، وهو نظر في الآيات الحاملة للقيم، فيؤسس العقل على مبدأ الإيمان، والسياسة على مبدأ الخير، والثقافة على مبدأ الفطرة.
وخلص المؤلف من تحليله في هذا الفصل إلى أن الحديث عن اختلاف القيم اختُصت به التعددية القيمية المعاصرة، وهي مذهب فلسفي أخلاقي سياسي يقول بمبدأ تصادم القيم، ومقتضاه أن للقيم معان متغايرة، ومتباينة فيما بينها.
وقد أحاطت بظهور هذا المبدأ ظروف خاصة، أول هذه الظروف هو ظرف “الحداثة” الذي قام على “مبدأ التعارض بين العقل والدين” وقد كان هذا التعارض سببًا في تسيّب عقلي صريح. وثاني هذه الظروف هو ظرف “الليبرالية” الذي قام على “مبدأ التعارض بين السياسة والأـخلاق”، وقد كان هذا التعارض سببًا في تسلط سياسي شامل. أما ثالث هذه الظروف فهو ظرف “صدام الحضارات” الذي قام على مبدأ التطابق بين الثقافة والأخلاق وقد كان هذا التطابق سببًا في تطرف ثقافي بعيد.
وهذا البحث في تصادم القيم، أظهر للمؤلف حقيقتين جوهريتين، إحداهما أن صدام القيم مفهوم نبت في أرض الثقافة الغربية، أيّ في ثقافة الواقع الكوني، وليس في غيرها، إذ ثبت أن القيم متصادمة داخل هذه الثقافة الواحدة. والحقيقة الثانية هي أن هذه الثقافة نقلت صفة “الصدام” من علاقة القيم بعضها ببعض داخلها، إلى علاقة الثقافات بعضها ببعض في الخارج. وهذه الثقافة – طبقا لعبد الرحمن- هي التي بثت فكرة الصدام في الأذهان، وأنشأت لها الأسباب، حتى انحصر الكلام في “صدام الثقافات”، أو “صدام الحضارات”. أما ما سواه من كلام، في صدام القيم داخل الثقافة الغربية، فقد عاد نسياً منسيًا.
تجميل القبح الغربي
انتقل عبد الرحمن في الفصل الثاني من الباب الأول في الكتاب، للحديث عن تدمير القيم الإسلامية، مؤكدًا أن ثقافة الأمة هي جملة القيم التي تتمسك بها الأمة وتُقوّم بها كل أعمال أبنائها، وتصرفاتهم، بينما ثقافة الواقع الكوني هي ثقافة منفصلة، بمعنى أن قيمها مقطوعة عن أصولها في عالم الآيات وعالم الإيمان، ومنظور فيها على مقتضى النظر في عالم الظواهر. أما ثقافة الأمة المسلمة فهي ثقافة متصلة، بمعنى أن قيمها موصولة بعالم الآيات الذي ينفتح للناظر فيها باب الإيمان.
وفصل المؤلف في هذا الجزء من كتابه أنواع الطرق التي سلكها الواقع الكوني في تدمير الثقافة الإسلامية، التي هي – كما يؤكد- الذخيرة لهذه القيم، مقترحًا عددًا من الآليات والأساليب التي يمكن من خلالها دفع أشكال هذا التدمير القيمي، الذي يهدف إلى تجميل القيم الغربية على حساب القيم الإسلامية.
في الفصل الثالث من هذا الباب انتقل الفيلسوف المغربي إلى الحديث في تفضيل القيم الأمريكية، موضحًا كيف يتجلى هذا التفضيل في بيان المثقفين الأمريكيين عن أحداث سبتمبر عام 2001، كاشفًا عن الأخطاء في الفهم، والمغالطات في القول، والاختلالات في المسلك، التي بُنى عليها هذا التفضيل.
وعبر تحليله، يتوصل عبد الرحمن إلى مجموعة من الحقائق أولها أن مفهوم “صدام الحضارات”، أو “صدام الثقافات”، لم ينتجه واقع علاقات الأمم بعضها مع بعض، وإنما أنتجته ثقافة واحدة بعينها هي الثقافة الغربية أي الأوروبية الأمريكية، التي أضحت ثقافة الواقع الكوني، ذلك أنها قامت بتوسيع مفهوم “صدام القيم” الذي يعاني منه كيانها، لكي يصبح دالاً على معنى الصدام الحضاري، أو الصدام الثقافي بين الأمم المختلفة، إصرارًا منها على تقرير مفهوم الصدام في التداول الثقافي والسياسي العام.
الحقيقة الثانية التي توصل إليها الكاتب هي أن هذا الصدام ليس تصادمًا يحدث بين طرفين، كل واحد منهما يصطدم بالآخر، بمعنى أن الصدام يحدث في اتجاهين، وإنما هو صدام يقع في اتجاه واحد، والصادم هنا هو الثقافة الغربية فقط، أما المصدوم فهو باقي الثقافات.
الإبقاء على هذا اللبس– من وجهة نظر عبد الرحمن- يدخل في سياق ما تمارسه ثقافة الغرب من تحريف المفاهيم عن مواضعها، وقلب الحقائق، وتلبيس الحق بالباطل، حتى تبلغ مرادها من التمكن في الأرض، وحتى تبقى لها فسحة اتهام الأمم التي تعارض مشاريع الهيمنة على الواقع الكوني.
وأما ثالث الحقائق، فهو أن الأمة التي تستحق في نظر أرباب الثقافة الغربية المعاصرة أن تؤخذ قبل غيرها بالصدام والعنف مع الإيهام بأنها البادئة بهما، هي الأمة المسلمة. وهنا يوضح الفيلسوف المغربي أن هؤلاء استقر رأيهم على أنه ليس في القيم مثل القيم الإسلامية مخالفة لقيمهم الكونية، ومقاومة لإرادتهم في تعميمها على باقي الأمم.
ولكن ماذا فعل الغرب تجاه هذا الوضع؟ ..
يجيب عبد الرحمن بأن الغربيين قرروا تدمير القيم الإسلامية بمختلف الوسائل التي يملكونها، حتى يمهدوا الطريق لبث قيمهم، وترويجها فجلبوا للأمة من المفاسد الثقافية مالا يخرجها منه إلا حدوث انقلاب في وجه التثقيف أو على الأقل حدوث مقابلة تثقيف بضده.
وهذه المعطيات تصل بالفيلسوف المغربي إلى عدد من النتائج التي تثبت وجهة نظره، ووجاهة طرحه، أولها أن الواقع الكوني لا يصدم ولا يهدم القيم الإسلامية إلا على أساس مسلمة جوهرية.
ثانيا: أنه لمّا كان طور الواقع الكوني الحالي هو الطور الأمريكي بلا منازع، فمن البديهي أن يكون تفضيل قيمه على سواها إنما هو تفضيل للقيم الأمريكية على ما عداها، بحيث تصير القيم الكونية هي “الأمريكية” وحدها.
ثالثا: لمّا كانت قيم الأمة الأمريكية قيم أمة بعينها، أفضى تعميمها على باقي الأمم إلى الوقوع في تناقض كبير، وهو أن القيم النسبية قيم كونية.
رابعا: أن الواقع الكوني لا يسعه إزاء هذا التناقض الفاحش إلا أن يشتغل بنفسه، حتى يبقى على استحواذ قيمه على الناس كافة.
خامسا: أن واجب الاستدلال يصبح في ذمة الأمريكيين ما دامت قيمهم الخاصة هي التي نسبت إليها الصفة الكونية، وما داموا يتعاملون مع الأمم الأخرى على مقتضى كونية القيم الأمريكية، لا يبالون إن كانت تصدم أو تهدم قيمها.
الفكر المتصلب والوقاحة الاستعلائية
الباب الثاني خصصه المؤلف لعرض نقده الأخلاقي للواقع الكوني المعاصر، وتناول في الفصل الأول منه الفكر المتصلب، ووقاحته الاستعلائية، مبينًا فيه أن الاختلاف الفكري بين الأمم على نوعين هما “الاختلاف الليّن”، وهو يعرفه بأنه الاختلاف الذي يحدث في العمل التعارفي، ثم “الاختلاف الصلب”، ويعرفه بأنه الاختلاف الذي يحدث في العمل التعاوني، وهو عمل يجوز أن يقع فيه توقح الأمم بعضها على بعض. وفي هذا الفصل أيضًا عرض عبد الرحمن المبادئ الأخلاقية الكفيلة بأن تحفظ الأمم من السقوط في هذه الوقاحة التي تنتزع منها القيم الإنسانية، منتهيا إلى أن الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان قد ارتقى مرتقى يؤهله إلى أن يجنب الإنسان الكوني شرور وقاحة الاستعلاء، وذلك بأن يجرّد كل أمة مستبدة في هذا الواقع الكوني من وقاحتها الظالمة، مؤكدًا أنه “لا ظلم بغير وقاحة، ولا وقاحة بغير ظلم، والعكس بالعكس، أي أنه لا عدل بغير حياء، ولا حياء بغير عدل”.
أما الفصل الثاني من هذا الباب فقد خصصه للحديث عن الفكر الاثنيني، ووقاحته الإنكارية، حيث يأخذ بمبدأ التباين بين الذات والآخر، ويمثله في الواقع الكوني الفكر الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
ويقول عبد الرحمن أن هذا الفكر تتجلى وقاحته في إنكار حق الأمم الأخرى في الاختلاف الفكري، شارحًا الأركان التي تُبنى عليها هذه النزعة الاثنينية، وموضحًا كيف أن النقد الأخلاقي للاثنينية يوجب الأخذ بمبدأ الجهاد الأخلاقي، الذي يقضي بتداخل الذات والآخر معا، كما يوجب اتخاذ الجهادية الأخلاقية طريقًا يوصل إلى درء شرور الاثنينية ووقاحة الفكر الاستعلائي.
وأفرد المؤلف الفصل الثالث من الكتاب للحديث عن الفكر الأحادي، ووقاحته الاجتثاثية، وهو الفكر الذي تولد عن النظام العالمي الجديد، مستخرجًا خصائصه الأساسية، وآفاته المختلفة، في مجالاته الثلاثة وهي: “الإعلام”، و”الاقتصاد”، و”المعلوميات”.
ويورد الكاتب هنا المبدأ الإسلامي الذي يمكّننا من دفع هذه الوقاحة ومحو هذه الآفات، وهو مبدأ “الحكمة” الذي يقتضي ركنه الأول وهو “التفكير” تأسيس النظر المُلكي على النظر الملكوتي في مجال الإعلام، بينما يقتضي ركنه الثاني، وهو التفكّر، تأسيس العمل التعاوني، على العمل التعارفي في مجال الاقتصاد، وأخيرًا يقتضي ركنه الثالث وهو التفاكر تكامل القيم الملكوتية والقيم التعارفية في مجال “المعلوميات”.
تأصيل الأخلاق
“تفعيل الإيمان وتأصيل الأخلاق” كان موضوع الباب الثالث، فيبيّن المؤلف في الفصل الأول من هذا الباب كيف أن الإيمان الملكوتي لا يمكن حفظه، فضلاً عن تقويته، إلا بالاشتغال بتفعيله، ولا يتأتى هذا التفعيل إلا بأن يرتقي الإنسان إلى مرتبة خاصة، في بذل الجهد، وهي الجهد الارتقائي.
ويوضح فيلسوفنا أن هذا الجهد يمكن الإنسان من أن يجعل من أفعاله تطبيقات للقيم العملية، التي حملها الدين المُنّزل إلى الإنسان، كما يبيّن كيف أن هذا التفعيل للإيمان يُكسب ذات المؤمن كيانًا متصلاً، وأن هذا الكيان المتصل، هو الذي يجعل هذه الذات تتواجد بعوالم مختلفة، فضلاً عن وجودها في عالم الواقع.
وأوضح عبد الرحمن في الفصل الثاني من الباب الأخير، كيف أن التخلّق التعارفي لا يمكن حفظه، بل ترسيخه، إلا بالاشتغال بتأصيله، وأنه لا يتأتى هذا التأصيل، إلا بأن يرتقي الإنسان، إلى مرتبة أسمى، في بذل الجهد، وهي الجهد الاكتمالي.
هذا الجهد الأرقى – كما يصفه فيلسوفنا- يمّكن الإنسان من أن يعلو بتعامله مع الآخرين إلى رتبة تعامله مع عقائدهم الدينية، مضفيًا عليه قدسيتها الخاصة، وموضحًا كيف أن هذا التأصيل للتخلق يورث الإنسان اتصالاً في ديمومته، والديمومة المتصلة هي التي تجعل ذات الإنسان تجمع إلى ظهورها في الزمان تمسكًا بأسباب تخرجها عن حدوده وتدخلها أكناف الخلود القدسي.
وفي خاتمة الكتاب التي جاءت تحت عنوان “لم الخوف من الإبداع؟” أكد طه عبد الرحمن أن الهدف من هذه الخاتمة، ليس تجميل ما ورد في الكتاب، وإنما الهدف منها هو الرد على الاعتراضات المحتملة، على ما جاء بالكتاب من أفكار.
وحدد الكاتب الاعتراضات المحتملة بثلاثة، أولها اعتراض محتمل على أخلاقية الجواب الإسلامي، والثاني اعتراض محتمل على مسلمات الجواب الإسلامي، أما الثالث فاعتراض محتمل على مفاهيم الجواب الإسلامي.
وهكذا، جاء كتاب “الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري” مليئًا بالأفكار الجديدة التي تعكس القدرة الفائقة للفيلسوف المغربي على الاستدلال والاستنباط، وتوليد المفاهيم، والدلالات، والاصطلاحات. وكعادته دائما في كتبه، جاء هذا الكتاب مطعما بالأسلوب العربي الرصين والخلفية القرآنية العميقة. كما جاء منسجمًا مع كتب المؤلف السابقة، التي تشكل جميعها لبنات مشروعه الفكري الرافض للحداثة الغربية، والمتصدي لمحاولات قطع الصلة بالتراث الإسلامي العربي، الذي يحمل قيما يؤكد أنها الأعلى والأرقى، وأنها فقط تحتاج إلى إعادة قراءة بشكل منصف وبأدوات مأصولة وليست منقولة من ثقافات مغايرة.