الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

تاريخ الشعوب العربية

تمت ترجمة الكتاب من خلال  دار هاشيت أنطوان 

مؤلف هذا الكتاب أشهر من نار على علم:انه المفكر والباحث الإنجليزي الكبير ألبرت حوراني. وقد ولد في مدينة مانشيستر بإنجلترا عام 1915 من أبوين لبنانيين. ثم أكمل دراساته العليا في أوكسفورد. وبعدئذ انتقل إلى لبنان حيث أصبح أستاذا في الجامعة الأميركية ببيروت.

ثم اشتغل دبلوسياً أو كمستشار لدى وزير الدولة البريطاني في القاهرة، وذلك أثناء الحرب العالمية الثانية. وبعد انتهاء الحرب عاد إلى أوكسفورد كأستاذ ذي كرسي لكي يدرس فيها طيلة حياته الجامعية وهذا الكتاب الذي ينشر للمرة الثانية في طبعة جديدة منقحة مرفق بمقدمة لم تنشر من قبل للدكتور ماليز روتفين الأستاذ في جامعة كاليفورنيا وأحد كبار المختصين بالحركات الأصولية المعاصرة.

هذا ويعتبر كتاب البروفيسور حوراني أحد المراجع الأساسية لطلبة الجامعات والدراسات العليا وكل من يريدون الاطلاع على تاريخ الشعوب العربية وثقافتها وقضاياها وحضارتها. ينقسم هذا الكتاب الضخم إلى خمسة أجزاء أساسية، وكل جزء يتفرع إلى عدة فصول. فالجزء الأول مثلا يحمل العنوان التالي: تأسيس عالم بأسره ( بين القرنين السابع والعاشر للميلاد).

وفيه يتحدث المؤلف عن ظهور الإسلام ودخول العرب إلى مسرح التاريخ بعد أن كانوا متبعثرين، متشتتين، منقسمين إلى قبائل وأفخاذ متناحرة. ولكن المؤلف يعطي قبل ذلك فكرة عامة عن وضع العرب في الجاهلية: أي قبل ظهور الإسلام. ثم يتحدث بعدئذ عن كيفية تشكيل الإمبراطورية العربية الإسلامية في زمن الخلافة الأموية بدمشق، ثم الخلافة العباسية ببغداد.

وفي الجزء الثاني من الكتاب يتحدث المؤلف عن أوضاع المجتمعات العربية الإسلامية (بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر للميلاد). وهنا يتعرض المؤلف لمسألة العلاقات بين العرب والفرس والترك داخل الإمبراطورية الإسلامية. كما يتحدث عن العلاقات الكائنة بين العرب المسلمين وبقية الآخرين: أي العرب المسيحيين، واليهود.

ثم يعطي المؤلف فكرة عن العلاقة بين الأرياف والمدن داخل الإمبراطورية العربية الإسلامية. ويولي عناية خاصة لدراسة العلاقات الكائنة بين المسلمين وغير المسلمين داخل المدن ويقول بالحرف الواحد: كانت المدينة نقطة لقاء وتمييز في آن معا. ففي معظم المدن كانت هناك أقليات مسيحية ويهودية تعيش جنبا إلى جنب مع العنصر الغالب: أي الأكثرية الإسلامية.

وكان اليهود والمسيحيون يلعبون دورا لا يستهان به داخل الحياة العامة للمجتمع ولكنهم كانوا يعانون من بعض التمييز أيضا. فقد كانوا يدفعون للدولة ضريبة الجزية في حين أن المسلم معفى منها. وكان ينبغي عليهم أن يظهروا شارات تدل على دينهم وتميزهم عن غيرهم. وهي شارات احتقارية لأن المسلم غير ملزم بها.

كانوا مطالبين مثلا بألا يلبسوا بعض الثياب ذات اللون الأخضر الدال على الإسلام. وبالتالي فثيابهم كانت من نوع معين يدل عليهم لكي يعرف المارة بأنهم غير مسلمين.

ثم يردف المؤلف قائلا: وكانوا مطالبين بعدم حمل السلاح وهم يمشون في الشارع وبعدم ركوب الخيل على عكس المسلمين الذين يحق لهم ذلك. وكانوا مطالبين بعدم بناء كنائس أو صوامع جديدة. وما كان يق لهم ترميم أماكن عبادتهم السابقة أو القديمة إلا بعد أخذ إذن خاص من الدولة الإسلامية. وكذلك كانوا مطالبين بعدم رفع أماكن عبادتهم لكي توازي مساجد المسلمين أو ترتفع فوقها مثلا.

بالطبع فإن كل هذه القيود الحصرية كانت نظرية ولم تكن تطبق على حرفيتها. كان هناك تساهل في تنفيذها. وعلى الرغم من هذا التمييز إلا أنه يمكن القول بأن وضع الأقليات المسيحية واليهودية في أرض الإسلام كان أفضل من وضع اليهود أو المسلمين في الغرب المسيحي الأوروبي إبان العصور الوسطى. انظر كيف طردتهم ملكة إسبانيا من بلادها بشكل جماعي بعد انهيار الحكم العربي الإسلامي في الأندلس.

هناك مجالان ما كان يمكن التساهل فيهما مع أهل الذمة هما: الإرث والزواج. فغير المسلم لا يمكن أن يرث المسلم في حين أن العكس وارد. وغير المسلم لا يمكن أن يتزوج مسلمة في حين أن المسلم يمكن أن يتزوج يهودية أو مسيحية. وغير المسلم يمكن أن يغير دينه ويصبح مسلما. أما المسلم فيمنع عليه منعا باتا تغيير دينه لأن ذلك يعتبر بمثابة الردة وعقوبتها القتل. وبالتالي فلم تكن هناك مساواة في الحقوق، ولكن كنا في العصور الوسطى آنذاك، ولا ينبغي أن ننسى ذلك.

ثم يتحدث البروفيسور البرت حوراني بعدئذ عن ثقافة علماء الدين، وعن الفقه والشريعة، وعلم الكلام، والغزالي… وبعدئذ يتحدث عن إسلام الفلاسفة، وعن ابن عربي والصوفية، وعن ابن تيمية والتراث الحنبلي، وعن تيارات الفكر الشيعي، وعن الفكر المسيحي واليهودي المكتوب بالعربية.

وفيما يخص الفلاسفة يقول أستاذ أوكسفورد بما معناه: إذا كان الفقه والعلوم المحيطة به يقع في مركز الاهتمام داخل المجتمع الإسلامي القديم، وإذا كان هو المدرَّس في المساجد والمدارس إلا أنه كانت توجد أيضا معرفة أخرى من نوع مختلف.

كانت هناك المعرفة الفلسفية. وميزة الفلاسفة هي أنهم كانوا يولون أهمية كبرى للعقل البشري على عكس الفقهاء. وكانوا يعتقدون بأن العقل إذا ما تقيد بمبادئ المنطق التي نصّ عليها أرسطو فإنه يستطيع التوصل إلى حقائق برهانية أو يقينية. وبالتالي فهناك طريقان للمعرفة: طريق الوحي والدين، وطريق العقل والفلسفة، وهما ليسا متعارضين وإنما متكاملان إذا ما أحسنا فهمهما.

وقد دشن التيار الفلسفي في عالم الإسلام مفكران هما: الكندي والفارابي. ثم وصل هذا الفكر إلى ذروته على يد ابن سينا (980-1037). وهذا الفيلسوف الشهير مارس تأثيرا كبيرا على الثقافة الإسلامية اللاحقة كلها. بل ووصل تأثيره إلى الغرب اللاتيني المسيحي حيث أصبح أستاذا للغرب مثل ابن رشد.

وفي احد النصوص يتحدث ابن سينا عن سيرته الذاتية ويقول بأنه تعلم القرآن الكريم والحديث الشريف في طفولته، ثم درس في الوقت ذاته مبادئ اللغة العربية ونحوها وصرفها. وبعدئذ درس الفقه والتشريع الإسلامي، وأخيرا درس العلوم العقلية والمنطق والرياضيات والفلسفة والميتافيزيقيا. وهكذا جمع في شخصه بين العلوم الدينية والعلوم الدنيوية.

ثم يردف البروفيسور حوراني قائلا: لقد استطاع ابن سينا بعبقريته الخاصة أن يشكل نظرية كاملة عن المعرفة وأن يصالح التراث الإسلامي مع الفلسفة اليونانية بطريقة مبتكرة ومدهشة. ولكن الغزالي تصدى له في كتابه الشهير (تهافت الفلاسفة) وقال بأنه ارتكب أخطاء كبرى.

ولكن ابن رشد الذي جاء بعد الغزالي بحوالي النصف قرن حاول التصدي له بدوره والدفاع عن الفلسفة. ولذلك أصدر كتابه الشهير أيضا: تهافت التهافت: أي تهافت كتاب الغزالي الذي يهاجم الفلاسفة تحت عنوان: تهافت الفلاسفة والذي كنا قد ذكرناه آنفا.

ويعيد المؤلف دخول الحضارة الإسلامية في عصر الانحطاط والتقوقع على الذات والدروشة إلى انتصار تيار الغزالي على تيار ابن سينا وابن رشد. وهكذا ماتت الفلسفة في العالم العربي الإسلامي وماتت معها العلوم السببية أو العقلانية. وفي ذات الوقت راحت أوروبا تستيقظ من سباتها العميق وتترجم فكر العرب وتبني عليه نهضتها المقبلة عن طريق احترام العلم والعقل.

ثم يتحدث المؤلف في الجزء الثالث من كتابه الكبير هذا عن العصر العثماني (بين القرنين السادس عشر والثامن عشر). أما الجزء الرابع من الكتاب فيتخذ العنوان التالي: عصر الإمبراطوريات الأوروبية (1800-1939). هذا في حين أن الجزء الخامس والأخير يتحدث عن العالم العربي بعد الاستقلال (أي بعد عام 1939 أو حتى 1945). إنه كتاب ضخم شامل جامع ضروري لكل من يريد الاطلاع على تاريخ الشعوب العربية منذ أقدم العصور وحتى اليوم.

 تاريخ الشعوب العربية

المصدر: البيان

للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية

https://old.booksplatform.net/ar/product/arbeite-kluger-nicht-harter/

 

https://old.booksplatform.net/ar/product/the-techno-human-condition/

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP