الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
اعترافات القديس أوغسطين
تمت الترجمة من خلال دار التنوير
اشتهر أوغسطين بكتابه: الاعترافات، كتاب أجمع نقاد الأدب على اعتباره تحفة فنية في تاريخ التراجم الذاتية، مع تحليلات سيكولوجية تشريحية للذات الإنسانية، كل ذلك في وصف صريح ودقيق للمشاعر يندر أن يوجد مثله.
فهذا الفيلسوف عاش في شبابه حياة المجون لأقصى مدى، ثم مرّ بأزمة روحية جعلته يتقلب بين الأديان، ثم استقر به الحال في الكاثوليكية، بروح منغمسة بالكامل في أسر الشعور بالذنب والإحساس بالخطيئة ، إنها اعترافات روح إنسان مرهق بالخطيئة، إرهاقاً جعله لوّاما للإنسان بصورة جنونية و لدرجة أنه يتحدث عن خطايا الطفولة ونفس الطفل الشريرة!
كتَب أوغسطين :
– أنا الإنسان الشقي! من ينقذني من جسدي هذا: جسد الموت . ويقول بالإثم صُورت والخطيئة قد حبلت بي أمي.
– ويل لك أيتها الشهوة، إنك تسودين البشر وتجرفينهم إلى تيارك. من يقدر أن يقف في طريقك؟ إلى متى لا تضعف قوتك؟ إلى متى تدفعين أبناء حواء في خضم محيطك الواسع المخيف؟ ذلك المحيط الذي لا يقدر أن يعبره إلا الذي يقدر أن يحتمل البلايا، ومع ذلك فهو لا يعبره إلا بالمشقة.
لقد بلغ التطرّف بأوغسطين كل مبلغ. وشطحت به الخطوات لدرجة كره معها اللذة والجنس مطلقاً، شهوة الجسد الترابية على حد تعبيره.
هذا الرجل هو أحد أهم الشخصيات التي أثـّرت في الثقافة المسيحية الغربية الوسيطة، وتركت بصمتها واضحة على قرون متتالية أتت بعده. وقد وصفته أستاذة اللاهوت الألمانية أوتا رانكة هاينمان، في كتاب لها يحمل اسم:
(Eunuchs for the Kingdom of Heaven) (المخصيون في مملكة السماء) بأنه الرجل الذي أشعل في المسيحية كراهية الجنس. إلا أن عزوف القساوسة والرهبان عن الزواج ليس بسبب ما كتبه أوغسطين عن الجنس والشهوة، بل هذا العزوف أقدم من أوغسطين بكثير، ففي رسالة بولس الرسول، الأولى إلى أهل كورنثوس، يقول: و أما من جهة الأمور التي كتبتم لي عنها، فحسنٌ للرجل ألا يمس امرأة، لأني أريد أن تكونوا مثلي، أقول لغير المتزوجين وللأرامل إنه حسنٌ لهم إذا لبثوا كما أن يكونوا جميعاً كما أنا .
من هنا يتضح، أن أوغسطين هو الآخر، كان ضحية لتشويه (بولس/ شاؤول) للمسيحية، ولم يكن ضحية لدين المسيح، فدين المسيح ودين محمد صلّى الله عليهما وسلّم مصدرهما واحد هو الله سبحانه وتعالى، فهذا الرجل (بولس/شاؤول ) لم يكتف بتشويه العقيدة المسيحية وتحريفها، بل شوه الجانب الأخلاقي فيها بالدعوة لإلغاء الشهوة، يقول بعض الباحثين إن السبب في تلك الدعوة أن بولس / شاؤول كان شاذاً من الناحية الجنسية، وأيا ما كان الأمر، فإن معارضة الغريزة الجنسية الطبيعية بهذه الصورة، هي قانون للتعاسة، و هي سبب الشذوذ والفوضى والانحراف والفوضى الأخلاقية التي انفجرت بعد ذلك فيما يسمّى بزمن الحداثة الغربية والثورة على القرون الوسطى.
المصدر: صحيفة الشرق – خالد الغنامي
اعترافات القديس أوغسطين
للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية
This post is also available in: English (الإنجليزية)