مقدّسات ومحرّمات وحروب: ألغاز الثقافة

عنوان الكتاب مقدّسات ومحرّمات وحروب: ألغاز الثقافة
المؤلف مارفين هاريس
الناشر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
البلد لبنان
تاريخ النشر 27 إبريل،2017
عدد الصفحات 248

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

مقدّسات ومحرّمات وحروب: ألغاز الثقافة

تمت الترجمة من خلال المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

صدر هذا الكتاب حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، ضمن سلسلة “ترجمان”. وعنوان هذا الكتاب في لغته الأصلية هو Cows, Pigs, Wars and Witches: The Riddles of Culture (288 صفحةً موثقًا ومفهرسًا)، وقد ترجمه إلى العربية أحمد م. أحمد. ويرى مؤلف هذا الكتاب، مارفن هاريس، أنّ الجهل والخوف والتناقض هي العناصر الأساسية للوعي اليومي؛ من خلال بحثه في أنماطٍ من الحياة تبدو، أوّلَ وهلةٍ، لاعقلانيةً وغير قابلة للتفسير. فهو يرى أنّ بعض الأعراف المحيّرة يظهر بين الشعوب الأمّية أو البدائية، وقد انتخب في بحثه حالات خلافيةً تبدو ألغازًا عصيّة على الحلّ.

أبقار وخنازير

في الفصل الأول، “الأم – البقرة“، يرى هاريس أنّ صورة المزارِع الهندي المتضور جوعًا حتى الموت والجالس بجانب بقرة سمينة “تسرِّب شعورًا مدغدغًا من الغموض لدى المتلقّين الغربيين. إنها، في ما لا يُعدّ ولا يحصى من أوهام مكتسَبة واسعة، تعزّز قناعتنا الأعمق بالكيفية التي يتحتم من خلالها أن يتصرف وفقها أناسٌ بعقلياتهم الشرقية المبهمة”. وإذْ يبحث المؤلف في مسألة حبّ الهنود لأبقارهم وتبجيلها، يرى أنّ “حبّ البقرة”، بالنسبة إلى المراقبين الغربيين من ذوي الدراية بالأساليب الصناعية العصرية للزراعة وارتفاع أسعار الأسهم، يبدو “عديم الجدوى، بل حتى انتحاريًّا. يتطلّع خبير الكفاءة إلى أن يضع يده على سائر تلك الحيوانات عديمة الفائدة ويشحنها إلى مصير أكثر جدوى”. ويرسم بالأرقام معالم الدور الاقتصادي للبقرة في مجتمع الهند الزراعي.

في الفصل الثاني، “محبّو الخنزير وكارهوه“، يتناول هاريس مسألة تحريم الخنزير عند المسلمين واليهود وبعض المسيحيين، ويتناول – من جهة أخرى – تقديس قبائل المزارعين له في قرى نيو غينيا، وفي الجزر الميلانيزية جنوب المحيط الهادئ. ويقول المؤلّف إنّ الأكثر شيوعًا، قبل عصر النهضة، أنّ الخنزير أشدّ قذارةً من الحيوانات الأخرى؛ لأنه يتمرغ في بوله، ويأكل البراز. لكنّ الأبقار التي تُربَّى في حيّز مغلق تغوص، كذلك، في بولها وروثها. ويعرض هاريس قول موسى بن ميمون، طبيب بلاط صلاح الدين في القرن الثاني عشر: “الرّب قصد من وراء الحظر على لحم الخنزير نظامًا صحيًّا شعبيًّا، لأنّ لِلَحم الخنزير أثرًا ضارًّا وسيّئًا في الجسم”، واكتشف اتصال داء الشّعْرية بلحم الخنزير غير المطبوخ طبخًا كاملًا، ليقول إنّ لحم العجل غير المطبوخ جيدًا هو، كذلك، مصدر للطفيليات، ولا سيما الديدان الشريطية، وهو أمرٌ يناقض مسألة التحريم برمتها.

ذكور وحروب

يدرس هاريس في الفصل الثالث، “الحرب البدائية“، مسألة الحروب التي تشعلها القبائل البدائية المتفرّقة. فللحروب البدائية، مثلها مثل “حب الأبقار”، أو “كره الخنازير”، أساسٌ عملي؛ إذ يقول: “يذهب الناس البدائيون إلى الحرب لأنهم يفتقدون حلولًا بديلةً لبعض المشكلات؛ حلولًا بديلةً تقلّ فيها المعاناة والموت قبل الأوان”. وبعد أن يقدِّم وصفًا مفصلًا لآلية الحرب بين قبائل المارينغ البدائية، ويردّها إلى نموّ سكاني ضاغط، يستنتج أنّ الحرب كانت جزءًا من إستراتيجية التكيف المرتبطة بأوضاع تقنية وسكانية وبيئية محددة؛ وذلك من خلال قوله: “لا نحتاج إلى استدعاء غرائز وهميّة خاصة بالقاتل أو دوافع غامضة أو متقلبة كي نفهم السبب الذي يكمن وراء الشيوع الواسع للقتال المسلح في تاريخ البشرية […] وعندما تقتنع الإنسانية بأنها ستخسر في الحرب أكثر ممّا يمكنها أن تجنيه، ستوجد وسائل أخرى لحلّ النزاعات بين الجماعات”.

في الفصل الرابع، “الذكر الهمجي“، يبحث هاريس في مسألة قتل الإناث التي تمثّل أحد مظاهر الفوقية الذكورية. ويبدو، بحسب ظنّه، أنّ هناك مظاهر أخرى للفوقية الذكورية متجذرةً في الضرورات الحيوية للنزاع المسلح. يقدّم المؤلف قبيلة يانومامو، وهي من القبائل الهندية الأميركية على حدود البرازيل وفنزويلا، أنموذجًا للشراسة الذكورية. وفي هذا السياق، يصحح مفهوم أنصار الحركة النسوية القائل إنّ التركيبة البنوية ليست حُكما لا رجعةَ فيه؛ إذ يقول: “بل إنّ التكوين البشري يمثّل حكمًا لا رجعة فيه في ظل أوضاع معينة. فعندما كانت الحرب وسيلةً بارزةً للتحكم في عدد السكان، وعندما تكوّنت تكنولوجيا الحرب أساسًا من الأسلحة البدائية المحمولة، كانت أنماط حياة الذكور الشوفينيِّين بالضرورة مسيطرةً. وبما أنّه لا ينطبق أيّ شرط من هذه الشروط على العالم اليوم، فإنّ مؤيدي الحركة النسائية على حقّ في توقّعهم بشأن تدهور أنماط حياة الشوفينيّين الذكور”.

أوهام استعراضية

يدرس هاريس في الفصل الخامس، “مهرجان الشتاء“، ميلَ الإنسان إلى المنافسة الحادة ابتغاءً للمكانة الرفيعة. ويرى أنّ الحالة الأكثر غرابةً، من بين حالات البحث عن المكانة، اكتُشفت بين الهنود الحمر الذين سكنوا المناطق الساحلية من جنوب ألاسكا وكولومبيا البريطانية وواشنطن؛ إذ يقول: “هناك، مارَس الباحثون عن المكانة ما يشبه حالة هوس في الاستهلاك الاستعراضي والتبديد الاستعراضي، أو ما يُعرف باسم مهرجان الشتاء”. يقوم هذا المهرجان على التنافس بين اثنين حتى يمنح أحدهما ثروةً أكثر من الآخر أو يتلفها. وبحسب المؤلف، عاد الاقتناء التنافسي للثروة معيارًا أساسيًّا لمنصب الرجل – الزعيم مع ظهور الرأسمالية في أوروبا الغربية. فقد حاول الرجال الزعماء أن يسلبوا بعضهم الثروة، وكانت السلطة والمكانة الرفيعة الأسمى من نصيب الفرد الذي تمكّن من تكديس أعظم ثروة.

في الفصل السادس، “عقيدة الأحمال الوهمية“، يرسم هاريس مشهدًا “مسرحيًّا” لهذه العقيدة التي تسود القبائل المنتشرة في جبال نيو غينيا، وهي عقيدة تؤمن بأنّ الأسلاف سيأتون في بيوت طائرة محملين بالمستقبل والتكنولوجيا، وحتى بالدراجات النارية… إلخ. ويوظف المؤلّف هذه الأسطورة في سياق العلاقة المتوترة بين السكان الأصليين، في أيّ منطقة نائية من العالم، وبين القوى الاستعمارية التي حلّت في بلادهم، واستخدمت تلك الأسطورة في نهْب خيراتهم. ويختم المؤلف الفصل بالقول: “كان من السهولة ملاحظة كذب المبشرين حين قالوا إنّ الأحمال ستُمنح فحسب للذين يعملون بجدٍّ. لكن ما كان عصيًّا على الاستيعاب هو وجود رابط دقيق بين الثروة التي يتمتع بها الأستراليون والأميركيون وعمل السكان المحليين. فلولا انخفاض أجر عمل السكان المحليين، وتجريد السكان المحليين من أراضيهم، ما كانت القوات الاستعمارية لتصبح بهذا الغنى الشديد. وهكذا، كان للسكان المحليين، بمعنى ما، حقّ في منتوجات الدول الصناعية على الرغم من عدم تمكّنهم من دفع ثمنها. وكان الحِمْل طريقتهم في التعبير عن الأمر”.

“المخلص المسالم”

في الفصل السابع، “المُخلِّصون“، يوضح المؤلف الأساس الذي يقوم عليه إيمان اليهود بالمخلِّص، وينتهي إلى القول إنّ الأناجيل فشلت في تفسير علاقة المسيح بصراع التحرر اليهودي من الرومان، فيسوع قضى معظم حياته في مسرح إحدى انتفاضات حرب العصابات الرهيبة في التاريخ، وهذا الصراع تفاقم أمدًا طويلًا بعد إعدام يسوع نفسِه. وفي عام 68 بعد الميلاد ذهب اليهود إلى مرحلة الثورة العارمة التي تطلّب إخمادها ستة فيالق رومانية بقيادة اثنين من أباطرة الرومان المستقبليين “لكن ما لم يمكنكم أن تتوقعوه تقريبًا هو أنّ يسوع نفسه مات ضحيةً لمحاولة الرومان تدمير الوعي الحربي – المسيحي للثوار اليهود”.

يفنّد هاريس في الفصل الثامن، “سرّ أمير السلام“، مسألة “يسوع المسالم”، قائلًا: “لم يفعل يسوع وتلامذته ما قد يميزهم من أعضاء الحركة الحربية – الخَلاصية الأوائل، بل إنّهم أثاروا في الأقلّ مواجهةً عنيفةً واحدةً، إذ اقتحموا فناء الهيكل العظيم، وهاجموا جسديًّا رجال أعمال مرخَّصين يقومون بتبديل العملات كي يتمكن الحجاج الأجانب من شراء حيوانات الأضاحي. واستعمل يسوع نفسه السوط في هذه الحادثة”. وبحسب هاريس، كان بين تلامذة يسوع من يحمل ألقابًا حربيةً، ومن هؤلاء سمعان بطرس “المتعصب”، ويهوذا الإسخريوطي ذو الاسم القريب من صفة “سيكاري”؛ أي حامل السكاكين، ثمّ إنّ يعقوب ويوحنا من “أبناء الرعد” أو “أبناء العنف”. إضافةً إلى ذلك، فإنّ يسوع هو الذي قال: “من ليس له سيف، فلْيَبعْ ثوبه وَلْيشترِ سيفًا”. ويتساءل هاريس: “لماذا هرب جميع التلامذة، ولماذا أنكر سمعان بطرس يسوعًا ثلاث مرات قبل أن يمضي الليل؟ لأنهم يهود تشاركوا مع الكاهن قيافا وعيَ نمط حياة أسلافهم، وفهموا أنّ المخلِّص المنتَظر كان يجب ألَّا يُقهر، فهو الأمير الحربي صانع المعجزات […] ويفضي ذلك كلّه إلى نتيجة واحدة: إنّ وعي نمط الحياة الذي تشاركه يسوع والدائرة المقربة من تلامذته لم يكن هو وعي نمط حياة المخلِّص المنتَظر المسالم”.

السحر العائد

يخصص هاريس الفصل التاسع، “عصيّ المكانس ومجمع السحَرة”، للحديث عن نحو 500 ألف شخص أُدينوا بالسحر وأُحرقوا حتى الموت في أوروبا؛ وذلك بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر. وكانت “جرائمهم” متمثّلة في الاتفاق مع الشيطان، والرحلات عبر الهواء إلى مسافات شاسعة راكبين عِصيَّ المكانس، واللقاء مع الشياطين في الاجتماعات، وعبادة الشيطان، وتقبيل الشيطان تحت الذيل. كما يتناول – محللًا قصصًا وروايات مثبتةً – مسألة خضوع المتهمين والمتهمات للتعذيب العنيف بغية انتزاع الاعترافات منهم.

في الفصل العاشر، “هوس السحر الأكبر”، يلفت هاريس الانتباه إلى أنّه لا توجد مصادفة في أن يحظى السحر بهذه الأهمية المتزايدة؛ جنبًا إلى جنب مع الاحتجاجات المسيحية العنيفة في مواجهة المظالم الاجتماعية والاقتصادية. فقد أذن بابا روما باستخدام التعذيب ضد الساحرات قبل وقت قصير من الإصلاح البروتستانتي، ووصل هوس السحر إلى أوجه أثناء الحروب والثورات في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقد رسمت تلك الحروب نهايةً لعهد الوحدة المسيحية. ويتساءل هاريس: لماذا كان المحققون مهووسين بتدمير السحر فقط؟ بل لماذا كانوا مهووسين بخلقه؟ وجوابه: “تكمن الأهمية العملية لهوس السحر في أنه أزاح المسؤولية عن أزمة مجتمع القرون الوسطى المتأخرة عن الكنيسة والدولة ونقَلَها إلى شياطين متخيَّلة بأشكالٍ بشرية. وفي خضم انشغالها بالنشاطات المتخيَّلة لهؤلاء الشياطين، صبّت الجماهير المذهولة اللومَ على الشياطين المتفشية في كلّ مكان، بدلًا من رجال الدين الفاسدين والنبلاء الجشعين”.

يقول هاريس في الفصل الحادي عشر، “عودة الساحرة” (الفصل الأخير): إنّ حجة “حرية الإنسان التي تشتمل على حرية الاعتقاد” كانت المسوغ لعودة نظريات تعارض توسّع العلم والتكنولوجيا الغربيين، مع تطور ما يسمى “الثقافة المضادة” التي ستنقذ العالم من أساطير الوعي الموضوعي، وستفسد نظرة العالم العلمية، ليكون البديل ثقافةً جديدةً تكون فيها السلطة العليا للقدرات غير العقلية، ليسود الحكم الألفي للعقل، أو الوعي الثالث بما يكتنفه من شكوك عميقة في المنطق والعقلانية والتحليل والمبادئ. فالثقافة المضادة والوعي الثالث يَعدّان أنفسهما اتجاهين مؤنسنين، معنيَّين باستعادة المشاعر والحنان والحب والثقة المتبادلة في العلاقات الإنسانية. لكنّ هاريس يجد أنّه من الصعب إصلاح هذا الوضع الأخلاقي من خلال الاهتمام الصريح بالسحر.

للمزيد من الكتب، أضغط هنا

https://old.booksplatform.net/ar/product/albrwtwkwlat/

https://old.booksplatform.net/ar/product/3sr-altshhyr-bal3rb-walmslmyn/

 

 

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP