الوصف
يتتبع الناقد الدكتور “شاكر عبد الحميد”، في هذا الكتاب، محطات حياة وإبداع الشاعر المصري الكبير “محمد عفيفي مطر”، عبر إلقاء نظرات فاحصة دقيقة، على عوالمه ومشواره الثري بالأحداث والتفاصيل.
يتضمن العمل مدخلاً بسيطاً يلخص سيرة إبداع وحياة مطر، إضافة إلى سبعة أبواب شاملة ترصد طبيعة عطائه ومنوال حياته الإبداعية وسمات أعماله وهذه الأبواب هي: “الحياة”، “الصمت”، “الرعب”، “الأشباح”، “الأحلام“، “الكيمياء“، “الكتابة”. ومن خلال سبعة أبواب فقط، وعالم مطر لا بُدَّ وأنه يحتوي على أبواب أخرى كثيرة، لقد ألقى فقط نظرات عابرة على بعض ما يوجد خلف كل باب.
“باب الكدح النبيل”
هكذا دخل أولًا عبر باب السيرة الذاتية للشاعر، أو ما أسماه وفقًا لبعض الصور المتكررة لدى مطر: باب “الكدح النبيل”، ومن هذا الباب عبر باب الصمت ثم أغلقه سريعًا فصار في مواجهة باب الرعب، ألقى نظرة فاحصة خلفه فرأى بابًا آخر يفتح ويغلق بسرعة بعيدًا هناك؛ هو باب الأشباح، حاول الوصول إليه ومعرفة ما يوجد خلفه من بعض الأسرار، ثم غادر سريعا تلك الأبواب المخيفة وبحث عن أبواب أخرى أكثر هدوءًا وطمأنينة، فدخل عبر باب الأحلام ثم بعده باب الكيمياء، وقد كان الباب الأخير الذي حاول الدخول منه هو باب الكتابة، وهناك اكتشف أنه كان الباب الذي جمع خلفه كل تلك الأبواب.
“مجمرة البدايات”
حاول الدكتور شاكر عبد الحميد استكشاف محتويات عالم عفيفي مطر، التي تجلَّت في ذلك العالم، وأولها تلك المحاولات الدائمة المهوّمة للبحث عن الطفولة، أو “مجمرة البدايات”، كما كان يسمّيها مطر، وخلال عملية البحث هذه يتفجَّر مخزون كثيف من الذكريات والظلال والبقايا والآثار، ونُبل الروح، حيث نجد القرية وبدايات الطفولة والمراهقة والصبا، الظمأ والشهوة، الطمي والماء، الصرخة والبرق، الفقراء والأضرحة والقبور والموت، السيول والمطر والإشراق، الدم والنار، التراب والغربة، العشب والشجر، التشهِّي والخمود، السجن والغابة والحلم، القراءة والكتابة، الليل والنهار، ثم إن ذلك كله قد تجلَّى فيما يشبه اللوحات البصرية للحياة الداخلية، وكذلك الخارجية للشاعر، وكذلك الوطن، للماضي والحاضر، وللصمت وأيضًا الكلام.
الذاكرة التراثية
كما تجلى ذلك الولع لدى عفيفي مطر بالتراث؛ فلديه ولع بالتراث الفرعوني والتراث الإغريقي والتراث الإسلامي والتراث الإنساني عامة، ولديه تكون الذاكرة الفردية ممتزجة بالذاكرة التراثية، الموروث الشخصي، بالقرية والريف والأرض والطمي، خفقات القلب ومخاوفه وانكساراته بانهمار الدموع وينابيع الدم المعتمة القديمة النائمة التي تصحو في حضرة الحلم، وهنا الذاكرة هي جذر العبقرية المبدعة كما كان “ستيفن سبندر” يقول، لكنها هنا ذاكرة لا تكتمل إلا بالحلم والخيال.
ويؤكد المؤلف أن كتابة القصيدة عند مطر فعل خاص من أفعال الحياة، إن لم يكن هو أكثر أفعال الحياة خصوبة وعمقًا؛ فالشعر مثل التصوف والخبرة الدينية والخبرات الفنية الأخرى العميقة. كل حالات الحَدْس والكشف والإبداع، إيغال في الداخل بهدف فهم الداخل والخارج، انغمار في الذات بهدف تحديد علاقتها بالخارج وتعمُّقها؛ نوع من التواصل والجدل بين الذات والذات، وبين الذات الجديدة والموضوع”.
للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية