الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
كلّهم على حق
تبرز الفوضى والتفاهة واللامبالاة، كسماتٍ ضرورية لفهم الحياة، وطرح التساؤلات عن الجدوى والنجاح والفضيلة، بنقدٍ ذاتيٍّ لاذعٍ يقوم به البطل، المطرب، وزير النساء، والمدمن على المخدّرات.
تتغلغل الدعابة والمأساة في ثنايا هذا الكتاب لتجعل منه مسرحيّة تشهد لكاتبها على براعته في الإيحاء والاستفزاز معتمداً على الإثارة والتشويق والمفاجأة.فجميع الاحتمالات مفتوحة في نظر المؤلف. وجميع التأويلات منطقية؛ وجميع شخصيات الرواية على حقّ.
توصف هذه الرواية على أنّها امتداد للأدب العبثيّ الذي كرّسه ألبرتو مورافيا في الرواية، وأبدع به ألبير كامو في الفلسفة، ونقله إلى السينما مخرجٌ بحجم فيديريكو فيلليني. ولعلّ هذه هي الأسس الثلاثة التي تقوم عليها رواية سورِّنتينو وتنجح بالمزج بينها جميعاً، بدقّة عالية.
يطرق سورِّنتينو أبواب الأدب بلغة جزلة وسلسة، ويستخدم تقنيّات سرديّة متقدّمة. يبني عوالمه على السوريّالية، التي لطالما خَبر آلياتها في عالم السينما. لتظهر الرواية كأنّها عرضٌ سينمائيّ من نوع خاص.
يتطرّق سورِّنتينو إلى أكثر القضايا الفلسفية عمقاً بتعبير متقن كما يسلّط الضوء على المجتمع وانقساماته وإشكالاته بأسلوب بديع. فنراه يفرض على روايته شكل المونولوج الطويل، لكنه لا يخضعها لقالب أدبي واحد، فيبوح بكلّ ما تفيض به النفس البشرية من مشاعر مختلفة. ويضيف على البوح استحضار الذكريات والأحداث الغريبة التي تصادف الإنسان المعاصر دون أن يتقيد بزمان أو مكان محدّدين.
من الكتاب:
لا أحتمل الكهول. سيلان لُعابهم. شكواهم. وعدم الجدوى من وجودهم.
كما لا أحتملهم – أبداً – حين يحاولون أن يبرزوا جدوى لوجودهم. لا أحتمل اتّكالهم ولا ضجيجهم الدائم والمتكرّر. لا أحتمل حكاياتهم المستفزّة. لا أحتمل ذواتهم المتضخّمة في حكاياتهم. لا أحتمل احتقارهم للأجيال اللاحقة.
لكنني لا أحتمل الأجيال اللاحقة أيضاً. ولا أحتمل الكهول الذين يصرخون حين يطلبون المقعد في الحافلة.
لا أحتمل الشبّان. غطرستهم. ومباهاتهم بالقوة والعنفوان.
كما أنّ أسطورة الشاب البطل الذي لا يُقهَر مثيرة للشفقة حقّاً.
لا أحتمل الشبّان السفهاء الذين لا يتركون مقاعدهم للكهول في الحافلة.
لا أحتمل المشاغبين، ولا قهقهاتهم الفجائية، وعديمة الاحترام. لا أحتمل ازدراءهم مَن يختلف عنهم في الرأي.
ولا أطيق الشبّان المهذّبين ذوي الشهامة والكبرياء. لا يشغل بالهم سوى الأمنيّات والعمل الطوعي. بل أكاد أتقيّأ من التهذيب الذي خرّب قلوبهم وعقولهم.
لا أحتمل الأطفال المشاكسين والأنانيين، ولا الآباء والأمهات المهووسين في الغيرية تجاه أبنائهم فقط. لا أحتمل الأطفال الذين يبكون، ويصرخون. ولا أشعر بارتياح إزاء الأطفال الهادئين، فلا أحتملهم. أكره العمّال والعاطلين عن العمل، وفخرهم باللعنة الإلهية التي حلّت عليهم.
المؤلف باولو سورِّنتينو:
ولد عام 1970 في نابولي. تخرّج من كلية الاقتصاد والتجارة، وسرعان ما شقّ طريقه في مجال السينما. بدأ مسيرته الفنية بالتمثيل وإخراج الأفلام القصيرة وكتابة السيناريوهات للسينما والتلفزيون.
اشتهرت أعماله بالطابع السورياليّ بدءاً بفيلم “الحب ليس له حدود” عام 1998، و”الرجل الزائد” عام 2001. حاز عدّة جوائز محلية وعالمية في العديد من المهرجانات السينمائية مثل “مهرجان البندقية السينمائي” و”مهرجان كان”، وحصل على جائزة الاكاديمية البريطانية لفنون الفيلم، وجائزة الغولدن كلوب، ثم ليحصل عام 2014 على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عن فيلمه “الجمال العظيم”.
تعدّ روايته هذه، والصادرة عام 2010، أول عمل يدخل به سورِّنتينو عالم الأدب. ولدى صدورها حظيت سريعاً، بانتباه النقّاد والقرّاء في إيطاليا، بل ونالت المركز الثالث في جائزة لوستريغا (أهم وأعرق جائزة أدبية في إيطاليا) عام 2010. سريعاً بعد ذلك تُرجمت إلى العديد من اللغات العالمية.
المترجم معاوية عبد المجيد:
مترجم سوري من مواليد دمشق عام 1985. حصل على إجازة في الأدب الإيطالي من جامعة سيينا الإيطالية. درَّس اللغة والثقافة الإيطالية في كلية الآداب في جامعة دمشق. حصل على درجة الماجستير في الثقافة الأدبية الأوروبية عن قسم الترجمة الأدبية من جامعة بولونيا الإيطالية وجامعة مولوز الفرنسية.
نشر عدة مقالات عن الشعر الإيطالي ومواضيع ثقافية أخرى في العديد من المجلات العربية. ترجم إلى العربية رواية «ضمير السيد زينو» لإيتالو سفيفو، «بيريرا يدعي» و»تريستانو يحتضر» لأنطونيو تابوكي، «اليوم ما قبل السعادة» لإري دي لوكا (صادرة جميعها عن دار أثر السعودية). كما ترجم رواية «آخذك وأحملك بعيدا» لنيكولو أمانيتي، صدرت عن دار مسكلياني للنشر.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)