الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
الفهد يريد النوم، ولكنه لا يتمكن من ذلك لأن أحدًا يبكي في الجوار: فأرة: فكر الفهد، هل يفترسها أم يستمع إليها. ولكن ذلك كان متأخرًا جدا، فقد أعلنت له الفأرة أنها خائفة من الحيوانات الشريرة، وسألته فيما إذا كان يمكنه حمايتها. إن من يرفض طلبا للمساعدة ينغي أن يبررّ ذلك نفسه دائما، فالضعف شيء لا يمكن مقاومته. وهكذا وجد الفهد ريغو نفسه في دور الحامي أسرع مما كان يظن.
وبطبيعة الحال فإن ريغو هو أيضا فهد ذكي نوعا ما، لم يتذمر من حياته في حديقة الحيوان. كانت الفأرة تثير اهتمامه. وكان يريد بشكل خاص أن يعرف كيف سيكون شعوره لو أنه صغير جدا هكذا، ويظل، مع ذلك، ممتلكا لحريته.
لم يمض طويل وقت حتى كانت الفأرة ترقص على رأسه، يمكننا أن نرى ذلك في عنوان كتاب “ريغو وروزا” للورينتز باولي وكاترين شيرر. لقد دجّنت روزا الفهد المسن ونامت في فرائه الناعم. ولكنها ظلت مستيقظة وتطرح عليه السؤال تلو السؤال. من يسأل فإنه يتولى زمام السيطرة، وهكذا نرى كيف أن الصغيرة روزا تكون لها اليد الطولى في هذه العلاقة بين الاثنين.
وحقيقة أن ريغو الحيوان المفترس ولكن الأقرب إلى الحزن الكآبة يتقبل ذلك بسرور، فذلك الفأرة النشطة قد فتحت أمامه إمكان النفاذ إلى حب غير متوقع للحياة.
ولذلك ينبغي أن نعرف أن لورينتز باولي قد طوّر قصة هذين الأثنين في البداية كعمود في مجلة بيرن baern!. ومناسبة ذلك هو الصدى الإعلامي الواسع الذي رافق موت فهد فارسي في حديقة حيوان بيرن. في نصوص باولي يتماوج دائما أسىً هادئ يوضح بطبيعة الحال أن الحوارات متأصلة في معرفة فلسفية. فدائما يدور الأمر حول موضوعات أساسية مثل الحب، والجمال أو الموت، حيث يركز باولي تماما على المشهد بين الفأرة وصديقها في قفص الفهد. إن تركيب شكل العمود الصحفي لا يزال يومض من خلال السطور، ولذلك ترد تكرارات، ولكن النصوص المكتوبة بإيجاز وحكمة ناعمة ليست مكتوبة لتتم قراءتها بشكل فعال بعضها وراء بعض، فالمرء يستمتع بكل منها على حدة كأنها حلوى أدبية خفيفة.
النصوص مكتوبة بلغة مصقولة تبقى مفهومة بشكل مباشر، ومناسبة لأن تتم قراءتها للأطفال، وأن تفضي إلى حوارات معهم حول طبيعة فكرتهم عن الصداقة والملل أو سرد القصص؟ إن باولي لا يغادر أبدًا عالم الأطفال، ولكنه يتوجه بالحديث في الخلفية إلى جمهور البالغين.
في الواقع أن الحب الذي يكشف عن وجوهه المتعددة هنا هو الموضوع الرئيس للكتاب. إن فراء الفهد وفراء الفأرة يتقبل كل منهما الآخر، وكل منهما يشعر أنه على حق، ولكن ليس أي منهما مثاليا. ريغو يعرف أن للفهود رائحة فم، فهل شكّل ذلك صدمة لروزا؟ ” رائحة فمك جزء منك، وهي فقط ما أجدها سيئة، …ولكن أنت ورائحة فمك معا…شيء جيد حقًا”، تقول الفأرة.
كاترين شيرر التي أنجزت حتى الآن عشرة كتب بالاشتراك مع باولي، تأخذ بالتركيز المباشر لنصوصه، فهي تهمل التفاصيل، وتصنع سحر رسوماتها من جسدي بطلي القصة. وبذلك لا يصبح الفهد قطا بشاربين، بل تسمح لـ ريغو بكثير من الواقعية، فهو يصر على أسنانه ويبدو مخيفا وهو نائم، بينما لا ترى الفأرة من ذلك إلاّ الجانب المضحك. إن استخدامهما البارع ليديهما وأقدامهما يجعلهما يبدوان شبيهين بالإنسان، وهكذا فإنهما يكسبان قلوب الأطفال مع التأكيد على تباينهما في الجسد والمزاج، فيصدق المرء أيضا سعادة قرابتهما الروحية.
المؤلف:
لورينتز باولي، ولد في زيوريخ عام 1967، درس العلوم المصرفية ثم تعلم مهنة رياض الأطفال، ويعمل منذ عام 1989 في إحدى رياض الأطفال في كوليكوفن في سويسرا. منذ عام 1993 يكتب بانتظام تمثيليات إذاعية، وكتبا، ونصوص أغنيات، ومشروعات مسرحية للأطفال.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)