الوصف
ولعله من الممكن إجمال هذه الأخطاء في التفكير وإرجاعها إلى سبب رئيس، هو انخفاض المنسوب المعرفي، وهذا ما ينتج عنه ضعف في الوعي، ومن هذا تتفرع الأخطاء والعيوب في بنية التفكير في تكوين الشخصية.
• تميَّز الكتاب بوضوح الأفكار، وسلاسة الأسلوب، والبُعد عن التعقيد، والاختزال من دون اختلال، خلافًا لغيره من مؤلفات تبحث في هذه المواضيع، فغالبًا ما يشعر القارئ فيها بالسأم والملل؛ لكونها تصطدمه بمصطلحات لا عهد له بها، أو يكون الكتاب مترجمًا عن كتب غربية، فيقع المتلقي بين خلل الترجمة وغموض مقصد المؤلف.
• وربما المِيسَمُ الفارق في هذا الكتاب أن كل من يقرأ فيه يظن أنه أُلِّف لأجله وحده، وهذه ميزة وذكاء من المؤلف، وتميُّزٌ عن سواه، أضف إلى ذلك أن أفكار الكتاب تُودِعُ في العقل ومضات مشرقة؛ إذ هي عنصر فعَّال في صميم الفكر الحضاري؛ فهي تساهم في الانفتاح الفكري، وتساعد الإنسان على تلمُّس ملامح شخصيته، والتعرف على ذاته، وما خفي عليه من تفاعلات اللاوعي عنده، فيحلل المؤلف في كتابه ما هو مركب، ويفسر ما هو معقد، ويفك شيفرة ما هو ملغز، ويتراءى للقارئ – كما يقال – أن المؤلف لم يكن يمسك قلمًا، وإنما كان يمسك مِبضَعًا يفتح فيه الجروح ليداويها، وهذه ميزة أخرى للكتاب.
• لكن هذه الخصائص التي تميز بها الكتاب لم تكن لتنفي عنه بعض العوار العلمي الذي وقع فيه المؤلف؛ فالكتاب يخلو من الإحالات المرجعية والهوامش، وهذا ما يفقده الطابع العلمي الأكاديمي، ويضفي عليه طابع الارتجالية رغم إشارته إلى بعض المراجع في نهاية الكتاب، وهذا لا يعفيه من توثيق المعلومة وردها إلى مصدرها، ومما يخدش بمنهجية المؤلف: استشهاده بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مواضع، وإغفالها في مواضع أخرى رغم حاجة الفكرة إليها.
• وفي المجمل كلمة حق تقال: إن كتاب “خطوة نحو التفكير القويم” للدكتور عبدالكريم بكار: أنفع ما قرأت في مواضيع تنمية الشخصية؛ فاستحق التنويه، وفي ظني لو هيئ للأمة أن تدرس الكتاب في مدارسها وجامعاتها، لكنا أوسعَ انفتاحًا، وأكثر اعتدالًا، وأفضل حالًا، وأكبر شأنًا، وأقرب إلى قيم الحق والخير والجمال.