الخروج من مصر.. مشاهد ومجادلات لسيرة ذاتية

عنوان الكتاب الخروج من مصر.. مشاهد ومجادلات لسيرة ذاتية
المؤلف إيهاب حسن ترجمة سيد إمام
الناشر دار العين للنشر
البلد القاهرة
تاريخ النشر 2018

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

صدر عن دار العين بالقاهرة وللمرة الأولى بالعربية كتاب ” الخروج من مصر.. مشاهد ومجادلات لسيرة ذاتية ” للمفكر المصرى الأصل ، أمريكى الجنسية د. إيهاب حسن ، ترجمة سيد إمام ، وذلك بعد صدوره للمرة الأولى بالإنجليزية لأكثر من ثلاثين عاما،  حاملا سيرته الذاتية الحزينة ، منذ قرر أن يترك مصر ، مهاجرا إلى الولايات المتحدة ، دون أى تفكير في العودة خلال سنوات عمره الطويلة.

ولد إيهاب حبيب حسن فى مصر عام 1925م ، لأسرة من أصول تركية ، درس بتفوق ، وحصل على بكالوريوس فى الهندسة الكهربية ، ونتيجة بعض الخلافات العائلية ، قرر السفر لأمريكا لمواصلة دراسة الهندسة ،  يقول هو أنه أثناء سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية ، كان شغفه السرى هو الحلم بالسفر لأمريكا ، ، الآن يتساءل : هل كانت حماقة الشباب وطيشه دافعه للسفر ؟! يتساءل بعد أكثر من  ستين عاما من الغربة التى لم يكمل مرة فيها مشروع عودة أو زيارة إلى مصر ، رغم أنه جال بالعالم ثلاث مرات كما يقول .

لا ينسى الرجل لحظاته الأخيرة  فى وطنه ، وهو يركب السفينة ، ويرى أباه يقف حزينا ملوحا له ، أبى أهدانى ساعة ” موفادو” ذهبية ، كنت على متن السفينة ” إبراهام لينكولن” في بور سعيد وأبحرت من مصر ، إلى غيررجعة، لوّح لى أبى حزينا ، رأيت وميض رمال سيناء  وهى تتلاشى ، رأيت تمثال دليسبس ” يرتفع مجسدا الماضى الكبير ، يرتفع التمثال أكثر على الرصيف المتكسر المتهدم …. 

غير أن أسبابا عميقة ومذهلة تكمن وراء عدم الرغبة فى العودة إلى مصر ، إنه الشعور بالغربة عن عالمه ، فالفتى الغر الذى بدأ يشب عن الطوق ، يتأمل أحوال العائلة الراقية التى شاء القدر أن تكون عائلته ، ولذا يقول ردا على سؤال لأستاذ مصرى ” لقد كان مولدى فى مصر حدثا عارضا “.

لا شك أنها إجابة مغضبة لسامعيها ، كأن الرجل يتنكر لمصريته ، لكن الدكتور عبد العزيز حمودة فى مقال له بمجلة إبداع يوليو والمنشور بكتابه “علم الجمال والنقد الحديث ” يرى أنه حكم يتسم بالعجالة ، ويرى أن تأمل سيرته التى كتبها فى كتابه ” الخروج””Aut of Egypt” يؤكد أن التركيبة النفسية لإيهاب حسن هى التى دفعته للخروج من مصر ، ودفعته الآن للبقاء بعيدا عن مصر.

كان والده محافظ الدقهلية الذى رحب شبابها بقدوم الزعيم مصطفى النحاس لها ، رغم تحذيرات أبيه – المحافظ – للناس ويتحدث عن ولائه المشتت بين وطنه وبين طاعته لوالده ، وقد كان يكره فاروق ملك مصر ويحتقره ، ورأى قدومه بعد فؤاد ” مسخا للجينات ، ثم يعود الرجل لعائلته متذكرا عمه – وكان وزيرا للداخلية وذا سن ذهبية براقة ، أرغم طباخه على شرب وعاء حساء ساخن وسط دهشة ضيوفه لأنه قدمه فى غير وقته المناسب ، ويتحدث أنه ذات يوم رأى خالا له يجرى داخل البيت عاريا وزوجته تجرى خلفه وسكينة المطبخ فى يدها وهى تصيح ” لقد خسر مرة أخرى ، سوف أقطع له ………”.

هذه العائلة التى قضت أيامها فى الحديث عن الثروة والنساء ، والحديث بلغة فى الحالين فجة فاضحة ، هذه هى الطبقة التى أجبرت إيهاب حسن على الرحيل من مصر . 

وهكذا  وصل بالفعل للولايات المتحدة عام 1946م، أمريكا التى رآها فيما بعد بأنها “كتلة من عداءات الذات ” وحصل على ماجستير فى الهندسة ، لكنه بدون سوابق ، قرر تأمل ظاهرة الأدب الأمريكى الحديث ، وقرر دراسة الأمر دراسة علمية ، توّج ذلك حصوله على الدكتوراة فى الأدب ، إلى هنا والأمور عادية بلا شك ، عمل فى “بنسلفانيا ” ، ثم انتقل إلى ويسكونسن ميلووكي كما عمل كأستاذ زائر  في السويد ، واليابان ، وألمانيا ،وفرنسا ، والنمسا — وكذلك في جامعة ييل ، وكلية ترينيتي ، وجامعة واشنطن.

إنه بعد كل هذه العقود مازال يتساءل : لماذا أنا فى أمريكا ؟ جئت على أجنحة فكرة ، وليس على أجنحة صاروخ كروز ، لماذا أنا فى بلاد السمنة المفرطة وطيات لحم البدانة تترجرج فى كل مكان ” يبدو إيهاب حسن  فيلسوفا يكتب الأدب ، إنه يستطيع إقناعك بكل شىء ، لأنه ببساطة يكتب بصدق هائل وعفوية منظمة دقيقة ذكية ، ولذا حاز قبولا طيبا طوال رحلته ، تلك الرحلة الطويلة  التى حصل فيها على عدد كبير من التكريمات والجوائزوالأوسمة ، ليصبح واحدا من أهم الأصوات النقدية لظاهرة ما بعد الحداثة . 

نشر إيهاب حسن في حياته الطويلة تسعة كتب فقط: (البراءة المتطرّفة: في الرواية الأمريكية المعاصرة ـ أدب الصمت: هنري ميللر وصامويل بيكيت ـ تقطيع أوصال أورفيوس: نحو أدب ما بعد حداثيّ ـ أشباه نقدية: سبعة تأمّلات لزماننا ـ النار البروميثيوسية الحقّة: الخيال والعلم والتغيير الثقافيّ ـ دورة ما بعد الحداثة: مقالات في نظرية ما بعد الحداثة والثقافة ـ ذوات في خطر: أنماط السؤال في الآداب الأمريكية المعاصرة ـ شائعات التغيير: مقالات عن خمسة عقود ـ سؤال العدم: مقالات مختارة). 

ويعلل المترجم محمد عيد إبراهيم قلة كتبه وضعف شهرته بين القراء العاديين بأنه قد  يكون منظّر تأسيسي، قد يكون السبب أنه يكتب بلغة صعبة كلها إشارات وتلميحات، قد يكون السبب أنه من أصل عربيّ، وقد يكون السبب أنه يكتب ضمن ثقافة أمريكية، ومع أنها تأسيسية، إلا أن الشهرة من نصيب الثقافة الفرنسية على الأرجح، حيث الكتابة البلاغية واللغة العالية الجذابة إلخ. ولم يصدر مترجما بالعربية له سوى كتاب “دورة ما بعد الحداثة ” لمحمد عيد إبراهيم ، والخروج من مصر ” لسيد إمام . 

كتاب “الخروج من مصر ” يبدو في حالات كثيرة وكأنه اعتذار عن خروجه وعدم عودته ، وتبرير نفسى وعقلى للهجرة مهما كانت الأمور خارج الوطن ، الكتاب ترجمه سيد إمام ، وصدر عن دار العين بالقاهرة ، وقد وضعت دار النشر على غلاف الكتاب ” إن الخطاب الثقافى كائن حى متطور، مصاحب للتغير المنتظم للوجود – “تقليد للجديد”، كما سماه هارولد روزنبيرج، يكون ثمرة القطيعة الحديثة الشهيرة مع التقليد الذى دام طويلا بما يكفى حتى الآن لكى ينتج تقليدا جديدا قائما بذاته. وصياغة دور مناسب للناقد فى مثل هذه الظروف هى المهمة التى كرس إيهاب حسن نفسه لها. إن الناقد بالنسبة له، أكثر بكثير من كونه وصيا وصانع أحكام”.

(عرض إبراهيم محمد حمزة)

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP