الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
صدر حديثا عن “الشبكة العربية للأبحاث” كتاب “إعادة النظر في العلمانية”، وهو مجموعة دراسات لعدد من الباحثين، ومن ترجمة: شكري مجاهد، الأستاذ بقسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية، جامعة عين شمس. فى التعريف بالكتاب يشير الناشر إلى أن “هذا الكتاب عبارة عن مجموعة من الدراسات الرائدة لأبرز العلماء والباحثين، الذين يمثّلون تخصّصات عديدة فى حقول التاريخ والفلسفة والعلوم السياسية وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا”. يُفتتح الكتاب بفصل تشارلز تايلور، الذى يرى أن مصطلح “علمانى” معقّد ومبهم، ويخضع لتغيرات عندما ينتقل سياق إلى آخر.
ويقول خوسيه كازانوفا إن إعادة النظر فى العلمانية تقتضى مراعاة تمييزات تحليلية بين مصطلح “العلمانى” والمصطلحات القريبة منه. ويحول كريغ كالهون النقاش إلى عرض أسئلة معاصرة عن العلمانية السياسية والمواطنة والفضاء العام. أما رجيف بهارغافا فيرى ضرورة إعادة تأهيل العلمانية السياسية بدلا من نبذها.
من جهة أخرى، يدعو ألفريد ستيبان إلى التنوع فى أشكال علاقة الدولة والدين والمجتمع القائمة فى الديمقراطيات الحديثة، ويطرح بيتر كاتزنستاين سؤالًا حول ما إذا كانت الدول والأنظمة الرأسمالية والأنظمة الديمقراطية هى ثلاثة مكونات أساسية للسياسات العلمانية. أما فصل إليزابيث شاكمان هيرد فيتضمن بحثا ينتقد ثنائية “العلمانى/ الدينى”. ويسأل مارك يورغينزماير لماذا ارتبطت اللغة والهوية الدينية بالتحديات المعاصرة للنظام الاجتماعى السائد؟ كما تدرس سيسيليا لينتش أنشطة القائمين على الأعمال الإنسانية فى سياق سياسات العلمانية الكوكبية. ويعود سكوت آبلبى إلى “مشروع الأصولية” ويسأل هل “الصولية” مجرد مصطلح مهترئ؟ أما بيتر فان ديرفير فيأخذ حالة الصين، ويقارن تاريخ العلمانية الصينية بنظيره الهندى. وفى الفصل الأخير من الكتاب، يتناول باحث العلمانية الشهير طلال أسد قضية الإساءة وحرية التعبير.
أما التعريف بالمؤلفين المشاركين، فتجدر الإشارة إلى أن تشارلز تيلور: فيلسوف كندي، يُعدّ أحد أبرز الفلاسفة المعاصرين في مجال الفلسفة السياسية والفلسفة الأخلاقية، تُرجمت أعماله إلى أكثر من عشرين لغة؛ منها العربية، حيث أصدرت “المنظمة العربية للترجمة”، فى عام 2014، الترجمة العربية لكتابه “منابع الذات- تكوّن الهُويًّة الحديثة”، والصادر بالإنجليزية عام 1989، وقام بالترجمة حيدر حاج إسماعيل، ومراجهة هيثم غالب الناهى، أما عن كتابه “زمن علمانى” الصادر بالإنجليزية عام 2007، فكتب فتحي المسكيني، الأستاذ فى جامعة تونس، فى عام 2015، مقالا بعنوان “الزمن العلماني وعودة الدين نموذج تشارلز تايلور”، ذكر فيه أن “ما نكتشفه مع تايلور ليس كذب الحداثة أو زيفها أو بطلانها أو عدميّتها؛ بل فقط أنّها منحازة بشطط ما إلى صيغة ما من تاريخ هويتها، وأنّها لا تؤرّخ لكلّ “نفوسها” الحديثة على قدم المساواة، خاصة أنّها تسيء فهم جانب خطير جدّا ممّا حدث باسم الروح الحديثة، ونعني بالتحديد مصير الدين الذي كان يمثّل العنوان الأخلاقي الأكبر للإنسانية “قبل الحديثة” إلى حدود القرن الرابع عشر”.
وعٌرف خوسيه كازانوفا؛ الأستاذ المشارك في تدريس مادة علم الاجتماع بالمعهد الجديد للبحوث الاجتماعية بجامعة شيكاغو، فى اللغة العربية عبر ترجمة عمله الرئيسى “الأديان العامة في العالم الحديث” التى قام بها قسم اللغات الحية والترجمة فى جامعة البلمند (لبنان)، ومراجعة الأب بولس وهبة، وأصدرتها المنظمة العربية للترجمة. وفى هذا الكتاب يرصد “كازانوفا” صعود المظاهرة الدينية في الأوساط السياسية والمجتمعية العالمية بدءًا من ثمانينيات القرن الماضي من خلال أربع تطورات هي: الثورة الإسلامية في إيران، وصعود حركة “تضامن” في بولندا، ودور الدين الكاثوليكي في الثورة “السندينية” (فى نيكاراجوا)، وأخيرًا عودة الأصولية البروتستانتية إلى الواجهة كقوة ضاغطة في السياسة الأمريكية. وفرضية “كازانوفا” الرئيسية فى الكتاب أن الدين عموما بعد أن تعرض لضربات موجعة في عصور التنوير والحداثة الأوروبية، وبعد أن انزوى عن الحياة العامة يعود في أواخر القرن العشرين للحياة العامة، لكن بشكل جديد “حداثي” فلم تعد الكنيسة تطالب بالفعل السياسي وإلغاء فصل الدين عن الدولة، فلم يعد هذا ممكنا، لكنها تعود من داخل المجتمع كنصيرة له ضد الاستبداد والقمع وكمنادية بحقوق الإنسان والحريات وبالعدالة الاجتماعية، مما جعل صوتها يعود مرة أخرى ليجد فيها الفرد ما يمكن أن يحقق طموحه وأحلامه.
وأن الأديان سوف تظل على الأرجح تضطلع بأدوار عامة بارزة في البناء المتواصل للعالم الحديث، مما يدعو إلى إعادة التفكير منهجيًا بين الدين والحداثة. والأهم من ذلك بالأدوار المحتملة التي قد تؤديها الأديان في نطاق العام للمجتمعات الحديثة. أما كريغ كالهون، فهو بحسب التعريف الذى يقدمه مروان سعد الدين؛ الحاصل على إجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة دمشق 1995، ويعمل مترجمًا، وقد نقل إلى العربية كثيرًا من المؤلفات الأدبية والسياسية والاقتصادية، فى المقدمة التى كتبها لترجمته لكتاب “كالهون” المعنون “النظرية الاجتماعية النقدية- ثقافة الاختلاف، وتاريخه، وتحدّيه”، الصادرة عن “المنظمة العربية للترجمة” (2013): “عالم اجتماع أمريكى ومدافع عن الاستفادة من علم اجتماعى لمعالجة قضايا تهم العامة، أصبح مدير كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية فى سبتمبر 2012، وكان رئيس مجلس البحث العلمى الاجتماعى وأستاذا جامعيا للعلوم الاجتماعية فى جامعة نيويورك.
يُعرف د. كالهون بأنه وسع تقليد النظرية النقدية وربطها على نحو وثيق بالبحث التجريبى والتاريخى، وقد شملت موضوعات أعماله اللاقويمة، والثقافة والاتصال، والإنسانية، والحركات الاجتماعية، وتأثير التغيير التكنولوجى، وتنظيمات الأعمال، والثقافة، والدين، والمجتمع، والقومية ونماذج أخرى من التضامن الاجتماعى، ومشكلات العولمة المعاصرة وتدويل عمليات اجتماعية”.
وفى كتاب “النظرية الاجتماعية النقدية…” يركز “كالهون” على أصول احتمالات النظرية الاجتماعية النقدية الأكثر تأثيرًا، متنقلاً بسهولة بين مختلف المقاربات والمدارس ذات الصلة، وصولاً إلى نقاشات معاصرة بشأن ما بعد التحديثية، والنسوية، والقومية ويعرض آراء طيف واسع من المنظّرين وعلماء الاجتماع ويضيف شيئا جديدا إلى هذه النظرية، مُظهرا كيف يمكن أن تتعلّم من الماضي وتسهم في المستقبل. وتشمل مجالات النقاشات أيضا التفسير والترجمة والثقافة والخصوصية التاريخية، وزيف ما بعد الحداثة، والخصوصية التاريخية في الممارسة، وسياسة الهوية والقومية. أما ألفريد ستيبان (1936- 2017)، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز دراسة الديمقراطية والتسامح والدين، الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة كولومبيا في عام 1969 ودرس بعد ذلك في جامعة ييل، وتم تعيينه عميد كلية الشئون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا في عام 1983. وأصبح أول رئيس للجامعة المركزية الأوروبية في عام 1993، فقد كتب كثيرا عن العالم الإسلامى، من بينها الكتاب الذى شارك فى تحريره: “الديمقراطية والإسلام في إندونيسيا”، والصادر عام 2013، وفيه “يقوم علماء السياسة وعلماء الدين والمنظرون القانونيون وعلماء الأنثروبولوجيا بفحص نظرية وممارسة التحول الديمقراطي في إندونيسيا وقدرته على العمل كنموذج للدول الإسلامية الأخرى. إنهم يقارنون المثال الإندونيسي بسيناريوهات مماثلة في تشيلي وأسبانيا والهند وتونس، وكذلك مع التحولات الفاشلة في يوغوسلافيا ومصر وإيران.
تستكشف المقالات العلاقة بين الدين والسياسة والطرق التي أصبح بها المسلمون مؤيدين للديمقراطية حتى قبل حدوث التغيير، ويصفون كيف أن السياسات الإبداعية منعت الجماعات العسكرية المنشقة، والنشطاء الدينيين العنيفين، والانفصاليين من تعطيل التطور الديمقراطي في إندونيسيا. وتختتم المجموعة بمناقشة “التعددية القانونية” الناشئة في إندونيسيا، وأي من أشكالها تتآكل الحقوق وتحمي الحقوق”.
وربما عرف القارئ المصرى ألفريد ستيبان، وربما يتذكر بعض القراء تلك التصريحات التى أدلى بها فى حوار أجرته معه الصحفية دينا عزت، لصحيفة “الشروق”، فى مارس عام 2011، وكان عنوانه “أستاذ العلوم السياسية الأمريكى ألفريد ستيبان يتحدث لـ”الشروق”: كل الإسلاميين لن يحصلوا على أكثر من 25% من المقاعد”، أما العناوين الفرعية التى اختارته الصحيفة لإبراز أهم ما جاء فى الحوار فكانت: هناك 500 مليون مسلم يعيشون فى أنظمة ديمقراطية ولا يوجد سبب يجعل الإسلام معوقا للديمقراطية كما يظن البعض.
فى أى انتخابات حرة ونزيهة “لن يحصل الإخوان المسلمون ومجمل الإسلاميين على أكثر من 25٪ من أصوات الناخبين؛ وبالتالى فإن القلق من صعود إسلامى عنيف وسيطرة الإخوان المسلمين على الحكم أمر مبالغ فيه.
بناء الديمقراطية بعد الثورة فى مصر، كما فى كثير من دول العالم، هو التحدى الأصعب من “إسقاط رأس النظام”. وفى مقدمته أشارت “عزت” إلى أن هذه العناوين “هى بعض الأفكار الرئيسية التى طرحها ألفريد ستيبان، أستاذ العلوم السياسية الأمريكى المتخصص فى دراسة التحولات الديمقراطية فى العالم، خصوصا فى دول العالم الثالث”. وأضافت: “لقرابة 30 عاما تنقل ستيبان بين بلدان العالم يقتفى أثر الثورات الباحثة عن الديمقراطية، من شرق آسيا وشرق أوروبا إلى جنوب أمريكا والآن فى المنطقة العربية، بالنسبة لستيبان فإن مصر هى “الدولة رقم 15” من بين الدول التى تابع تحولها للديمقراطية، وبعد عشرة أيام من اللقاءات مع ممثلى مختلف الأطياف السياسية فى مصر، فإنه يقول إن أسباب التفاؤل بإمكانية نجاح التجربة الديمقراطية فى مصر تفوق أسباب الفشل “لكن أسباب السير فى أى من الاتجاهين واردة، ولا يجب التقليل من الاهتمام بالأسباب التى قد تؤدى إلى فشل تجربة التحول للديمقراطية”.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)