مصطفى حسين .. عبقرية فنان

عنوان الكتاب مصطفى حسين .. عبقرية فنان
المؤلف طارق عبد العزيز
الناشر أخبار اليوم
البلد القاهرة
تاريخ النشر 2018

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

إذا سألت أحدًا من الذين عاصروا وتربوا على ريشته : ماذا تمثل لك ريشة مصطفى حسين ؟، ستجده يتنهد تلقائيًا ، وتنفرج أساريره ، وترتسم على وجهه ابتسامة ، ويبدأ فى سرد حجم ما كان يمثله له « كاريكاتير» مصطفى حسين .
وأشعر بنوع من الراحة والمتعة ، وتعلو وجهى ابتسامة لا إرادية بمجرد أن انصرف ذهنى إلى ريشة مصطفى حسين ، وبدأ قلمى يخط شىء عنه .. ريشة مصطفى حسين تعنى لى الكثير ، وكانت مع فكرة توأمه العبقرى أحمد رجب عمود خيمة دار أخبار اليوم .
بدأت علاقتى بريشة مصطفى حسين منذ سنوات الطفولة ، عرفته قبل أن أعرف اسم أى كاتب من كتاب الأخبار ، وكان فى الحقيقة هو دليلى فى التعرف على جريدتى المحببة التى عشت عمرى المهنى فيها فيما بعد ..
فى الصيف لم تكن لدى فرصة استمتع فيها بوقتى ، لجأت إلى هواية جمع الصفحة الأخيرة من جريدة «الأخبار» التى كان يحرص والدى على شرائها ، أقطع الصفحة واحتفظ بها إلى وقت الصيف ، حيث نلجأ الى عمل مسابقة ، بينى وبين أختى التى تكبرنى ، ونحتكم إلى أخينا الأكبر : أينا يستطيع تقليد ريشة مصطفى حسين !
هذا الأمر جعلنى أتعرف على كل الشخصيات التى ابتكرتها عبقرية مشتركة لكل من مصطفى حسين وتوأمه الكاتب الصحفى الكبير أحمد رجب ، وبلغت عبقرية ريشته مداها الى الحد الذى تكاد ترى فيها «الكحيت » يعيش بيننا بشحمه ولحمه ، وتقابل عزيز بيه الأليت ، وتكاد ترى كمبورة عضو البرلمان الفاسد الذى يسعى إلى نيل رضا «أندال» الدايرة بأى ثمن مع كل انتخابات للبرلمان.. وبالتأكيد قابلت أكثر من مرة فلاح كفر « الهنادوة » بزيه الريفى المميز وطاقيته ، وتعليقاته الساخرة.
كتب لى أن أتعرف على مصطفى حسين وأنا لازلت طالبًا فى كلية الإعلام ، حيث التقيته بالأخبار متدربًا مع العملاق العظيم الراحل مصطفى أمين فى «ليلة القدر» و«أسبوع الشفاء» و«نفسى» و«لست وحدك» ، وكلها تندرج تحت المشروعات الإنسانية والإجتماعية التى كان يتبناها ويشرف عليها مصطفى أمين بنفسه ، وشاء قدرى أن يكون مكتبى ومكتب الزملاء بجوار مكتب العملاق مصطفى حسين ، وعندما أطل علينا لأول مرة بقامته الفارعة ، وسلم على « العيال » المتدربين اكتشفنا أننا أمام قلب كبير بحجم عظمة إبداعه ، احتوى كل الزملاء وكان له مع كل زميل منا قصة ، ونجح فى أن يجعل كل منا يشعر أنه الأثير والأقرب إليه ، وكان يقدمنا إلى ضيوفه بقوله : زميلى فلان ، أو زميلتى فلانة .
حفظنا طقوسه اليومية التى كان يحفظها ساعيه الخاص بلبل ، عرفنا متى يحضر الى الأخبار ومتى تدخل له القهوة ، ومتى يصعد الى مكتب احمد رجب ليغلق عليهما ساعيه الزملكاوى العنيد بالمفتاح من الخارج حتى تولد فكرة كاريكاتير الأخبار .
– بتشوف مصطفى حسين ؟
– سؤال كان دائما يوجه إلىَّ عندما يعرف من يحدثنى أننى صحفى فى الأخبار .
ساهم كاريكاتير مصطفى حسين وفكرة أحمد رجب مع مقال مصطفى أمين فى جعلى مثل غالبية القراء نبدأ قراءة « الأخبار» من الصفحة الأخيرة ، بحثًا عن ابتسامة من القلب تصنعها ريشة العبقرى الموهوب مصطفى حسين وفكرة أحمد رجب .
كنت دائمًا أجد من الظلم أن يعنون كاريكاتير مصطفى حسين بأنه نكتة ، لأن هذا تقليل من شأن هذا الإبداع ولأن النكتة لا تترك الأثرالرائع الذى يتركه الكاريكاتير فى قلب وعقل ووجدان القارىء.. كم من كاريكاتير لمصطفى حسين أغضب مسئولين ، وكم كاريكاتير تسبب فى تغيير قرارات مصيرية ، وإقالة وزراء ، وساهم فى إلقاء الضوء على هموم المواطنين ، وأحلامهم وآلامهم، كانت ريشته حاضرة فى كل شأن مصرى ، كاريكاتير مصطفى حسين تأريخ لأهم الأحداث التاريخية التى مرت بها مصر فى النصف قرن الأخيرة ، ومنها تستطيع كيف كان نبض الشارع الحقيقى تجاههها .
أحببت ريشة مصطفى حسين ، واكتشفت عبقريته فى رسم البورتريه ، واكتشفت قدراته اللامحدودة فى الحفاظ على النسب التشريحية التى أحيانًا تضيع – بالذات – ممن يرسمون الكاريكاتير . كما كانت له مدرسته فى رسم أغلفة الكتب .
مصطفى حسين مثله مثل نجوم السينما تشعر أن لك نصيب فيه ، فهو مثل أخوك ، أو ابن عمك يتحدث بلسانك ، عالم بهمومك ، ومشاكلك ، وبضربات ريشته يستطيع أن يصل للمسئولين صوتك ووجهت نظرك ، بجودة تفوق ما قد يكتب فى صفحات طويلة .. أقرأ كاريكاتير «قهوة الموظفين» لتعرف همومهم ، وأقرأ كاريكاتير «الحب هو » واستلقى على قفاك ضحكًا من القلب على حالك وحال كل محب .
كثيرون كتبوا عن مصطفى حسين ، ولكن مابالنا عندما يكتب عنه من عاش بجانبه ، واقترب إنسانيًا منه ، وماذا ننتظر إذا كان هذا الشخص فنانًا أيضا والأهم أنه وهب حياته لتحقيق إبداع مصطفى حسين ، ونال درجة الماجستير فى هذا الشأن .. نحن إذن أمام عمل فريد مختلف من الضرورة الاحتفاظ به فى مكتبتك.. إنه التاريخ والمتعة فى آن واحد

علاء عبدالهادى

TOP