الوصف
“حكاوى الرّحيل” مجموعة قصصيّة للأديب الدّكتور سمير أيوب دار هبة ناشرون وموزعون تشكّل تجربة سرديّة خاصّة شكلاً ومضموناً للأديب الدّكتور سمير أيوب وهي الكتاب الرّابع عشر له فيما قد صدر له من كُتب، وهي تضمّ أربعين حكاية مشبعة بِصُورٍ موحية من “حكاوى الرّحيل الفرديّ،وتمتدّ أحداثها المكثفة غير المباشرة في تضاريس الوطن العربي كلّه، وتتبدّى وتتخفّى مدلولات معانيها المحتلمة في ثنايا تجارب حياتيّة نابضة،وتأمّلات طوعيّة معمقة، وهي تحاول الحفر في النّفس البشريّة؛ لكشف بعض المسكوت عنه، وحماية خصائصه في الواقع المعاش وعالم الافتراض دون اغتيال للمضامين.
المرأة فى حكاوي الرحيل
الناقدة د.سناء الشّعلان قدّمت ورقة نقديّة عن المجموعة القصصيّة بعنوان “العالم الأنثى والرّحيل المرأة في “حكاوى الرّحيل”، وقالت في معرضها:” د.سمير أيوب في هذه المجموعة يتلاعب بوعينا، يحتال- مع سبق الإصرار والتّرصّد- على دهشتنا،يوهمنا بأنّه يسرد قصصاً أو يؤثّث سيرة ذاتيّة بفسيفساء نسائيّة،إلاّ أنّه في أعماقه يقدّم سرداً ذكوريّاً فريداً لا سيما في السّرد العربيّ الذي تتغوّل الذّكورة فيه على الأنوثة، فيكون الرّجل- في الغالب- هو الجاذبيّة الكونيّة القهريّة التي يجب أن تدور المرأة في فلكها شاءت ذلك أم أبت، إلاّ أنّ تجربة د.سمير في حكاياته هذه تقدّم انطلاقة من المرأة ومروراً بها وانتهاءً إليها؛ المرأة عنده هي الحكاية والحدث والرّحيل والألم والفرح في آن؛ ولذلك فهو في هذه المجموعة القصصيّة يؤرّخ الزّمن والتّجربة والحدث بنساء يعقد لهنّ قصصاً خاصّة، وبذلك ينتقل السّرد عنده من سريّة البوح إلى علانيّة التّجربة. منذ العنوان هناك انتصار للمرأة؛ فالدّكتور سمير يتعمّد أن يتبنّى الجمع الخاطئ “حكاوى” انتصاراً لسرديّة النّساء المورثات للّغة حيث جداتنا اللّواتي يجمعن كلمة “حكاية” على “حكاوى”، ويدخرن في هذا الجمع المخالف للّغة أسرار السّرد والقصّ والحكي؛ ود.سمير ينصاع لجموعهنّ تواطئاً معهنّ على نقل تجربة الرّحيل بما تحمل من ألم وفقد وتوجّع وتوجّد ورحيل عن اللّغة في التّوجّه إليها.
وبذلك ينحاز من جديد إليهنّ، في حين يجبرنا على الانزياح من معنى الرّحيل عن الوطن إلى الرّحيل عن المرأة؛ وبذلك هو يلوح لنا بالحقيقة الكبرى في اعتقاده، وهو أنّ الوجود امرأة، وأنّ الرّجل هو حكاية امرأة، وأنّه لن يكتب الحياة إلاّ بالمرأة ومع المرأة ولأجل المرأة” “والأهمّ من ذلك إنّه يجعل من الرّحيل عن المرأة معادلاً موضوعيّاً للرّحيل عن الوطن الذي شغله فكراً ونضالاً طوال حياته انطلاقاً من سيرة حياته التي كرّسها للنّضال في سبيل القضيّة الفلسطينيّة؛ وبذلك نستطيع القول إنّ المرأة عند د.سمير أيوب في هذه المجموعة القصصيّة هي الأرض والوطن والتّاريخ والفقد والألم والحلم والسّعادة وسبب الحياة، بل وسبب الموت إن لزم الأمر.وهذا يقودنا إلى سؤال كبير ومشروع وملحّ، وهو لماذا اختار د.سمير أن يجعل من الرّحيل عن المرأة معادلاً موضوعيّاً للرّحيل عن الوطن؟ وما هي القواسم المشتركة بين الرّحيلين في تجربته الخاصّة؟ وما هي مصوّغات هذه الإزاحة عنده من الوطن إلى المرأة ؟ ” ” وبعد ذلك يتوالى ظهور النّساء في هذه المجموعة، فيقفزن جميعاً من ذاكرة د.سمير أيوب، ويصنعن لهنّ خلوداً على الورق، ويشاطرنه أزمة الرّحيل والحرمان،ويتلقّفن منه أسرار الحياة والوجود،ثم يقبعن في أرض النّور حيث الكلمة. لقد سمح د.سمير للنّساء أن يبحن بما في نفسه من كلام، كما باح هو أيضاً بما يعتمل في أعماق وجدانه دون قلق أو وجل،وترك لنا جميعاً أن ندخل إلى عوالمه وسيرته وقصصه،كما سمح لنا أن نشاركه نساءه الياسمينات اللواتي يتضوّعن أريجاً وجمالاً وحضوراً وتأثيراً؛ فهو لم ينتقِ لنا إلاّ بتلات الزّهور. ولذلك لنا نقول له:” شكراً لك د.سمير على هذا الاحتفاء الجميل بالمرأة الخلود”
عن المؤلف:
سمير محمد أيوب, مؤلف وروائي أردنى من أصل فلسطيني, ولد فى حيفا بفلسطين, أكمل دراسته فى المملكة الاردنية الهاشمية وعمل لفترة بالمملكة العربية السعودية وأشرف على معمل تكرير البترول بشركة الخفجي.. ثم انتقل بعد ذلك إلى لبنان وغير نشاطه وأصبح أستاذًا جامعياً بجامعة بيبروت العربية وأستاذًا مؤسسًا لجامعة الإمام الأوزعي للدرسات الإسلامية.
من أهم مؤلفاته: “البناء الطبقى للفلسطينيين” و”مصادر الدخل عند الفلسطينيين” و”طرق مناهج البحث العلمي”, فضلاً عن آلاف المقالات.