الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
هل المستبد العادل موجود؟ يبدو هذا كأنه قول الشيء ونقيضه، وهو قطعًا ليس من أشكال الحكم التي قد يختارها المواطنون في نظام ديمقراطي. لكن، عند التوقف عند العلاقة التي تربط كثيرين بالتكنولوجيا، يُلاحظ وجود شيء من الاستبداد الرقيق فيها. فنحن نظريًا أحرار في هجر شاشات أجهزتنا والامتناع عن مراجعة هواتفنا، لكننا عمليًا أسرى شبكات رقمية تستبد بنا يوميًا.
وفي رضوخنا للأجهزة الالكترونية، نسلم كميات كبيرة من المعلومات الشخصية لمجهولين. في مكان ما بين المعلومات التي تحصدها عنا شركات تكنولوجية عملاقة مثل أمازون وآبل وفايسبوك وغوغل، هناك معطيات موثوقة عن مكان وجودك وما تفعله ومن سترى في ذلك اليوم. وبقدر من الاستنتاج اللوغاريثمي، ممكن التنبؤ بمزاجك أيضًا.
تتعدى هذه المعرفة قدرة أي جهاز للمراقبة في دولة سلطوية. يتحدث جيمي ساسكيند في كتابه سياسة المستقبل Future Politics (منشورات أوكسفورد، 18 جنيهًا استرلينيًا) عن حقبة جديدة من التغلغل في عوالمنا الخاصة تغلغلًا أعمق من المراقبة المتعارف عليها، ويحدث هذا برضانا. فنحن نوافق على الشروط والبنود التي تُعرض علينا. ويسمي ساسكيند ذلك “الصفقة البيانية”، وهي شكل جديد من العقد الاجتماعي لا نفهمه فهمًا كافيًا على الرغم من أننا طرف فيه.
يكرس هذا العقد الاجتماعي الجديد اختلال ميزان القوى بين مانحي المعلومات (أنا وأنت) ومستثمريها ( الشركات والدول). وينقل المؤلف عن الخبير القانوني تيم وو قوله: “إن المستهلكين عمومًا يبدون قانعين بتحمل شيء من التوتاليتارية من أجل راحتهم”.
تقول صحيفة “غارديان” في مراجعة كتاب “سياسة المستقبل” أن طموح مؤلفه يذهب ابعد من التركيز على قوة الشركات التكنولوجية العملاقة إلى محاولة تفكيك المفاهيم الأساسية التي ترتكز عليها الحياة السياسية – العدالة، الحرية، الديمقراطية، المساواة، الملكية – واعادة تركيبها في سياق ثورة محركها التكنولوجيا.
يعالج الفصل الأول من كتاب ساسكيند مدى اندماج المنظومات الرقمية بحياتنا. وما المساعد الشخصي أليكسا من أمازون الذي دخل ملايين البيوت إلا البداية. وقريبًا ستتولى ثلاجتنا طلب البقاليات التي نحتاجها من السوبرماركت، وتقودنا سيارتنا إلى حيث نريد أو ترفض أخذنا إلى وجهتنا إذا كانت مبرمجة بحيث تكون صاحبة مثل هذه القرارات.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)