الوصف
يتناول محمد حيان السمّان في كتابه في تدبير القداسة: الحجابة والحجاب – أدب الدخول على السلطان في التراث العربي الإسلامي، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، العلاقة بين السلطة السياسية والمجتمع في السياق العربي – الإسلامي، من خلال موضوع الحجابة والسلطان المحتجِب عن رعيته، والوقائع المتصلة بالقدوم على أصحاب السلطة من خلفاء وملوك وسلاطين ووزراء وغيرهم، وانتظار الإذن بلقائهم.
يتألف الكتاب (407 صفحات بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من مدخل، وقسمين فيهما عشرة فصول. في المدخل، تأسيس وإضاءة، يعالج المؤلف مسألة الحجابة والحاجب من حيث اللغة والاصطلاح، ومسألة الحجابة عند ابن خلدون من منطلق الحضارة الداعية إلى انتحال الألقاب وتمييزها، ومسألة الاستئذان الشرعي والحجابة والفرق بينهما.
في القسم الأول، الحجابة في منعرجات التاريخ، ستة فصول. في الفصل الأول، انبجاسات مبكّرة، بين مبدئية الدعوة وضرورات الدولة، يبحث السمّان في الحجابة ورمزية الباب عند عمر بن الخطاب، وهو صاحب الموقف المتشدد من مسألة احتجاب ولاة الأمر عن الجمهور، وتقييدهم الإذن بدخول ذوي الحاجات إليهم. وتظهر حساسية ابن الخطاب من خلال تقصّيه ما إذا كان ولاته على الأمصار يحتجبون عن الرعية، أو يؤخرون خروجَهم للقاء ذوي الحاجات والإصغاء إلى مطالبهم. كما يبحث في الحِجابة في مدار الفتنة التي حصلت بين المسلمين بعد عمر بن الخطاب.
يتناول المؤلف في الفصل الثاني، الأوان الأموي، بواكير الاستخدام السياسي للحجابة، ولادة الدولة السلطانية في الإسلام، أي دولة بني أمية، وانتقال الحجابة من ممارسة فردية طارئة إلى أداة فاعلة في إدارة العلاقة بين السلطة السياسية والمجتمع، تهدف إلى تمكين تحالفات واستمالة أطراف ورفع منازل وإيقاظ همم وطموحات، أو إلى الابتزاز والمعاقبة بالإقصاء، وتكريس الامتثال والانضباط. ويختم بالقول إن الإشارة المتكررة إلى احتجاب الحاكم الأموي كسبب لانهيار الأمويين تشير إلى رسوخ فكرة أن الحجابة عامل انهيار للدول.
في الفصل الثالث، حجبة وآلهة، تدبير القداسة ومراقبة الإذعان، يدرس السمّان الحجابة بين العصرين الأموي والعباسي، والتغيرات البنيوية التي طرأت على خطة الحجابة، لجهة الوظائف والمهام والأدوار التي اضطلع بها الحَجَبة، أو لجهة المفاهيم الثقافية والإدارية العملية المتعلقة بخطة الحجابة. بحسب السمّان، لا يمكن النظر إلى هذه التغيرات إلاّ كجزء من التحولات التاريخية في طبيعة العلاقة بين السلطة السياسية والدولة والمجتمع في التاريخ الإسلامي، على خلفية استحكام أثر الحضارة الفارسية وأنظمتها السياسية والإدارية في التدبير العباسي. كما يتناول المؤلف اتساع مهام الحاجب في العصر العباسي وتنوعها.
يقدّم السمّان في الفصل الرابع، الحجابة بين مستنقع السياسة وتوحش السلطة، نبذات موجزة لحجبة لمعوا في العصر العباسي، مسلطًا الضوء على أدوارهم في صوغ السياسة، ومدى التغيرات التي طرأت على خطة الحجابة، بالتساوق مع تطور الدولة والمجتمع والثقافة. ويقف المؤلف عند تنازع السلطة والنفوذ بين الحاجب والوزير في العصر العباسي، من مكائد الحجبة ومقاتل الوزراء إلى سَعْي الحجبة إلى تنصيب الوزراء.
باحث سوري، حاصل على شهادة في الدراسات العليا في الآثار وعلم المتاحف من جامعة دمشق. نشر العديد من البحوث والدراسات التاريخية والأدبية في منشورات علمية عربية مختلفة. صدر له كتاب خطاب الجنون في الثقافة العربية.