الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
كتب جون غالاغر مراجعة لكتاب “العالم السري: الجاسوسية عبر التاريخ” للكاتب كريستوفر آندرو نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية ونقلها إلى العربية إبراهيم عبدالله العلو. الكتاب صدر أواخر عام 2018 عن مطبعة جامعة يال الأميركية في 960 صفحة. والآتي ترجمة لنص المراجعة:
اعتاد أعضاء مكتب كامبريدج الإستخباري على الاجتماع كل يوم جمعة لتناول الشاي في غرفة اجتماعات قديمة تابعة لإحدى الكليات تحت أنظار لوحة تجسّد كريستوفر مارلو. كان مارلو أحد أعظم الكتاب في بريطانيا في العصر الإليزابيثي ولا شك أنه يصلح رفيقاً طيباً للمهتمين بتاريخ الجاسوسية والجواسيس: إذ كان يتهرب من واجباته الدراسية أثناء دراسته في جامعة كامبريدج عام 1580 ليقدم للدولة بعض الخدمات السرية في الخارج.
تجد من بين العلماء المتجمعين في الحلقة الدراسية كريستوفر آندرو المؤرخ الموثق لتاريخ جهاز الاستخبارات البريطانية (أم أي 5)، والذي يقدم في هذا الكتاب “العالم السري” تاريخاً للتجسس من العصور القديمة إلى اليوم- من قدامى الإغريق إلى الويكيليكس.
يبدأ هذا التاريخ بشكل عريض حيث يرسم موقع التجسس والخيانة في اليونان وروما والأرض المقدسة.
وفي الصين يخبر كتاب سون تزو “فن الحرب” قراءه “أن العمليات السرية مهمة في الحرب إذ يعتمد الجيش عليها في كل حركة من حركاته.”
يحدد كتاب “فن الحرب” والذي كتب ربما في القرن الثالث قبل الميلاد خمسة أنواع من التجسس بما في ذلك العملاء المزدوجون والعملاء الداخليون العاملون ضمن مخيم العدو، والعملاء الناشرون الذين يبثون الأخبار الكاذبة عند الحاجة. وتشكل المجموعات الخمسة العاملة بتجانس وسرية “اللفيفة الربانية” و”كنز الملك”.
تذكر “ارثاشاسترا” التي كتبت حوالي القرن الثالث أو الرابع قبل الميلاد في الهند بشكل مماثل أن الملك يحتاج لاستخدام الجواسيس بما في ذلك “الأحدب والقزم والخصيان والنساء البارعات بشتى الفنون والأشخاص الأغبياء” إضافة إلى المختصين بالتسميم والإغتيال.
بعد هذه البدايات العالمية يضيق منظور آندرو مع تتابع الكتاب في سرده للألفية الأخيرة من التجسس ويركز بشكل أساسي على أوروبا وروسيا والولايات المتحدة. والملفت للنظر غياب الصين عن الكتاب بعد ذكر سون تزو فيما يصبح لاحقاً قرناً صينياً بحيث يستحق تاريخه الجاسوسي إدماجه في هذا السرد.
يعتبر المؤلف موجهاً ذكياً للنجاحات الكبرى في العالم السري من استخدام موسى عليه السلام للجواسيس من 12 قبيلة من بني إسرائيل لعبور الأرض الموعودة (وإن أمكن العودة وهم يحملون عناقيد العنب) إلى فك تلغرام زيمرمان في عام 1917، وهو أشهر فك شيفرة في تاريخ الجاسوسية، والذي ساعد على جر الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الأولى.
ويشير أيضاً إلى بعض حالات الفشل الشهيرة في تاريخ التجسس. كتب لافيرنتي بيريا(رئيس جهاز الإستخبارات في عهد ستالين) عشية إطلاق عملية بارباروسا، الغزو النازي للإتحاد السوفياتي، بكل ثقة أن “هتلر لن يهاجمنا في عام 1941”.
وكذلك محاولة تسويق وزير الخارجية الأميركي كولن باول للحرب على العراق في عام 2003 في الأمم المتحدة والتي جاءت من فيلم “الصخرة” عام 1996 لشين كونري ونيكولاس كيج.
يشع سرد آندرو بلحظات التشويق والإثارة رغم الإطناب أحياناً بالتفصيل الذي يجعل بعض الفصول طويلة.
يدعو “العالم السري” القراء إلى النظر أبعد من السرديات التقليدية للتاريخ السياسي والدبلوماسي إلى الممارسات المريبة الكامنة خلفها.
عملت “الغرف السوداء” لساعات مطولة على فك شيفرة مراسلات الأعداء والحلفاء على حد سواء. كان كونغرس فيينا في القرن التاسع عشر ساحة عمل للمخبرين الذين اخترقوا المراسلات المشفرة وأصغوا إلى أحاديث الوسائد بإسم السلام القاري.
تميزت بعض الجاسوسات ولكن آندرو لا يمنحهن ذات الإهتمام الذي أولته لهن نادين أكرمان في كتابها “عميلات مخفيات” الذي يقدم تاريخاً معمقاً للنساء في التجسس في القرن السابع عشر.
نجد ماري كودرون باستيان، وهي عاملة تنظيف في السفارة الألمانية في باريس نهاية القرن تحت الإسم الحركي “أوغست” التي حملت سلال القمامة برسائل مشفرة أرسلتها إلى رؤسائها في الاستخبارات العسكرية الفرنسية.
الميادين
This post is also available in: English (الإنجليزية)