الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
كثيرًا ما يكون طريق المهاجرين الفارّين إلى أوروبا مملوءًا بالمآسي، فمنهم من يقضي نحبه غرقًا أو اختناقًا ومنهم من ينتظر في ظروف بائسة أو يسير ماشيًا على قدميه بعيدًا عن ألاعيب المهرّبين وقسوة بعض السلطات والمسؤولين.
من هذه الزاوية الإنسانية، تناولت الكاتبة البريطانية مايا غودفيلو في كتابها الجديد “بيئة معادية: كيف أصبح المهاجرون كبش فداء” Hostile Environment: How Immigrants Become Scapegoats (المكون من 272 صفحة، منشورات فرسو، 12.99 يورو) معاناة المهاجرين في بريطانيا، لتصدم برج السياسة المعقدة والقاسية والمتناقضة التي تواجه أي شخص يحاول دخول البلاد بوسائل أكثر أمانًا.
أنحت غودفيلو بجزء من اللائمة على الحكومة البريطانية التي قررت التراجع عن دعمها عمليات إنقاذ المهاجرين والبحث عنهم في عرض البحار، على الرغم من النداءات المتكررة الموجّهة إلى الحكومة البريطانية للتوقف عن اتخاذ هذه الخطوة.
توضح غودفيلو موقفها لإثبات سوء معاملة المهاجرين في المملكة المتحدة والشهادة على معاناتهم من الناحية الإنسانية. لذلك يُعد الكتاب جزءًا من الكشف عن كيف أصبح المهاجرون كبش فداء لجميع أنواع العلل المجتمعية.
أشارت الكاتبة البريطانية إلى أن بعض طالبي اللجوء يتعرّضون للترحيل إلى بلدانهم الأصلية التي فرّوا منها أو يتحوّلون إلى مشرّدين في بريطانيا، مضيفةً أن بعضهم يضطر للعيش في المقابر، داعيةً إلى ضرورة معاملة اللاجئين بوصفهم بشرًا، وإلى عدم تخويف الآخرين من وجود اللاجئين في المجتمعات الأوروبية.
تشرح غودفيلو في أحد فصول الكتاب تحت عنوان “الحفاظ على البلد الأبيض”، الإبداع الحديث لمفهوم “العرق”، وتاريخ العنصرية الضمنية والصريحة بين السياسيين البريطانيين البارزين. وتتحدث عن تواطؤ شرائح كبيرة من حزب العمال في بريطانيا والحركة النقابية ضد المهاجرين على مدار القرن العشرين.
على الرغم من أن حزب العمال البريطاني أبدى نوايا حسنة تجاه المهاجرين، فإن غودفيلو تجادل بأن هذا كان في أفضل الأحوال عملًا سطحيًا. فسياسات مثل اختبارات المواطنة والخلط المستمر للهجرة مع الجريمة والإرهاب والقمع انتهى بها الأمر إلى تعزيز فكرة أن الهجرة “مشكلة”. وإذا كانت الهجرة مشكلة، فإن المهاجرين بالتالي هم أيضًا جزء منها.
من خلال تأطير الهجرة بعبارات اقتصادية بحتة، لم يقتصر العمل على تجريد المهاجرين من إنسانيتهم فحسب، بل زرع بذور البيئة المعادية الحديثة. حيث تشرح الكاتبة بأن كل ما صرّح به حزب العمال عن كيف كانت الهجرة مفيدة للاقتصاد البريطاني، ذهب أدراج الرياح، خصوصًا عندما ربط اليمينيون الركود في الأجور بقدوم المهاجرين إلى المملكة المتحدة.
تُنهي غودفيلو فصول الكتاب بدعوة إلى وقف معاملة المهاجرين كطبقة منفصلة. وتقترح أن يتوقف إلقاء اللوم على المهاجرين مباشرة، والكفّ عن لعبة اللوم الضمنية المتمثلة في طلب أصحاب “المهارات العالية” والفئة “الأذكى والأفضل”.
تدعو غودفيلو إلى سحب القوانين العدائية مثل قوانين الهجرة لعامي 2014 و2016 مع تخفيض الرسوم واستعادة المساعدة القانونية. وبرأيها، يجب قبول المزيد من اللاجئين ومعاملتهم بكرامة عند وصولهم. كما يجب تبسيط وتوسيع طريق المواطنة والنظر إلى المهاجرين على حقيقتهم بأنهم بشر، وليس مجرد أشياء.
يجسد الكتاب قراءة أساسية وصعبة للمحامين والناشطين الذين يرغبون في فهم أصول نظام بريطانيا الحالي وحجم مهمة إصلاحه. ومع مرور عشر سنوات على الأقل من حكم المحافظين، يطرح أسئلة جدية حول كيفية إحراز تقدم على المدى المتوسط والمدى الطويل وما هي التحركات والحملات التي قد تؤتي ثمارها في المناخ العنصري السائد.
المصدر: إيلاف
This post is also available in: English (الإنجليزية)