الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
نميل في تفسير رؤيتنا للمدن التي تظهر كما هي عليه اليوم إلى عمل المهندسين والمعماريين والمخططين والبنائين الواعي، ولكن ماذا لو كانت صورة المدن أقل ارتباطاً بالتصميم، وأكثر تأثراً بالعمليات الاجتماعية والثقافية والمالية والسياسية التي يتفاعل الناس معها؟ ماذا لو كانت المدينة ضمن عملية مستمرة أكثر من كونها ترجمة لتصميم محدَّد ينتهي مع انتهاء تنفيذه؟
يرى المؤلِّف ريتشارد ويليامز أن اللحظة التي يتم فيها الانتهاء من تشييد المباني هي مجرد نقطة البداية، لتفاعل عمليات لا تُعدُّ ولا تُحصى ينتج عنها مظهر المدينـة العالمية المعاصرة.
ويقول ويليامز إن تلك العمليات تدور حول المال والسلطة والعلاقات الإنسانية والعمل والحرب والثقافة. وتكمن فرضيته الأساسية في أن المدن ليست مخططة أو مصممة، بل إنها تنمو وتتطور مع تطور هذه العمليات. ومن خلال كل ذلك يقدِّم نظرة فلسفية إلى المدن يتناول فيها آراءً لعالِم النفس سيغموند فرويد، والفيلسوف الفرنسي بول-ميشيل فوكو وغيرهما ممن تناولوا أفكاراً في هذا السياق.
وهكذا فإن الكتاب يدور حول تصوراتنا للمدن والصور التي نرسمها لها في الأفلام والروايات، وكذلك حول الطوب والخرسانات الإسمنتية.
ومع ذلك، هناك أيضاً عديد من الأمثلة الملموسة للمباني والمساحات الفعلية للمدينة والطريقة التي تم تشكيلها بواسطة واحد أو أكثر من العمليات التي تحدَّث عنها ويليامز، مثل المباني ذات الجدران الزجاجية كمبنى بلدية لندن ومبنى الرايخستاغ في ألمانيا المصممين على ما يبدو لإظهار الشفافية السياسية؛ ومبنى “ووكي توكي” الشهير في لندن الذي يتميَّز بالطوابق العليا المنتفخة اعترافاً منه بسوق الإيجار الذي يقرُّ بأن الطوابق العليا يمكن أن تجتذب إيجارات أعلى من تلك الموجودة في الطوابق الأدنى؛ وعديد من المستودعات الصناعية القديمة التي تحوَّلت إلى مساحات إبداعية.
المصدر: مجلة فكر
This post is also available in: English (الإنجليزية)