الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
“يا لها من حياةٍ مثيرة عشتها”، تذكر ديبي هاري في مذكراتها التي تمثّل أصدق تعبير عن العلاقات الجنسيّة والمخدرات وموسيقى الروك أند رول. وبالنّظر إلى ما كشفته البطلة عن نفسها وتعاطيها الكوكايين، لا يسع المرء إلا أن يكون شاكراً لأن سيرتها غير قابلة للتعاطي على طريقة خدش أكياس الكوكايين وتنشّقها!
وبوصفها عضواً في فرقة “بلوندي” (Blondie)، برزت هاري كواحدة من المغنيات الناجحات والمتميّزات في سبيعنيات القرن العشرين. وإنّ ما ترويه عن مسيرتها نحو النّجومية مسلٍّ وممتع جداً، لاسيما الجزء الذي تصف فيه أسلوب فيل سبيكتور بقضاء أوقاتٍ طيّبة مع فتاة وتمريره مسدساً على طول حذائها الجلدي ذي الرقبة الطويلة قائلاً “بانغ بانغ”، كأنّه يُقلّد الممثل الكوميدي دبليو سي فيلدز. أما الأجزاء الأشدّ تأثيراً في سيرة هاري الذاتية فتتعلّق بطفولتها ومراهقتها. إذ نشأت وترعرعت في عصرٍ فيه “القليل من المُلْهيات” والكثير من الوقت لأحلام اليقظة.
واستطراداً، توجّب على هاري أن تتعايش مع الخوف والذّعر في سنٍّ مبكرة، سواء كان ذلك بسبب إقدام غرباء على إظهار أعضائهم الجنسيّة لها (حين كانت في الثامنة من عمرها) أو بسبب تعرّضها وصديقتها (قبل سنّ المراهقة) إلى المغازلة والتحرّش من قِبَلْ رجلين غريبين في أواخر الثلاثينات من العمر. وليس أحد هذين الرّجلين سوى بودي ريتش، عازف الجاز المشهود له عالمياً والبطل الخارق في عيون العديد من عازفي الطبول الذين ستتعرّف عليهم هاري في حياتها.
وعلى الرّغم من وصف هاري لأوّل متحرّش يُظهر أعضاءه التناسلية أمامها بـ”الشاذ والمنحرف”، إلا أنها بدت أكثر تسامحاً حيال ديفيد بووي الذي “أخرج عضوه أمامها” تحت تأثير المخدرات، مكتفيةً بالقول إنه “كان يحب إخراج عضوه أمام الرّجال والنّساء على السّواء… ذلك أمر مضحك وظريف ومغرٍ في آنٍ معاً”. وإلى جانب ما سبق ذكره من مواقف غريبة، تحتوي مذكرات هاري المكتوبة بقلم كاتبٍ شبح على “سلسلة من المقابلات الحصرية الحديثة”. وفي إطار تلك المقابلات، تُكرّر هاري زعمها بأنّها قد تمكّنت من الفرار من سيارة يقودها السّفاح تيد بوندي. “صحيح أنّهم كذّبوا روايتي بقولهم إنّ بوندي آنذاك لم يكن موجوداً في نيويورك بل في فلوريدا. ولكنّني متأكّدة أنّه هو”، تؤكّد بإصرار وحسم.
وبنظر المعجبين بفن فرقة “بلوندي”، يُعتبر “لنُواجه الأمر” كتاباً غنياً بالمقتطفات المثيرة والأعمال الفنيّة الجميلة. ويحتوي القصيدة الشعرية التي كتبتها هاري عن مأساة 11 سبتمبر (أيلول)، إضافة إلى اعترافها الصرّيح بـ”مزاجيّتها الشديدة” و”مناصرتها القوية للبيئة” و”معاداتها لترمب وسياسته” وحبّها عمليات التّجميل “لأنها تُشعرك بأنك في حالة أفضل”. ويتضمن أيضاً ذكرٌ لعشق المغنية الكبير للمصارعة، ومعزّتها الخاصة لمارلين مونرو مدعومة بوثائق ومستندات. وإلى جانب ذلك، يكشف “لنُواجه الأمر” النقاب عن الألبوم المفضل لدى هاري، ونعني به ألبوم “آه يا أخي، أين أنت؟” (O Brother, Where Art Thou?) وهو من نوع موسيقى “البانك” أو الموجة الجديدة. وبشغف حقييقي، يعبّر الكتاب عن حبّ المغنية عازفي موسيقى الجاز: بيلي هوليداي ومايلز دايفيس وفاتس والر وأورنيت كولمان. وعن ظهورها في برنامج “عرض الدّمى” (The Muppet Show)، تُقرّ المغنية وتعترف بأنها أقدمت على تلك الخطوة تيمّناً بديزي جيليبسي، ليس إلا.
والملفت في “لنُواجه الأمر” صراحة هاري بشأن عيوبها وإخفاقاتها. “لقد أُخذنا على حين غرّة”، تتحدث بتلك الكلمات مستذكرةً الفترة التي كانت فيها مفلسةً ومدينةً لـ”دائرة الإيرادات الدّاخلية” (IRS) بالآلاف من الدولارات. وكذلك تصرح عن سخريّتها من “الانفتاح الممل غالباً” في العصر الرّقمي. “في الأيام الخوالي، كان كلّ شيء يدور حول تحقيق الأحلام والأماني. أما في أيامنا هذه، فبات كلّ شيء يدور حول الشّهرة”، تُعلّق هاري التي كانت وجهاً فنياً رائداً وصادق النّوايا.
يصدر كتاب “لنُواجه الأمر” لديبي هاري عن دار “هابر كولينز” (HarperCollins) للنشر بسعر 20 جنيهاً إسترلينياً.
This post is also available in: English (الإنجليزية)