الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
فى كتابه “الممالك الصحراوية نحو القوى العالمية: صعود الخليج العربي” يقدم الخبير في السياسة الخليجية والشؤون الدولية،”روري ميلر”، وصفاً دقيقاً لإنجازات الممالك الخليجية منذ أزمة النفط العالمية عام 1973، كما يرى أن الحكام العرب الخليجيين المثقفين تغلبوا على الأزمات الواحدة تلو الأخرى.
يقدم ميلر تحليلاً حيوياً لدول الخليج العربية على مدى نصف القرن الماضي وللتحديات الهائلة التي تواجهها اليوم.
ويرى الباحث أن الدول الخليجية الست “المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت” تمارس تأثيراً غير مسبوق على الشؤون الدولية، نتيجة ثرواتها التي لا يمكن تصورها من النفط والغاز، وأصبحت منطقة الخليج مركزاً رئيسياً للسفر والسياحة والرياضة والثقافة والتجارة والتمويل.
ويطرح المؤلف أسئلة إشكالية فيما إذا كان بإمكان الأنظمة الاستبدادية أن تحافظ على الاستقرار في الداخل والتأثير في الخارج في ظل مطالب الإصلاح الاجتماعي والديمقراطي؟
يأخذ ميلر مجموعة من العوامل التي تشكّل تحدياً لهذه الدول مثل الإسلاموية والإرهاب و”الربيع العربي” وأسعار النفط المتقلبة وديناميات القوى العالمية وغيرها لتقييم الإمكانات المستقبلية.
ثروة ونفوذ
في الفصل الأول يبحث الكاتب في الخلفيات التي كان لها الدور الأكبر في نهوض ممالك الخليج، ويشير الى أن السعودية منذ تأسيسها في عام 1932 اعتمدت على أموال الحج من أجل الاستمرار لغاية عام 1950. وكانت دولة متخلفة وفقيرة وكذلك الدول الخليجية الأخرى، إلا أن ثروة ونفوذ الدول الخليجية، وبالأخص السعودية، تنامت بعد أزمة النفط في عام 1973، وأصبح الفائض النقدي كبيراً وبدأت الصناعات البتروكيمائية تدخل الى الخليج وبدأ الاستثمار في البنية التحية، وأنشئت الصناديق المالية المختلفة، حتى أن السعودية أعطت قروضاً لإيطاليا بقيمة مليار دولار ولآيرلندا بقيمة 300 مليون دولار في عام 1976.
ويرى ميلر أن حرب 6 أكتوبر – تشرين الأول 1973 حيث هاجم الجيشان السوري والمصري الكيان الإسرائيلي في “يوم الغفران”، قد شكّل خطراً على إسرائيل، والتي طلبت المساعدة من الولايات المتحدة الأميركية في عهد إدارة نيكسون، ما أدى الى تغيّر مجرى الحرب جراء المساعدات الأميركية الهائلة، وما دفع الدول العربية النفطية في 17 أكتوبر– تشرين الأول 1973 (السعودية – العراق- الكويت – الإمارات – قطر – ليبيا – الجزائر) إلى استخدام النفط كسلاح ضد الغرب (عقوبات على الولايات المتحدة وهولندا ولاحقاً على البرتغال لمساعدتها إسرائيل)، وذلك من أجل إجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، في انقلاب على المبادئ التي تم الاتفاق عليها ما بين الرئيس الأميركي روزفلت ومؤسس المملكة السعودية عبد العزيز بن سعود في عام 1945، والتي عقدت على متن حاملة الطائرات كوينسي في قناة السويس، وتضمنت التزام الولايات المتحدة الحماية اللا مشروطة لعائلة آل سعود الحاكمة، في مقابل ضمان السعودية لإمدادات الطاقة التي تستحقها الولايات المتحدة، وعلى مبادئ الملك فيصل الذي رفض استخدام سلاح النفط في عام 1967، وسياساته التي اعتبرت الولايات المتحدة عامل استقرار للمملكة. وكانت لذلك أهمية قصوى وأسس لذلك لنهوض الممالك الخليجية لتعلب دوراً في المنطقة والعالم.
سلاح النفط
كما أشار الكاتب إلى سياسات خفض الإنتاج بمقدار 5% في أيلول – سبتمبر 1973، والتي أدت الى زيادة سعر برميل النفط من ثلاثة الى خمسة دولارات وصولاً الى 11$ للبرميل الواحد مع نهاية العام، وذلك من دون استشارة الشركات المنتجة، وأحدث ذلك صدمة للولايات المتحدة وكندا واليابان وأوروبا حيث لم تكن لديها مخزونات استراتيجية من النفط، وازدادت فاتورة هذه الدول جراء ذلك، وأدى ذلك الى تضاعف ثروت دول الخليج بمرات.
وتضاعف احتياطي دول الخليج مرات عدة مع نهاية عام 1974 ليصبح 50 مليار دولار بعد أن كان يقدر في بداية عام 1973 بـ13.1 مليار دولار، حيث كانت فرصة ذهبية لهذه الدول لجني الأرباح.
ويستعرض الكاتب العوامل التي أسست لجعل النفط يستخدم كسلاح سياسي، ومن هذه العوامل الاتفاقية بين البلدان المنتجة وشركات النفط حول مستوى الإنتاج والتسعير في العامي 1971 و1972، والتي سمحت للبلدان المنتجة بالمشاركة في الملكية “ملكية جزئية”، بعد أن كانت الشركات المنتجة هي المسيطرة، مما أدى الى مشاركة أكبر في الدخل “المردود” ومكّنت منتجي النفط في الخليج من استخدام قوة النفط كسلاح ضد إسرائيل والغرب في عام 1973.
يرى ميلر أن التغيّرات الكبيرة التي حدثت مؤخراً، من أزمة النفط خلال حرب أكتوبر تشرين الأول 1973، وصولاً الى الثورة الإسلامية في إيران والتدخل السوفياتي في أفغانستان، قد زادت من دور دول الخليح في المنطقة، وكانت تلك الأحداث تشير الى مستقبل يحمل في طياته أخطاراً متعددة لدول الخليج. إلا أن استمرار تدفقات النفط والتحويلات المالية جعلت من السعودية ودول الخليج بالعموم لاعبين أساسيين في النظام النقدي العالمي.
ويشير الكاتب الى أن قوة إيران العسكرية المتزايدة ورغبة الشاه في الهيمنة على المنطقة شكّلت تحدياً لممالك الخليج العربية، وبالأخص بعد انسحاب بريطانيا من الخليج في عام 1970، بعد أن كانت تؤمن الحماية لهذه المماليك وتحد من مطامع الشاه. فالانسحاب أدى الى استيلاء الشاه على جزر أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى، وأدركت هذه الدول أن العراق هو الوحيد القادر على مواجهة الشاه.
(نقلاً عن الميادين)
للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية
This post is also available in: English (الإنجليزية)