الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
يقدم مستشار شؤون الشرق الأوسط للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن نظرة متشائمة للساحة السياسية والاقتصادية
الدولية، ويدعو في كتابه الجديد “عالم من الفوضى” لإعادة ترتيب الأوراق وتبني ما يسميه “النظام العالمي- الإصدار الثاني”.
يشغل مؤلف الكتاب ريتشارد هاس اليوم منصب مدير مجلس العلاقات الخارجية، وهو مؤسسة بحثية لها وزنها في الولايات المتحدة والعالم، وتصدر عنها المجلة المعروفة “فورين أفيرز”.
شهد العالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في الأسبوع الأخير من عام 1991، مرحلة غاب عنها نسبيا ما يمكن تسميته بصراع الجبابرة، حيث خرجت روسيا من تجربة الاتحاد منهكة القوى، وكانت للصين حساباتها الخاصة التي جعلتها تفضل الاقتصاد على السياسة في تلك المرحلة.
ورغم أن عودة التنافس بين القوى الكبرى كان متوقعا على الدوام، فإن هاس يقول في كتابه هذا إن ذلك التنافس عاد في وقت سيئ للغاية، حيث يشهد العالم منذ فترة موتا بطيئا لآليات النظام العالمي الذي وضعته الولايات المتحدة وحلفاؤها، بعد انتصارهم في الحربين العالمية الأولى والثانية.
عالم اليوم هو عالم يهدده الإرهاب وانتشار الأسلحة النووية والتغير المناخي، والحروب الإلكترونية التي تشنها أشباح تسكن أقبية مظلمة مجهزة بآخر ما توصل إليه العالم في مجال التقنيات والاتصالات، وفوق كل ذلك يأتي فوز اليمين المتشدد بالحكم على ضفتيْ الأطلسي، في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.
فقد تزامن وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سدة الحكم مع تسلم تيريزا ماي الحكم في بريطانيا. الأول قاد حملة انتخابية شعبوية بامتياز، استخدم خلالها كل نظريات الانعزال والتقوقع والتركيز على الداخل، أما الثانية فقد دشنت حكمها بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومن أهم الإشارات التي يرسلها انتخاب هذين الزعيمين على رأس أهم قوتين في العالم الغربي، أن النظام العالمي الحالي الذي عُرف اصطلاحا بـ”العولمة” لم يعد نظاما مرغوبا فيه لدى الأوساط الحاكمة بالدولتين اللتين روجتا له عقودا عديدة.
يرى هاس أن القيم القديمة التي تقدس السيادة وتخوم الأوطان لم تعد قادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها دول عديدة، ويدعو لتحديث النظام العالمي، ويستخدم في لغته مصطلحات من علم الحاسوب ليعكس ضرورة صياغة النظام الجديد بما يتلاءم ومستجدات علوم الحاسوب والإنترنت.
“النظام العالمي – الإصدار الثاني” الذي يقترحه هاس يرتكز على حقيقة أن القوة (العسكرية) أصبحت منتشرة بشكل لم يسبق له مثيل، وبالتالي اضمحلت هيبة الحدود التي كان يحسب لها حساب، حيث نرى مجموعات مسلحة ودولاً تخترق حدود الدول المستهدفة علنا وفي وضح النهار، وبدون أي عواقب قانونية.
وعليه، فإن هاس ينادي بمفهوم جديد للسيادة يتبنى الواجبات والمسؤوليات التي تلقى على عاتق الدول التي تتمتع بها، وفي نفس الوقت يجب أن تحصل الدول ذات السيادة على ضمانات لحقوقها.
“يناقش الكتاب -بتفاصيل شديدة الدقة- الطريقة التي يجب أن تتعامل بها الولايات المتحدة مع القوة الكبرى العائدة بقوة: روسيا، والقوة الجديدة الصاعدة والنمر الواعد: الصين. وفي خضم كل ذلك يحذر هاس من إهمال قضايا جوهرية مثل الشرق الأوسط وأمن أوروبا”
ويسوق هاس أمثلة عديدة تبرر نظريته التي تنادي بإعادة تقييم مفهوم السيادة، حيث إن السيادة بمفهومها التقليدي تعني أن أي دولة لها الحق في التصرف بحرية ضمن حدود سيادتها، ما دامت تحترم سيادة الدول الأخرى ولا تعتدي عليها.
ويناقش الكتاب -بتفاصيل شديدة الدقة- الطريقة التي يجب أن تتعامل بها الولايات المتحدة مع القوة الكبرى العائدة بقوة: روسيا، والقوة الجديدة الصاعدة والنمر الواعد: الصين. وفي خضم كل ذلك يحذر هاس من إهمال قضايا جوهرية مثل الشرق الأوسط وأمن أوروبا.
ولا يتوقف هاس عند ذلك الحد، بل يمضي في سرد نظريات عديدة تجسد حجم القلق الذي يسود الوسط السياسي الأميركي نتيجة التغيرات التي خرجت عن السيطرة في مجالات عديدة، ويقدم مفاهيم يعتقد أنها ناجعة لمعالجة مشكلة ارتفاع الدين العام الأميركي، والفشل السياسي، وانقسام الرأي حول السياسة الخارجية.
ومن الأمور التي أشاد بها النقاد فيما يتعلق بكتاب “عالم من الفوضى”، أن الكتاب لا ينسى الماضي ويقدمه بطريقة علمية منهجية، توضح الأسباب التي كانت وراء فشل السياسة الخارجية الأميركية، وتساعد على استخلاص الدروس والعِبر للمستقبل.
أما وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت غيتس -الذي خدم بين عامي 2006 و2011- فقد علق على الكتاب بقول “إنه كتاب يجب على الرئيس الأميركي الجديد (دونالد ترمب) وكل من يهمه الأمر قراءته”.
عن المؤلف:
ريتشارد هاس هو رئيس مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد شغل هذا المنصب منذ تموز/يوليو 2003. وكان ريتشارد هاس مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية حتى حزيران/يونيو 2003، حيث كان مستشاراً أول لوزير الخارجية كولن باول في مجال واسع من اهتمامات السياسة الخارجية. وكان هاس، الذي صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على منحه رتبة سفير، قد عمل منسقاً للسياسة الأمريكية فيما يتعلق بمستقبل أفغانستان، وقد كان المسؤول القيادي في الحكومة الأمريكية لدعم عملية السلام في أيرلندا الشمالية. وبسبب الجهود المميزة التي بذلها فقد حصل على جائزة الشرف بامتياز من وزارة الخارجية الأمريكية.
ويتمتع السفير هاس بخبرة حكومية واسعة ومتميزة. فقد كان خلال الفترة 1989-1993 مساعداً خاصاً للرئيس جورج بوش، والمدير الأول للعاملين في شؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي. وقد منح هاس عام 1991 “ميدالية المواطنين” الرئاسية؛ لإسهامه في تطوير السياسة الأمريكية والتعبير عنها أثناء عمليتي: درع الصحراء، وعاصفة الصحراء. وكان قد عمل في السابق في مختلف المواقع في وزارة الخارجية (1981-1985)، ووزارة الدفاع (1979-1980)، كما كان مساعداً تشريعياً في مجلس الشيوخ الأمريكي.
عمل ريتشارد هاس أيضاً نائب رئيس، ومدير دراسات السياسة الخارجية في معهد بروكنجز، وأستاذاً زائراً على منحة سول لينووتز للدراسات الدولية في كلية هاملتون، وزميلاً أول في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، ومحاضراً في السياسة العامة بكلية كيندي لنظم الحكم في جامعة هارفارد، وزميل بحوث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. ويحمل ريتشارد هاس، الذي كان باحثاً على منحة رودس (Rhodes)، بكالوريوس الآداب من كلية أوبرلين، ودرجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة أكسفورد.
يمكنك الاطلاع على المزيد من الكتب من هنا
This post is also available in: English (الإنجليزية)