الوصف
كتاب “النّصيحة السّياسيّة”، من الكتب الّتي يصعب تصنيفها في مجال معرفيّ محدّد؛ فهو أقرب – كما يقرّ المؤلّف – إلى العلوم السّياسيّة منه إلى أيّ مجال معرفيّ آخر، فالباحث في تناوله لموضوعات الكتاب، لم يتعامل معها كإشكاليّات نظريّة أو مفاهيميّة؛ بل تعامل معها كقضايا تخصّ حقلَين ثقافيّين، وحضارتين مختلفتين، تشتركان في مجموعة من القضايا، وتختلفان في المرجعيّة والمسار التّاريخيّ، في فترة زمنية دأبنا على تسميتها (القرون الوسطى)، حضارة تعيش بداية نهضتها، وحضارة تعيش بداية انحطاطها.
يعدّ الكتاب من الدّراسات النّادرة في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة الّتي اهتمّت بموضوع “النّصيحة”، الّتي غابت عن اهتمام المؤرّخين والكتّاب المسلمين طيلة القرون الماضية، إلّا من بعض الدّراسات المحسوبة على رؤوس الأصابع، لهذا؛ نجد المؤلّف يسهب في تناول موضوع النّصيحة عند المسيحيين، لكثرة الكتابات والدّراسات، ويوجز في تناوله عند المسلمين.
يتحدّث الكتاب عن «نصائح الملوك»، أو ما أُطلق عليه، في تاريخ الفكر السياسي، اسم «مرايا الأمراء». وهي كتابات غطّت فترات طويلة من تاريخ أوربا المسيحية، بدءاً من أواخر القرن الخامس إلى مشارف القرن الثامن عشر، ويتمثّل موضوعها، تماماً كموضوع آداب الملوك الإسلامية، في بسط مجموعة من النصائح الأخلاقية – السياسية للملك أو الأمير، بهدف حُسن تدبير المملكة، أو الإمارة.
كيف تمكّنت مرايا الأمراء الغربية – المسيحية من تطوير نفسها؟ كيف نجحت، تدريجياً، بشكل أو بآخر، في تكييف تصوّراتها الأخلاقية مع ما يتطلّبه الحكم السياسي من «خبرات»، و«تقنيات»؟ كيف تمكّنت من ملاءمة القيم الدينية مع مستجدّات السلطة السياسية؟ كيف وُفِّقت في استغلال الإرثين «الروماني» و«الإغريقي» في تجديد فكرها السياسي؟ كيف حدث أن تصوّر «رجال دين» مسيحيّون المجال السياسي شيئاً «طبيعياً»؛ بل صاغوا مؤلّفات خالية من إحالات دينية؟ كيف نجحت في التخلّص التدريجي من «شخصنة» السلطة للتّفكير في الدولة فضاءً مستقلاً؟ وكيف مهّدت الطريق لـــ: مكيافيلي ليسير في اتّجاه مغاير، مؤسّساً بذلك فكراً سياسياً جديداً؟
يُتحدث، اليوم، عن الدولة «الحديثة» بوصفها معطىً جاهزاً، واقعةً سياسيةً اكتملت معالمها، أو تكاد. وغالباً، يغفل، أو يتغافل، الطامحون إلى تأسيسها أنّها تطلّبت قروناً من الحركية التاريخية المتعدّدة الأبعاد، وأنّها بُنِيَت على وقائع تطلّبت صراعات طبقية، وثورات اجتماعية، وحركات إصلاحية، ونهضة فكرية…
بينما تتموقع آداب الملوك الإسلامية على النقيض، تماماً، من كلّ المقومات والنظريات، التي قامت عليها الأدبيات السياسية المتزامنة مع تأسيس الدولة الحديثة.
المؤلف:
عز الدين العلام: باحث وأكاديمي مغربي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، المحمدية –جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء. نشر العديد من الدراسات والمؤلفات، منها: “الإيديولوجيا الباردة” (1989)، و”الفكر السياسي السلطاني” (2006)، و”تحرير الكلام في تجربة الإسلام” (2008).صدر له عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع صابر سنة 2017 كتاب: “النصيحة السياسية: دراسة مقارنة بين آداب الملوك الإسلامية ومرايا الأمراء المسيحية”