الوصف
“هذه الدراسة لتأثير الإحراج السفسطي في فلسفة أفلاطون، هي – وكما توضح الكاتبة في تقديمها لها – ثمرة عدّة سنوات من الدراسة والتأمّل ومن التّعليم والمحاجَّة. ما نقدّمه ليس معالجة شاملة للحركة السفسطائيّة ولا لفلسفة أفلاطون. بل نقدِّم، ببساطة، إعادة تأويل وإعادة تقييم لأثر الفكر السفسطائي في تطوّر فلسفة أفلاطون لجهة الأجوبة التي قدّمها هذا الأخير عن الأسئلة – الإحراجات التي طرحها السفسطائيّون، والتي وسمت فلسفته وحدّدت مسارها”.
ومما جاء في نصّ مقدمة هذه الدراسة: جرت العادة، عند الحديث عن أفلاطون، على التوقف على نظرية المثل وترجمتها السياسية – الجمهورية الفاضلة – ما يجعل أفلاطون، بذلك، جزءاً من تراث الفلسفة اليونانية القديمة، مقطوعاً عن المشكلات الفلسفية الأخرى فيما يخص المعرفة والحقيقة وعلاقة اللغة بالأشياء.
ولكن دراسة حوارات ما بعد “الجمهورية”، تظهر بوضوح أن بناء الجمهورية الفاضلة لم يكن سوى مرحلة من الفكر الأفلاطوني، وأن هذا الفكر قد تعرض، بعد مواجهته لطروحات السفسطائيين، خصوصاً غورجياس، لأزمة ثقة أدت إلى تحوله عن الاهتمام بالأخلاق والسياسة وحتى عن الاهتمام بتفسير الوجود، موكلاً هذه المهمة إلى رواة الأساطير، منصرفاً إلى نقد ذاتي قاده إلى الاعتراف باستحالة تأكيد أو نفي أي حقيقة في ميدانيْ الوجود والمعرفة، قبل تعيين نصاب كل منهما، وإلى حصر مهمة الفلسفة في تسويغ إمكان القول الفلسفي، وفرز القول الصحيح من القول الكاذب.
هذه الدراسة لا تهدف بأي حال إلى عرض معلوماتي شامل لفكر أفلاطون، إذ نفترض أن الخطوط العامة لهذا الفكر معروفة. لذا ينحصر هدفنا في إظهار أثر الرد في طروحات السفسطائيين في صوغ القول الأفلاطوني، وفي عرض هذا الأثر الذي ظهرت بوادره الأولى في حوار “كراتيلوس”، والذي عرّض الفكر الأفلاطوني لأزمة اتضحت في حوار “بارمنيدس” من حيث هو – في قسمه الأول – إعادة نظر في ما قيل عن الوجود والمعرفة، وإظهار قصور نظرية المثل في هذا المجال، والتأكيد، في الوقت نفسه، على ضرورتها لتسويغ إمكان القول الفلسفي، ثم حل الإشكالات التي تعيق إمكان القول، في حوار “السفسطائي”.
عن المؤلفة: