أصل الأخلاق وفصلها

عنوان الكتاب أصل الأخلاق وفصلها
المؤلف فريدريك نيتشه
الناشر Cambridge University Press
البلد المملكة المتحدة
تاريخ النشر 30 أكتوبر 2006
عدد الصفحات 242

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

أصل الأخلاق وفصلها

“نحن معشر الباحثين عن المعرفة، لا نعرف أنفسنا، إننا نجهل أنفسنا. وثمة سبب وجيه لذلك. فنحن لم نبحث عن ذواتنا – فكيف لنا إذن أن نكتشف أنفسنا بأنفسنا ذات يوم؟”

هكذا يبدأ نيتشه كتابه (جينالوجيا الأخلاق) والذى ترجمه اللبنانى حسن قبيسى بعنوان ذكى وهو (أصل الأخلاق وفصلها)، الجينالوجيا كمصطلح تعنى (علم الأنساب)، ويستخدم نيتشه المصطلح هنا ليتحدث عن نسب الآخلاق، الأخلاق هى قضية نيتشه الأساسية والتى ناقشها فى كتبه الأخرى إما بشكل أقرب للشاعرية كـ”هكذا تكلم زارادشت” أو بأشكال فيها حكم قصيرة متقطعة كـ”إنسانى إنسانى للغاية” و”ما وراء الخير والشر”. الكتاب يعتبر متأخر نسبيا بالنسبة لأعمال نيتشه، كتبه عام 1887، وقبل ثلاث سنوات فقط من توقفه عن الكتابة. وهو أيضا كتاب فريد من نوعه بالنسبة لنيتشه، لأنه يحمل تحليلا مرتبا ومنطقيا بالنسبة لكتبه الأخرى، ولموضوع الأخلاق بشكل خاص. ولكنه مع ذلك لا يخلو من شاعرية.

يجيب “نيتشة” عن كم من الأسئلة التى تدور فى ذهنه حول الأخلاق، والخير والشر، مثل: لماذا عمد الإنسان إلى اختراع مقياسى الخير والشر بغية استعمالهما فى حياته؟ وما هى قيمة هذين المقياسين بحد ذاتهما؟ هل أديا حتى الآن إلى عرقلة تطور البشرية أم إلى تعزيز تطورها؟ هل هما عارض من عوارض البؤس والفقر الروحى والانحطاط؟ أم أنهما ينمان بالعكس عن الغبطة والقوة والغرم على العيش والشجاعة والثقة بالمستقبل وبالحياة؟

3 مقالات

يحتوى الكتاب على باقة من المقالات التى بث فيها “فريدريك نيتشة” زبدة أفكاره فى موضوع الأخلاق، وقيمها، وأصلها..

وهذه المقالات هي: “الخير والشر، الطيب والخبيث”، “الذنب والضمير المتعب وما شاكلهما”، و”ماذا تعنى المثل الزهدية”.

من أول جملة فى الكتاب سنكتشف أننا أمام فيسلوف، أو قل مفكر مختلف، هو يضع ذاته موضع البحث مع الموضوع الذى يناقشه، وهذه مشكلته تقريبا مع كل الفلاسفة المحدثين الكبار الذين سبقوه “هيجل، كانط، شوبنهاور”، من حيث أنه كان يجد تورطا ذاتيا فى موضوعاتهم يؤثر على تحيزاتهم الفلسفية وإن كانوا هم يحاولون إنكاره.

هو يتحدث هنا مبدئياً عن ضرورة أن نعرف ذواتنا ونحن نناقش مشكلة فلسفية أساسية مثل “الأخلاق”. فى المقدمة يحاول أن يشرح قصته مع قضية الأخلاق، واهتمامه بالبحث عن أصل الخير والشر، يقول إنه فى البداية وكشخص مؤسس لاهوتيا قرر أن الشر مصدره الله، قبل ما يفرق بين اللاهوت والأخلاق ويقرر أن مصدر الشر لا بد وأن يكون هنا فى العالم، وما دام هنا فى العالم فهو مسألة تتحرك، تتطور بالشكل الداروينى، هذا سيمحو عن الأخلاق ثباتها وقدسيتها، وبالتالى بدأت أسئلته الأخلاقية يجاب عليها بالشكل الذى سنراه فى هذا الكتاب. يشرح نيتشه أيضا كيف أن بحثه عن أصول الأخلاق وأصول مفاهيم أخلاقية كالشفقة وإنكار الذات والتفانى، تلك المفاهيم التى احتفى بها شوبنهاور يؤدى إلى إثبات أنها عقبة فى وجه البشرية وهى التى تؤدى بها وبنا إلى العدم الذى هو سمة العصر والذى يصفه نيتشه بالعارض المزعج.

بشكل عام لو كانت هناك إشكالية أساسية فى هذا الكتاب، فهى وضع الأخلاق التى نعتبرها شيئا بديهيا، على مستويات الدين والمجتمع وغيرها، موضع البحث، ولنر أين سيؤدى بنا هذا البحث. المسألة ليست درامية لأخجل من الاستباق، لكن نيتشه وهذا معروف ينتهى ببحثه إلى الكفر بالأخلاق بمعناها الثابت والشائع لدينا وسنكتشف أسبابه لذلك.

أصل الخير والشر

من بداية المقال الأول الذى يبحث أصل الخير والشر ينتقد نيتشه من يطلق عليهم علماء النفس الإنجليز، وهم ببساطة أصحاب الاتجاه النفعى، هم كانوا يرون أن الفعل الطيب اعتبر كذلك من قبل هؤلاء الذين يتلقونه، يعنى من تلقوا النفع من الأفعال الطيبة سموها كذلك ثم تم نسيان أصل المديح المباشر، لتصبح هذه الأفعال طيبة فى ذاتها. ولكن هذه الفكرة مرفوضة عند نيتشه، فالفعل الطيب من سماه هكذا هم من يفعلونه، وسنرى أن الفاعل دائما هو من يسمى عند نيتشه، هؤلاء هم من قاموا بالأفعال وقرروا أن هذه أفعال طيبة، على حد تعبيره “أفعال من الدرجة الأولى” فى مقابل الأفعال المنحطة والمبتذلة والسوقية. هذا سيكون مبررا لنيتشه نفسه ليقول إن من يصنع اللغة هم أصحاب السلطة.

فى النهاية فأصحاب السلطة وأصحاب الرفعة والمتفوقون من الناس هم من صاغوا تسمية طيب ونسبوها لأفعالهم السامية، التى سيحاول نيتشه فيما بعد إثبات أنها ليست متصلة بالأفعال غير الأنانية (الأخلاقية بالمعنى الشائع). كانت حجة نيتشه ضد النفعيين أن النسيان الذى يتحدثون عنه غير مقبول، فما دام هناك منفعة فالأحرى أن نتذكرها دوما لا أن ننساها.

اليهود وقلب القيم

يصف نيتشه اليهود بالشعب الكهنوتى. ولينتصر فى صراعه مع أعدائه، وهو لا يستطيع مواجهتهم بطريقة مباشرة، قام بعملية انتقام روحى، مضمونه هو قلب القيم. عرفنا أن كلمات مثل طيب ونبيل وقوى تعنى أشخاص بعينهم. اليهود قرروا أن المساكين والفقراء والعجزة هم الطيبون، أما الأقوياء والنبلاء فعلا فهم الطغاة والجشعين وبالتالى هم المنبوذون والهالكون، ليتبلور الدين بمعناه القريب منا.

حدث توهم أن هذا حب للإنسانية، ولكن نيتشه يرى أن هذا الحب يستهدف نفس المكاسب، النصر والفتح ولكن بطريقة أخرى.

حركة مفهوم الحقد، جدل السيد والعبد

العبيد يحقدون على الأسياد الذين يحصلون على كل شيء بقوتهم، هذا الحقد يصل لمرحلة توليد قيم مختلفة، فهم ينتقمون من الأسياد، ولكن هذا الانتقام لا يكون عنيفا أو واقعيا بقدر ما يكون متخيلا. الأخلاق الأرستقراطية تولد من تأكيد الذات، وهذا مفهوم عزيز على نيتشه، ولكن فى المقابل فأخلاق العبيد تولد عن طريق رفض كل ما هو مختلف عنها؛ إنها تحتاج لعالم مواجه لها، تحتاج إلى أن تكون رد فعل.

النبيل هو شخص يتمتع بالصدق والصراحة والنشاط الفعال، لا يفكر فى سعادته لأنه يمارسها فعليا، فى حين أن العبد الحقود ليس صريحا ولا مخلصاـ يميل للطرق الخفية، والسعادة عنده مظاهرها هى الخمول والراحة والامتناع عن العمل. النبلاء نشيطون بالقدر الذى ينسون فيه الإساءات التى توجه إليهم. لا يحتفظون بها ليولد لديهم حقدا دفينا.

نيتشه يرى أن أخلاق العبيد هذه هى السبب فيما يولد نفورنا الحالى من الإنسان، وكونه بالنسبة لنا “علة شقاء وألم” وهذا النفور سببه هو فقده لكل ما يوحى بالخشية، واعتبار أن هذا الإنسان هو الغاية ونهاية التاريخ.

يحاول نيتشه أن يبرر ما نتعاهد الآن على أنه شرور، فيقول إن الحملان ترتعب من الطيور الجارحة، ولكن هذا ليس مبررا للحقد على الطيور الجارحة لأنها تروع الحملان. “إن مطالبة القوة بأن لا تتجلى بما هى قوة… أمر لا معنى له”، فهذه هى طبيعة الطيور الجارحة، بالتالى لا يفصل نيتشه بين القوة والإرادة التى تقوم بها، ويرى أن هذا الفصل خاطئ.

مهمة قلب القيم التى يقوم بها العبيد تؤدى لتوليد معانى مختلفة لمفاهيم الطيب عند الأسياد، فالعبيد يجعلون من العجز طيبة، ويجعلون من الانصياع طاعة، والجبن صبرا، هم يزعمون أن الله اصطفاهم وكلما اختبرهم أكثر يكونون أقرب إليه. أما كل ما سيواسيهم بشكل عام فهو يوم الحساب.

روما ضد ياهودا وياهودا ضد روما                    

الصراع بين الخير والشر بالمفاهيم النيتشوية يمكن أن تتلخص رمزيته فى الآتى “روما ضد ياهودا وياهودا ضد روما”، فروما هى الممثل لذروة المجد والقوة وهى الرمز لقيم السادة فى مواجهة ياهودا. ولكنه يرى أن الصراع بين روما وياهودا انتهى بانتصار اليهود، فالناس الآن ينحنون أمام أربعة يهود “المسيح”، “بطرس الصياد”، “بولس صانع الخيم”، و”مريم”. وانتصار ياهودا كان يتجدد سواء بحركة الإصلاح البروتستانتية أو بالثورة الفرنسية، فى حين تظهر استثناءات فى المقابل لسادة متفردين كظهور نابليون فى فرنسا.

 

 

أصل الأخلاق وفصلها

للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية

 

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP