الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
مع تزايد التحديات والظواهر الأمنية والاجتماعية والسياسية التي تهدد ليس الدول وحدها، ولكن النظام الدولي ذاته، من تغير المناخ، والهجرة البشرية، والمساواة بين الجنسين، والتكنولوجيا الرقمية، وغيرها؛ ينصرف الباحثون والكتاب إلى التفكير في كيفية مواجهتها في المستقبل، لتقديم الحلول والبدائل لصناع القرار، أو إخبارهم بالظواهر المستقبلية التي سيتوجب عليهم مواجهتها. وكثير من قيادات بعض الدول المتقدمة تتبنى الأفكار المستقبلية التي يطرحها المفكرون والأكاديميون وتترجمها إلى سياساتٍ فعلية وفعالة على أرض الواقع.
وفي هذا الإطار، تبرز أهمية الكتاب المعنون “أي مستقبل؟”، والذي يتألف من مجموعةٍ متباينة من المقالات التي تقدم جملةً من التصورات والتحليلات المستقبلية، سواء السياسية، أو التكنولوجية، أو البيئية، والتي سبق نشر كل منها في عددٍ من المجلات والدوريات الدولية. وعليه، يضم الكتاب 21 مقالًا، لكوكبةٍ من المؤلفين والباحثين. ويدور الكتاب في جوهره حول أبرز القضايا المستقبلية المهمة التي ستواجهها الدول خلال السنوات القادمة.
تنهض التنبؤات المستقبلية على رؤيتين متضاربتين؛ أولاهما متشائمة، وثانيهما متفائلة. ووفقًا للأولى، يتوقع انتشار الأمراض والأوبئة، وارتفاع منسوب البحار، وغرق المحاصيل، وتزايد معدلات الهجرة البشرية، وإغلاق الحدود القومية بين الدول، وتهديد التنوع البيولوجي. وفي إطار الثانية، يسود التفاؤل، ويتوقع تزايد الابتكارات التكنولوجية والاكتشافات العلمية، على نحوٍ يحقق التقدم والرفاهية للإنسانية.
وبصرف النظر عن الرؤيتين السابقتين، يعد المستقبل صناعة بشرية، سواء كان للأفضل أو الأسوا. ولا شك في التصادم المرتقب بينه وكافة القضايا الأخلاقية، والسياسية، والثقافية. وهو ما يدعو للتساؤل عن أخلاقية دراسات الجينوم البشري، وطبيعة المدن التي يجب إنشاؤها مستقبلًا في ظل تدهور السواحل وتآكل الشواطئ، وكيفية استخدام المواد الطبيعية المتاحة، وآليات إدارة أسواق التعدين الفضائي والاستفادة منها، وغيرها. وتتطلب كافة تلك التساؤلات اتخاذ خطواتٍ نحو مستقبل يعود بالنفع على البشرية جمعاء، وهو ما يتطلب بدوره تخيل واستكشاف احتمالات المستقبل بأكبر قدرٍ ممكن من الدقة.
وبدلًا من التركيز على النظام البيئي بأكمله، جادلت “سارة لاسكو” بأن النظر للمستقبل يتطلب إعادة النظر في طبيعة الأشياء. ولذا، يتحتم التساؤل عن مصادرها، ومصيرها، وصيرورتها، مستدلةً على ذلك بكيفية صناعة الكراسي من الأشجار الصغيرة. ووفقًا لها، يعني إعادة تشكيل العالم الإيمان بخططٍ مستقبلية طويلة الأمد، تؤثر بدورها في الخطط الراهنة. فمثلًا، تؤثر المجتمعات الحديثة والمزارع المستحدثة على المستقبل بطرقٍ لا يمكن لأحدٍ التنبؤ بها.
يجادل “إد فيين” في المقال المعنون “كيف تغير التنبؤات المستقبل؟” بأن التكنولوجيا التي نتفاعل معها كل يوم تغيّر الطريقة التي نتعامل بها مع المستقبل. ويُدلل على ذلك بمحرك البحث “جوجل”. وتدلل حالة أستونيا على التقدم التكنولوجي الهائل ممثلًا في الحكومة الافتراضية، والتصويت الإلكتروني، والأمن الجماعي، والمواطنة بلا حدود، والسجلات الصحية الرقمية. ففي مقاله “أستونيا.. الجمهورية الرقمية”، دفع “ناثان هيلر” بأن حكومة أستونيا اعتمدت نظامًا يوفر الأموال والوقت من ناحية، ويطبق استراتيجية جيوسياسية متقدمة من ناحيةٍ أخرى. فإذا اندلعت الحرب بين روسيا وأستونيا على سبيل المثال، وفي ظل ذلك التقدم التكنولوجي الهائل، استطاعت الأخيرة “إدارة الدولة عن بعد”.
وتتساءل “لورين سمايلي” في مقالها المعنون “شخص ما يراقبني: ماذا يحدث عندما نسمح بالرعاية التقنية لآبائنا المسنين”، عن موقع كبار السن من التكنولوجيا، وهل تستخدم لمراقبتهم أم لتحسين حياتهم المعيشية؟. ومن الأمثلة البارزة على استخدام التكنولوجيا لتحسين حياة كبار السن تقنيات التحكم في الذاكرة. ففي “مستقبل التذكر”، تتساءل “راشيل ريديرر” عن مستقبل تلك التقنيات والمتحكمين بها.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)