الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
إلى اللقاء…أوروبا
تمرّ مسيرة التوحيد الأوروبية ممثلة بالاتحاد الأوروبي بإحدى المراحل الحاسمة بالنسبة لمستقبلها ومصيرها. والموقف البريطاني المترتب على الاقتراع الشعبي العام لبقاء بريطانيا أو خروجها في الإطار الأوروبي الموحّد هو بمثابة منعطف حاسم بالنسبة للمستقبل. ذلك بغض النظر عن القرار الذي سيختاره الناخبون البريطانيون في اتجاه أو في آخر.
وفي سياق سلسلة الكتب الطويلة التي قدّمها مؤلفوها حول هذا الموضوع في مختلف الاتجاهات تساهم »سيلفي غولار«، عضو البرلمان الأوروبي بكتاب تحت عنوان» إلى اللقاء…أوروبا«.
وعلى عكس ما يمكن أن يُفهم من عنوان هذا العمل، فإن مؤلفته ليست في عداد أولئك الذين يرغبون بـ»زوال أوروبا السياسية« والعودة إلى مفاهيم »السيادة الوطنية«. بل على العكس إن هذا العمل يصب عمليا في نوع من الدعوة الصريحة والقوية لـ»نهضة أوروبا الموحّدة« ومتابعة مسيرة توحيد القارّة القديمة على أسس أكثر ثباتا في منظور المستقبل.
وإذا كانت مؤلفة هذا الكتاب لا تناقش مسألة الخيار البريطاني في إجراء الاستفتاء، كما أنها لا تناقش نتيجته، فإنها بالمقابل تركّز تحليلاتها على مدلولاته بالنسبة للبناء الأوروبي الموحّد »منذ الأساس« وما ينبغي إعادة النظر فيه بالنسبة لمستقبل هذا البناء الموحّد بالتحديد.
تطرح المؤلفة بداية المشكلة في صيغتها الأساسية منذ قيام مشروع التوحيد الأوروبي حيث تكتب ما مفاده:» لا أحد، كما يبدو، طرح السؤال حول معرفة إذا كانت الطريقة الأفضل لإبقاء البريطانيين داخل الاتحاد الأوروبي هي الرضوخ لجميع الطلبات التي يتقدمون بها«. وهي تشرح تعبير»الرضوخ« بالمعنى الذي تطرحه وأنه مرادف تماما لممارسة »المساومة«.
وتؤكّد المؤلفة في تحليلاتها أن إجراء الاستفتاء البريطاني لا يعني أن البريطانيين يملكون هامش استقلال ذاتي و»تمسّك أكبر بالسيادة الوطنية« من الأوروبيين الآخرين. وهي تعبّر عن ذلك بالجملة التالية: » المأساة ليست في قوّة المملكة المتحدة ــ بريطانيا ــ ولكن بالأحرى في ضعف شركائها«.مما تشرحه المؤلفة، من موقعها كنائبة في البرلمان الأوروبي، أن القادة الأوروبيين»لم يملكوا الشجاعة المطلوبة« من أجل منع قبول منح بريطانيا بعض»الاستثناءات«، باسم »التضامن« وإعفائها فيما يتعلّق بتطبيق جميع بنود الاتفاقيات الأوروبية. وما ترى فيه المؤلفة تجاوزا، بل »خرقا«، للمؤسسات الأوروبية المشتركة وللبرلمان الأوروبي.
تشرح المؤلفة أن الخلل الحقيقي يكمن في اختيار الأسس القانونية التي قامت عليها مسيرة التوحيد الأوروبي، ثم قام عليها الاتحاد الأوروبي بصورته الحالية. وهذا الخلل تجده المؤلفة في واقع أن »شروط انتماء ايّة دولة أوروبية إلى الاتحاد الأوروبي جرى تحديدها تبعا لتسويات القانون الدولي. إي تبعا لتسويات مثل تلك التي يمكن أن تعقدها الدول الأوروبية مع نيكاراغوا… أو زمبابوي«، كما نقرأ.
ولا تتردد المؤلفة في تأكيد أن قبول الاستثناء بالنسبة للحالة البريطانية شكّل »خرقا للإطار القانوني للاتحاد الأوروبي«. مع ذلك وافق الأوروبيون على الطلب البريطاني وابتعدوا بذلك عن »واجب حماية وتعزيز« مبدأ »سمو القانون«على كل ما يتعارض معه. وعدم احترام ذلك يعني تعريض البناء الأوروبي للخطر. تكتب المؤلفة:» إذا حصل كل طرف على معاملة خاصّة استثنائية، فهذا يعني أنه لن تبقى هناك أوروبا موحّدة«.
في المحصلة ترى مؤلفة هذا الكتاب، أن المشكلة الحقيقية الكبرى التي تعاني منها مسيرة التوحيد الأوروبي وما يهدد مستقبلها تكمن في »نقص المخيلة وصمت فرنسا وألمانيا وبقية الدول الأعضاء المؤسسة للاتحاد الأوروبي والمؤسسات وجميع أولئك الذين اشادوا البناء المشترك.. وهؤلاء جميعهم لا يولون اليوم الكثير من الاهتمام بهذا البناء«.
وفيما هو أبعد من اقتراع البريطانيين حول»البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه«، فإن المؤلفة تؤكّد على أنه عملية لها دلالتها بالنسبة لأهمية وضرورة إعادة النظر بالبناء الأوروبي المشترك في منظور تعزيز أوروبا الموحّدة والعمل على ازدهارها لتعرف دورها ومكانتها في »العالم المعولم« الذي نعيش فيه.
وتؤكّد مؤلفة الكتاب بأشكال مختلفة على أنها، من موقع»الأوروبية ذات القناعة بأهمية تعزيز البناء الأوروبي المشترك«، تطالب بضرورة احترام»الشعب الأوروبي«ــ بصيغة المفرد ــ على أساس»الاستقامة في التعامل«والحد الذي لا بدّ منه من»الثقة«المتبادلة. وبالتالي تؤكّد على أنه لا بدّ من صياغة»رؤية مستقبلية«أكثر وضوحا ودقّة بالنسبة للتعامل بين البلدان الأوروبية المعنيّة.
صرخة
الكتاب هو بأحد وجوهه الرئيسية نوع من الدعوة للمعنيين من أجل «النهوض بأوروبا» على أساس «رؤية مستقبلية تقوم على اساس السيادة الأوروبية». وتؤكّد المؤلفة فيما يشبه «الصرخة» ما مفاده «نحن لا نستطيع التقدّم في إشادة البناء الأوروبي مثل العميان الذين يتلمسون دربهم.. بل ينبغي المساهمة في بناء المجتمع الذي نريد العيش فيه».
المؤلفة في سطور
سيلفي غولار، مؤلفة هذا الكتاب، هي أحد أعضاء البرلمان الأوروبي عن تيار الوسط. تعنى بالمسائل الاقتصادية والدستورية. من مؤلفاتها:» أوروبا للمبتدئي« و»حول الديمقراطية في اوروبا« و»أوروبا: قصّة حب أم…«…الخ.
https://old.booksplatform.net/ar/product/encyclopedia-of-christianity-in-the-united-states/
This post is also available in:
English (الإنجليزية)