الوصف
على مدى ربع قرن ومن خلال تسعة عناوين تعددت طبعاتها، وبدءاً بتوفيق الحكيم ومروراً بنجيب محفوظ وانتهاءاً بعبدالرحمن منيف وحنا مينه، تخصص جورج طرابيشي في نقد الرواية وكان له السبق في الثقافة العربية إلى توظيف المنهج التحليلي النفسي في فهم الفن الأكثر تعبيراً عن غياهب النفس البشرية الذي هو الفن الروائي، بدون أن يكون أسيراً لحرفية ذلك المنهج. فليس النقد تطبيقاً لمنهج بعينه على النص الروائي، بل النص الروائي هو مايفرض على الناقد المنهج الذي يتعين عليه أن يتعامل به معه.
والتحليل النفسي يخضع لهذه القاعدة، فهو ليس برسم التطبيق الجاهز، بل هو بالأحرى برسم إعادة الاختراع وإعادة التآويل بدالة النص الروائي.
ومع أن النقد هو بالتعريف كلام ثانٍ على كلام أول حسب تعبير أبي حيان التوحيدي، فإن النقد الروائي، مهما التزم بالمنهجية، لا يستمد مصداقيته إلا بقدر مايكون بدوره إبداعياً، لا تطبيقاً خالصاً.
حصاد ربع قرن من موسم الهجرة هذا إلى نقد الرواية تقدمه دار مدارك في ثلاثة أجزاء.
جورج طرابيشي (1939م – 16 مارس 2016م)، مفكر وكاتب وناقد ومترجم عربي سوري.
من مواليد مدينة حلب عام 1939، يحمل الإجازة باللغة العربية والماجستير بالتربية من جامعة دمشق. عمل مديراً لإذاعة دمشق (1963-1964)، ورئيساً لتحرير مجلة دراسات عربية (1972-1984), ومحرراً رئيسياً لمجلة الوحدة (1984-1989). أقام فترة في لبنان، ولكنه غادره، وقد بعد حربه الأهلية، إلى فرنسا -التي بقي فيها حتى وفاته متفرغاً للكتابة والتأليف.
تميز بكثرة ترجماته ومؤلفاته حيث ترجم لفرويد وهيغل وسارتر وبرهييه وغارودي وسيمون دي بوفوار وآخرين. بلغت ترجماته ما يزيد عن مئتي كتاب في الفلسفة والأيديولوجيا والتحليل النفسي والرواية.
أهم نقاط المسار الفكري لطرابيشي هو انتقاله عبر عدة محطات أبرزها الفكر القومي والثوري والوجودية والماركسية. انتهى طرابيشي إلى تبني نزعة نقدية جذرية يرى أنها الموقف الوحيد الذي يمكن أن يصدر عنه المفكر، ولا سيما في الوضعية العربية الراهنة التي يتجاذبها قطبان: الرؤية المؤمثلة للماضي والرؤية المؤدلجة للحاضر.