الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
خلال تسعينيات القرن الماضي، ومع تقدم وسائل الاتصال والتواصل، راج مصطلح “الحلم الأمريكي” بين مختلف شعوب العالم، خاصة في الدول النامية، بكل ما يحمله هذا المصطلح من وعود بحياة أفضل وأكثر رفاهيةً.
وقد وصل الاقتصاد الأمريكي خلال هذه الفترة إلى مرحلة من النضج خلقت معها أسواقًا حرة وميزات تنافسية ضخمة، والتي ولّدت بدورها فرص عمل جديدة بشكل مستمر وبأجور مرتفعة. ناهيك عن ارتفاع القوة الشرائية التي منحت المقيمين في الولايات المتحدة مستوى معيشة لم يكن ليتحصّلوا عليه في أي دولة أخرى من دول العالم.
لكن جاءت تطورات الاقتصاد الأمريكي في الألفية الجديدة لتُقوِّض هذا الحلم، وتجعل من العيش في الولايات المتحدة أمرًا ليس باليسير على المواطنين قبل المهاجرين، حيث تراجعت الطبقة الوسطى، وازدادت معدلات عدم المساواة بين الطبقات، وضعفت مستويات الاستثمار، وانخفضت الإنتاجية، وتراجعت فرص العمل، وسيطر على السوق عدد صغير من الشركات.
قد تتحمّل التكنولوجيا الحديثة جزءًا من المسؤولية عن هذا الوضع؛ إذ على الرغم من الأرباح الضخمة لشركات وادي السيليكون، إلا أن مساهماتها في نمو الاقتصاد الحقيقي متواضعة للغاية. ولكن يبدو أن “القوى الاحتكارية” هي كلمة السر وراء هذا التدهور. فقد تراجعت التنافسية عن السوق الأمريكية، واختفت السوق الحرة لصالح مجموعة محدودة من الشركات، من خلال المال السياسي وتشكيل جماعات الضغط، وإغلاق المجال أمام دخول أي شركات جديدة إلى مجال المنافسة.
هذه هي الأطروحة الرئيسية التي يقدمها أستاذ المالية في جامعة نيويورك، وأحد أفضل علماء الاقتصاد في العالم “توماس فيلبون”، من خلال كتابه الصادر بعنوان “الانقلاب العظيم: كيف تخلت الولايات المتحدة عن السوق الحرة؟”. يحاول “فيليبون”، من خلال تحليل البيانات، وعقد المقارنات مع الدول الأوروبية، إثبات أن غياب التنافسية وسيطرة الاحتكار على السوق الأمريكية، هو السبب وراء تراجع أداء الاقتصاد. وقد نال الكتاب الكثير من الانتقادات التي تتهم الاقتصادي الفرنسي “فيليبون” بمعارضته للأيديولوجيا الرأسمالية الأمريكية.
ويرى الكاتب أن السبب الرئيسي في خنق الطبقة الوسطى يرجع إلى الأموال التي تستطيع قوة الاحتكار جمعها من المستهلكين. ويُعد قطاع الاتصالات وشركات الطيران من أسوأ المخالفين والمحتكرين، ولكن يجب أن ننتبه إلى أن رسوم الدخول في تلك الأسواق -تحديدًا- تساهم أيضًا في رفع أسعار خدمات تلك الشركات. وكذلك فإن الاحتكار في مجال المستشفيات وشركات الأدوية ساهم في ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية في الولايات المتحدة إلى مبالغ باهظة.
المصدر: المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
This post is also available in:
English (الإنجليزية)