الحدود: من تخوم الأمس إلى جدران اليوم

عنوان الكتاب الحدود: من تخوم الأمس إلى جدران اليوم
المؤلف أولفييه زاجيك
الناشر CHRONIQUE
البلد فرنسا
تاريخ النشر 2018
عدد الصفحات 184

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

يتطرق كتاب إلى مفهوم الحدود بمفهوميها القديم والحديث، حيث باتت ترسمها السياسات وتضعها على الخرائط بعدما كانت سابقًا عبارة عن تضاريس طبيعية كأنهار وجبال فاصلة.

إيلاف: الحدود هي عبارة عن خطوط وهمية وضعها الإنسان لتحديد أراضي الدول والأماكن التي يمكن لها ممارسة سلطاتها عليها أو تطبيق قوانينها فيها.

فكرة رسم الحدود وإقامتها كما نراها في الخرائط حديثة نسبيًا ظهرت في القرن التاسع عشر. أما قبل ذلك فكانت الممالك والإمبراطوريات تعتمد في غالبية الأحيان على ما تدعى بالتخوم، وهي عبارة عن تضاريس طبيعية تفصل بين أرض وأرض كالجبال والأنهار والصحارى.. إلخ.

اختار المؤرخ والأستاذ في جامعة ليون الثالثة أولفييه زاجيك هذه الخطوط الوهمية مادة لكتابه الجديد الذي يحمل عنوان “الحدود: من تخوم الأمس إلى جدران اليوم”، وهو كتاب دسم وغني وجيد التوثيق، يطرح إشكالية الحدود الحديثة من زوايا ثلاث: سياسية وما له علاقة بالهوية الثقافية ومستقبلية.

سياسة
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام. يركز الأول على المفهوم السياسي للحدود، حيث يعود الكاتب إلى التاريخ القديم، ويختار نماذج عدة، منها الإمبراطورية الرومانية، التي كانت تعتمد على حواجز طبيعية في غالبية الأحيان، لتحديد الأراضي التابعة لها، ومنها أيضًا الصين، التي شيّدت حاجزًا مصنوعًا هو سورها العظيم، الذي بدأ بناؤه في القرن السابع قبل الميلاد، ولم يتم إنجاز مراحله
الأخيرة إلا في القرن السادس عشر بعد الميلاد. كان هدف هذه الحواجز حماية أراضي الدولة من هجمات خارجية إلى جانب التأكيد على هوية ثقافية معينة.

ينطبق الأمر على إمبراطورية هابسبورغ، التي كانت أطرافها بمثابة حصن في وجه الإمبراطورية العثمانية، ثم القلاع والتحصينات التي شيّدها المهندس العسكري سيباستيان فوبان على طول الحدود بين فرنسا وهولندا.

ويعرج الكاتب أيضًا على نوع آخر من الحدود السياسية مثل تلك التي قسمت فرنسا إلى منطقتين خلال الحرب العالمية الثانية، وما يدعى بالستار الحديدي، الذي كان يفصل دول أوروبا الشرقية عن الغربية، ويعتبر أن مثل هذه الفواصل وقتية بامتياز، ولا تقوم على أي أساس ثقافي وحضاري، وبالتالي فهي إلى زوال.

الهوية الثقافية
يحلل الكاتب في الجزء الثاني من كتابه العلاقة وأشكال التفاعل بين مفهوم الحدود ومفهوم الهوية الثقافية، ويعود مرة أخرى إلى التاريخ ليذكرنا بتقديس الميثولوجيا الأغريقية واللاتينية للحدود، ثم بحالات تم فيها الطلب من البابوات إصدار حكم بشأن صراعات حدودية بين ممالك ذات سيادة، وكان بعض هذه الأراضي يقع في أماكن بعيدة، مثل المستعمرات التابعة لحكم إسبانيا والبرتغال.

استثناء
ويلاحظ الكاتب هنا أن الحدود بشكلها القديم لم تكن تمنع أو تعرقل حركة الأفراد وتنقلهم حتى ظهرت الحدود الرسمية الحديثة التي راحت تفصل بين الدول، وتبيّن المساحات التي تخضع لسيادة هذه الدولة أو تلك.

مع ذلك، وكما يشير الكاتب، لا تقوم الحدود بناء على أسس لها علاقة بالثقافة والهوية والتضاريس على الدوام، فهناك ثقافات متعددة في بعض الدول، مثل بلجيكا وسويسرا، تقيم كلها داخل حدود مشتركة. على العكس من ذلك نلاحظ حالة انقسام اجتماعي وثقافي كبير فرضه السكان أنفسهم كما في بلفاست.

منظوران
يعرض الكاتب منظورين استراتيجيين عن العالم قبل إشكالية الحدود الجغرافية والثقافية في أوروبا أو قبل تقسيم منطقة الشرق الأوسط في بدايات القرن الماضي. الأول هو منظور رتشارد كودنهوف – كالرجي، الذي اقترح بعد الحرب العالمية الأولى تقسيمًا يقوم على خمس مناطق، هي آسيا الوسطى والاتحاد الروسي والاتحاد البريطاني ثم بان-أميركا وبان-أوروبا، ويعني بالمنطقة
الأخيرة إقامة اتحاد على غرار الاتحاد القائم بين الولايات الأميركية. 

أما المنظور الثاني فيعود إلى صامويل هانتغتون، الذي نشر في بداية تسعينات القرن الماضي “صدام الحضارات”، وتوقع فيه أن يعتمد مستقبل العلاقات بين الدول على الهويات الثقافية والحضارية، وليس على الانتماء الأيديولوجي أو الأداء الاقتصادي.

زمكاني
يكرّس الكاتب الجزء الثالث لما يسميها “حدود المساحات الجديدة”، ويتطرق فيه إلى تحديات حدودية ناجمة من تدفق المهاجرين، كما هي الحال في أوروبا شنغن حاليًا، ثم عن غزو مساحات مادية جديدة عن طريق الغواصات أو المركبات الفضائية. ولا ينسى التحدث أيضًا عن غزو افتراضي، مثل الفضاء السيبراني، حيث تقوم علاقات دولية في مساحات غير مادية هي الزمكان. 

ويرى الكاتب أن هذه الحالة الجديدة تتطلب إنشاء إطار مادي ونقاط وصول ومراكز معطيات وخوادم وموجهات.. إلى آخره، ثم أيضًا ناقلات، لا سيما في شكل كايبلات، مرتبطة إحداها بالأخرى، وهذه كلها بنى تحتية مادية، تكون عادة موجودة في مكان ما يخضع لسلطة سياسية معينة. وبالنسبة إلى الكاتب فإن ما يدعوها “جيوسياسية الأنابيب” تمثل تحديًا حدوديًا جديدًا يواجه السيادة الوطنية.

يطرح الكتاب خمسين حالة عملية موثقة، لها علاقة بالحدود، كما يحتوي العديد من الخرائط والرسومات الإيضاحية، وهو يستعرض تاريخ المعنى السياسي والثقافي للحدود، ويطرح صورة جيوسياسية غنية، ويناقش توازناتها، مع التطرق إلى مفهوم العولمة.

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP