الوصف
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب تيسير خلف الحركة النسائية المبكرة في سوريا العثمانية: تجربة الكاتبة هنا كسباني كوراني 1892-1896، يتناول فيه تجربة كوراني التي تساهم دراستها في تعميق وعينا ببواكير نشوء الحركة النسوية في المشرق العربي، والاتجاهات الفكرية والفلسفية التي أثرت فيها. فهذه التجربة تمدنا بمادة غنية عن حالة نادرة من حالات التفاعل والمثاقفة بين الشرق والغرب.
يتألف هذا الكتاب (156 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من مقدمة عن هَنا كوراني وبيئتها الاجتماعية والثقافية، وثلاثة فصول.
في الفصل الأول، “مؤتمر شيكاغو النسائي”، يعرض خلف لحضور هَنا كسباني كوراني في هذا المؤتمر. فهي حين ألقت فيه خطابها الشهير في عام 1893، اقتحمت مجتمع النخبة الأميركي بقوة بفضل كلماتها المؤثرة وألفاظها الإنكليزية البليغة وزيها الشرقي المميز، وتحولت سريعًا نجمة في صحافة العالم الجديد، وضيفة مميزة في صالونات الطبقة البرجوازية، ومحاضِرة محترفة في المنتديات الأدبية والاجتماعية للحديث عن عوالم الشرق المبهمة، وعاداته وتقاليده، وأوضاع نسائه ورجاله.
وتوضيحًا لذلك، يكتب المؤلف: “عبّرت هَنا كوراني في رسالة إلى صديقتها هند نوفل، رئيسة تحرير مجلة ’الفتاة‘، عن استغرابها الشديد موقفَ النساء الأميركيات اللواتي يتمتعن بالدرجة الأولى من التقدم، بسبب عدم اقتناعهن ’بما قسم المولى لهن‘، بحسب تعبيرها. وانتقدت في رسالتها ما سمّته ’دأب نساء أميركا على منازعة الرجل على إدارة أمور السياسة، وتولي المناصب الإدارية‘. وقالت: ’لست بحامدتهن على هذه الأطماع الكبرى، لأن هذا ممّا يشوش الراحة العمومية، ويخرب فوق كل شيء السعادة البيتية، فالأَولى بهن القناعة بمقامهن الرفيع وبذل مقدرتهن في نشل غيرهن من بنات جنسهن اللواتي قد حكم الزمان عليهن بالذل والهوان‘”.
لكن، مهما يكن من أمر بقاء هَنا كوراني في الولايات المتحدة بعد اختتام مؤتمر النساء العالمي ومعرض شيكاغو، فإن تحولًا مهمًا بدأ يظهر على تفكيرها بشأن حقوق المرأة والمشاركة السياسية، كما تدل تصريحاتها للصحافة الأميركية، بحسب خلف. ومن المؤكد أن هذا التحول كان بسبب ارتباطها بصداقة وثيقة مع سيدة أميركية كانت تُعَدّ أشهر داعية إلى حق المرأة في التصويت.