الوصف
يناقش الكتاب جدلية العلاقة بين الدين والسلطة انطلاقاً من مفهوم الحاكمية، مستعرضاً مراحل تطوّر هذا المفهوم بدءاً من الكتب الفقهية التراثية، مروراً بالإسلام السياسي المعاصر، وصولاً إلى الحركات السلفية الجهادية.
ويقدّم مفهومه المعاصر للحاكمية التي يرى أنها تمثّل الميثاق العالمي الذي يمكن من خلاله تحقيق السلام في العالم، والولاء له هو ولاء للقيم الإنسانية.
ويواصل شحرور مشروعه النقدي التحديثي للفكر الإسلامي، مضيفاً لبنة جديدة إلى المنهج الذي يسعى من خلاله إلى إبراز عالمية وإنسانية الإسلام.
ويرى محمد شحرور أنّ رجال المؤسسة الدينية الرسمية يدعمون السلطة السياسية للبقاء في الحكم وليشاطروها هذا الحكم وتحقيقا لذلك فقد تم تحويل الفقه منذ محمد بن إدريس الشافعي إلى دين والى شرع بحكم الحياة اليومية للإنسان بكل تفاصيلها، وبعد أن تحولت الثقافة السلوكية السائدة في القرن السابع الميلادي إلى دين أقاموا من أنفسهم حراسا مسؤولين عن تطبيقها ولو بالقوة مما ساد معه الاستبداد الفكري القامع للناس في قيامهم وقعودهم ومأكلهم ومشربهم وسفرهم وتجارتهم ومنعوهم حتى من حق التفكير والنقاش.
هذا النوع من القهر الثقافي حول الناس إلى أقزام أمام أهل السلف ورجال التراث، ويضيف محمد شحرور لصحيفة لبنانية، “أصبح يستحيل عليهم وهم أقزام أمام ابن تيمية والسيوطي أن يتحولوا في الوقت ذاته إلى عمالة أمام جورج بوش ومادلين اولبرايت وفي رأينا أن القزم هو القزم أمام الاثنين، لقد استكمل السادة العلماء تقزيم الأمة فكم من الناس ولدوا عباقرة وماتوا بفضل السادة العلماء وهو بهائم، بينما هم أنفسهم عاجزون عن شطب حديث الذبابة من كتب السنة النبوية”.
والأحاديث التي لا تستقيم مع العقل بدأ توظيفها على يد هشام بن عبدالملك الأموي وتابعه جعفر المنصور العباسي في أخبار تراثية فصلتها كتب الاخبار والغاية منع الناس من الاعتراض والاحتجاج على كل ما يأتي به الإمام الحاكم ويقوله الأمر الذي مازال البعض ينادي به حتى اليوم لكن مبدأ تكميم الأفواه، وهذا لم يكن ساريا في عصر النبي والصحابة.
ويقول الباحث “أمور إنشاء الدولة من قبل النبي والصحابة عبارة عن إجراءات سياسية خضعت في وقتها للظروف السائدة فلماذا تركزون على الجانب الشرعي منها؟ إن اعتبار هذه الإجراءات شرعا من حيث الشكل والمضمون سيجعلك غير قادر على تغييرها. فياقوت الحموي في معجم البلدان يتحدث عن حروب حصلت في مدينة الري بين الشوافعة والشيعة والاحناف أدت إلى تدمير المنطقة بكاملها وهذا ما يحدث في ايرلندا بين البروتستانت والكاثوليك المشكلة هي أسلحة القرارات السياسية عندنا واعتبارها من الدين وهي تمسيح الإجراءات عندهم واعتبارها من الدين”.
وعلى الرغم من أن شحرور يرفض السلطة الدينية في الإسلام بصرامة، لأنها من صنع البشر، إلا أنه ليس بالعقلاني المتطرف الذي يعي أن كل هروب من الواقعية إلى المتافيزيقا يعتبر كارثة ذات عواقب جسمية. وفي الواقع لا يرغب المفكر التجديدي شحرور بالفعل في ابتداع إسلام جديد، ولكن بالأحرى يرغب في إحياء رسالة الفيلسوف ابن رشد، التي تصلح لكل زمان، وخلاصتها القائلة بأن الإيمان والعقل لا يتناقضان وإنما يكمل بعضهما البعض.
محمد شحرور
باحث ومفكّر سوري.
حائز دكتوراه في الهندسة المدنية.
بدأ في دراسة القرآن في العام 1970.
من مؤلّفاته “الدولة والمجتمع”، “الإسلام والإيمان – منظومة القيم”، “نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي”، “تجفيف منابع الإرهاب”.