الوصف
الشباب في المجتمع العربي المأزوم
تعرض المجتمع العراقي كغيره من المجتمعات العربية المأزومة وعبر عقود من الزمن إلى تغيرات بنائية ووظيفية خطيرة امتد أثرها إلى مؤسسات البناء الاجتماعي كافة. وقد شَهد هذا المجتمع سلسلة من الحروب والأزمات والعقوبات الاقتصادية خلال العقود الثلاثة الماضية، وازداد الأمر سوءاً بعد احتلاله في 9نيسان عام 2003م. في خضم هذه الأزمات تراجع الدور الوظيفي لمؤسسات البناء الاجتماعي كافة، وقد ترك هذا الخلل الوظيفي عبئاً كبيراً على مسيرة النظام الاجتماعي، لعل أخطرها تلك التي صاحبت عمليات التحول في النسيج الديمغرافي ومنها شريحة الشباب بسبب تفاقم مشكلاتهم السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية، وعلى اثر هذه المشكلات ازدادت معاناتهم وتراجع دورهم الوظيفي في عملية التنمية البشرية.
علما إننا لا يمكن أن نغفل حقيقة في غاية الأهمية وهي أن شريحة الشباب تمثل الجزء الأكبر من المكون الديمغرافي في المجتمع، وهذا يعني من وجهة نظر خبراء الاقتصاد والتنمية كنزاً تنمويا حقيقا.
وموردا بشريا هاما، ولا نبالغ إذا ما قلنا أن الشباب يشكلون الثروة الحقيقية لمواجهة كافة التحديات المجتمعية الحاضرة والمستقبلية إذا ما أحسن تأهيله وإعداده بطريقة علمية ومنهجية واعية.
إن خطر هذه الأزمات داهم كل مفاصل الحياة وأحدث تصدعاً كبيراً في البنى والوظائف والأدوار نجم عنه حالة من العجز المؤسسي ، وتوالد متواصل للمشكلات الاجتماعية ومنها مشكلات الشباب، فقد أدت إلى تفاقم الفقر والبطالة وضعف الشعور بالمسؤولية الاجتماعية وتراجع قيم المواطنة، فضلا عن مشكلات الثقافة التقليدية (التسلط الأبوي والتميز على أساس النوع الاجتماعي).
إن عدم الاهتمام بمبادرات الشباب وإقصائهم عن مواقع صناعة القرارات والمشاركة المجتمعية من ابرز التحديات أمام النهوض بواقعهم المأزوم. إلى جانب هذا وذاك يعاني الشباب العراقي اليوم من ارتفاع معدلات الأمية وتراجع في المستوى التعليمي، فضلا عن أزمة الحرية التي تفاقمت في ظل تصاعد الاعتقالات، وارتفاع معدلات جرائم القتل وأعمال العنف والإرهاب، وفقدان الاستقرار الأمني، وتزايد في ظل كل هذه المؤشرات تدهور في أوضاعهم النفسية كالشعور بالإحباط واليأس و حالة الضياع والخوف من المستقبل وأزمة الهوية، كما تفاقمت في صفوف هذه الشريحة أيضا مشكلات أخرى مثل ضعف عملية التكيف والاندماج الاجتماعي، وضمور الأساس التقليدي للتضامن الاجتماعي.
وتدهور القيم الاجتماعية وإشاعة حالة الاغتراب بصورة متنامية كل هذه المعطيات وغيرها باتت تشكل عائقا خطيرا أمامهم وتحد من أدوارهم ومسؤولياتهم في قضاياهم وقضايا المجتمع.
وتجدر الإشارة هنا أن كل المؤشرات أعلاه كانت من الدوافع الرئيسية في اختيار هذا الموضوع.
وقد استهدف الباحث في هذه الدراسة الكشف عن العلاقة بين المجتمع المأزوم ومشكلات الشباب، وخاصة ما يتعلق بالمشكلات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية.
واعتمد الباحث في هذه الدراسة منهج المسح الاجتماعي وبعض أدوات ووسائل جمع البيانات والمعلومات، كما اعتمد أيضا على بعض المداخل النظرية لتفسير مشكلة بحثه، منها المدخل الصراعي والمدخل الوظيفي، كل هذه الوسائل ساعدت الباحث في تفسير مشكلة بحثه والتوصل إلى نتائج واقعية ودقيقة. وبناء على ذلك تم تقسيم هذه الدراسة إلى بابين، تناول الباب الأول الجانب النظري وقد جاء في أربعة فصول، تضمن الفصل الأول الإطار العام للدراسة ويشمل ثلاثة مباحث، تناول المبحث الأول عناصر الدراسة ومكوناتها ، أما في المبحث الثاني تناول أهم المفاهيم والمصطلحات العلمية ، أما المبحث الثالث ركز على الدراسات السابقة. في حين جاء في الفصل الثاني الإطار المرجعي لتفسير مشكلة الدراسة، تضمن ثلاثة مباحث، تناول المبحث الأول المدخل الصراعي، وفي المبحث الثاني تم تناول المدخل الوظيفي، أما المبحث الثالث فقد ركز على مناقشة النظريات وتطبيقاتها على مشكلة الدراسة.
أما الفصل الثالث جاء تحت عنوان المجتمع المأزوم : تحليل سوسيولوجي وتم تناوله من خلال مبحثين ركز المبحث الأول العوامل المسببة لتأزم المجتمع تضمن التأزم السياسي والتأزم الاقتصادي والتأزم الاجتماعي، في حين تناول المبحث الثاني مظاهر المجتمع المأزوم. أما الفصل الرابع فقد جاء بعنوان : مشكلات الشباب في المجتمع المأزوم وتناول أربعة مباحث، المبحث الأول تناول واقع الشباب العراقي، في حين تناول المبحث الثاني الشباب وقضايا المشاركة والانتماء، أما المبحث الثالث فقد ركز على الشباب ومشكلاته الاقتصادية، بينما عالج المبحث الرابع الشباب ومشكلاته الاجتماعية والنفسية.
أما الباب الثاني فقد تناول الجانب الميداني وتضمن ثلاثة فصول، تناول الفصل الخامس الإجراءات المنهجية للدراسة الميدانية وتضمن نوع الدراسة والمنهج ووسائل جمع البيانات ومجالات الدراسة وتصميم حجم العينة وتبويب البيانات الإحصائية وتحليلها والوسائل الإحصائية وفرضيات الدراسة، وجاء في الفصل السادس نتائج الدراسة وتحليلها وتفسيرها حيث تضمن أربعة مباحث تناول المبحث الأول البيانات الأولية، في حين جاء في المبحث الثاني مشكلات الشباب السياسية والأمنية، إما المبحث الثالث تناول مشكلات الشباب الاقتصادية، وتناولنا في المبحث الرابع مشكلات الشباب الاجتماعية والنفسية. وجاء في الفصل السابع استنتاجات الدراسة وافق المستقبل وتضمن ثلاثة مباحث، جاء في المبحث الأول النتائج النظرية، في حين تناول المبحث الثاني النتائج الميدانية. أما المبحث الثالث تناول أفق المستقبل : نحو سياسة اجتماعية لتمكين الشباب.
الشباب في المجتمع العربي المأزوم
للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية