الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
رغم أن العالم الحديث يقوم في الأساس على السلع، بدايةً من النفط الذي تعمل السيارات به، وحتى المعادن التي تشغل الهواتف الذكية، إلا أن معظم الأشخاص لا يتوقفون ليفكروا في مصادر هذه السلع، الأمر الذي يناقشه الصحفيان جاك فارشي وخافيير بلاس في كتابهما “العالم للبيع: المال والسلطة والتجار الذين يقايضون موارد الأرض”.
ويكشف الصحفيان في هذا الكتاب الجديد الصادر في شهر فبراير 2021، كيف يشتري حفنة من المليارديرات موارد الأرض، ويخزنونها، ثم يبيعونها، حتى أصبح أولئك بمثابة تروس لا غنى عنها في الأسواق العالمية.
كما تمكّن أولئك الأثرياء من التوسع في التجارة الدولية، وربط الدول الغنية بالموارد مع المراكز المالية العالمية.
طفرة تاريخية في أسعار النفط
انتعش سعر النفط في ديسمبر عام 1998، ثم تضاعف في الأشهر الاثني عشر التالية، وشهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ارتفاعًا كبيرًا في سعر النفط، حتى وصل سعر برميل النفط إلى 145 دولارًا في شهر يوليو 2008.
يحكي فارشي وبلاس في كتاب “العالم للبيع” كيف ساعدت هذه الطفرة التاريخية في أسعار النفط، شركات مثل “كارجيل” و”فيتول” و”ترافيجورا” على تحقيق ثروات طائلة، وامتلاك سلطة سياسية.
يرى الصحفيان أن هناك عدة اتجاهات ساهمت في نمو شركات السلع الأساسية منذ السبعينيات وحتى الآن، ويتضمن ذلك عمليات تأميم شركات النفط في الشرق الأوسط خلال السبعينيات، وتفكك الاتحاد السوفيتي في التسعينيات، وغير ذلك من عوامل ساهمت في تدمير سلاسل توريد متكاملة، كان يتم من خلالها نقل السلع في الأسواق الدولية، ونتيجة لذلك ظهر جيل جديد من الوسطاء، ليحل محل سلاسل التوريد القديمة، ويسد الفراغ الذي حدث بين المشترين وبائعي الموارد الطبيعية في العالم.
في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حدث تغييران كبيران، هما النمو الهائل للصين، وزيادة تدفقات رأس المال العابر للحدود، وقد ساهمت هذه العوامل، بالإضافة إلى وجود طلب كبير على السلع، في زيادة أرباح شركات مثل “كارجيل” و”فيتول” و”جلينكور”، فقد حققت هذه الشركات الثلاث أرباحًا أكثر من 76 مليار دولار على مدار العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وحتى عام 2011، بما يمثل عشرة أضعاف الأرباح التي حققتها نفس الشركات في التسعينيات.
يذكر الصحفيان في كتابهما أن هذه الشركات وقعت في أخطاء في طريقها لتحقيق هذه الأرباح الفلكية، فعلى سبيل المثال تورطت شركة “ترافيجورا” في كارثة بيئية في ميناء أبيدجان في ساحل العاج عام 2006، كما اتُهمت شركة “جلينكور” عام 2016 بإغراق تشاد في أزمة ديون سيادية؛ بسبب قرض ضخم مقابل النفط الخام، والذي أصبح يمثل عبئًا كبيرًا على الدولة بعد انهيار أسعار النفط.
رياح معاكسة
رغم كل الهيمنة التي حظيت بها شركات السلع الكبرى خلال السنوات الماضية، إلا أن الصحفيين فارشي وبلاس خلصا في نهاية كتابهما إلى أن أيام مجد شركات السلع قد ولّت، وأرجع الصحفيان ذلك إلى عدة أسباب من بينها أن نمو الصين جعلها ليست في حاجة إلى الاعتماد على وسطاء أجانب، كما أن هناك اتجاهاً جديداً يتعلق بالتغير المناخي، فالمواهب الشابة حاليًا لا ترغب في العمل في شركات متورطة في كوارث بيئية.
المصدر: مجلة فكر
This post is also available in: English (الإنجليزية)