“العبودية الكهربائية”.. إشكالية الحرية من خلال تاريخ التقنية الرقمية

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

من خلال رحلة تاريخية من “أمبير” إلى “بيل جيتس”، يأخذ المؤلفون نظرة ما وراء الكواليس ويخطئون في الأسطورة الكهربائية ورقمنة حياتنا. لا، لن ينقذ النظام الرقمي بالكامل الكوكب! قبل أن يسجنونا تمامًا، دعونا نبتعد عن قوتهم الإغوائية ونخرج من المصفوفة.

 يبدو أن التاريخ البشري محكوماً بالتقدّم على مستوى الحرّيات، حيث تستفيد المجتمعات من نضالات أسلافها لتحقيق مزيد من الحرية الفردية، كما تستفيد من التقنيات الحديثة ومن الأدوات الفكرية لتحصين الحرية. لكن هل صحيح أن التقدّم نحو الحرية دائم؟ ألا يمكن أن تتحوّل الأدوات التي أتاحت الحريات إلى وسائل للطغيان، وبالوسائل ذاتها التي تعتقد الأغلبية أنها الضامن للحريات؟

 تلك هي الإشكالية التي يطرحها كتاب “العبودية الكهربائية: من حلم الحرية إلى السجن الرقمي” La Servitude électrique. Du rêve de liberté à la prison numérique الذي صدر حديثاً عن منشورات “سوي” في باريس، وهو عمل اشترك في تأليفه كل من جيرار دوباي Gerard Dubey وآلان غرا، Alain Gras وكلاهما يشتغل ضمن مجالات علم الاجتماع والأنثروبولوجيا.

 يدرس “جيرار دوباي” و”آلان غرا”, إشكالية الحرية من خلال تاريخ التقنية، خصوصاً الكهربائية، والتي تزامن استعمالها مع صعود النموذج الرأسمالي في أوروبا ومن ثمّ انتشاره في العالم. بل إن الطاقة الكهربائية والسيطرة عليها مثّلا داعماً للرأسمالية كي توطّد أقدامها في العالم وتوجّهه حيث شاءت.

 يفسّر المؤلفان أسباب هذه الاستفادة من خلال تفكيكٍ فكريّ للكهرباء التي تتحرّك بحسبهما في ثلاثة محاور: الضوء والقوّة والمعلومة. وكان تطوير كل محور يؤدّي إلى تطوير الرأسمالية بمختلف وجوهها من زمن الصناعة إلى زمن البيانات الضخمة.

 تبدو الكهرباء عاملِاً ساهم أيضاً في دعم الحريات، ومن أقرب الأمثلة لذلك إتاحتها حرية التنقّل أو سهولة التواصل رغم إكراهات المسافة. غير أن المؤلِّفين يشيران إلى أن الاستعمالات التقنية المتولدة منها بدأت تفرض بالتدريج أنواعاً من التبعية والعبودية.

 لا يبدو موضوع الكتاب الجديد غريباً على المؤلفين، فقد نشر دوباي من قبل عملاً بعنوان “أزمنة سيئة: الأنثروبوسين ورقمنة العالم” (2018)، فيما أصدر غرا مؤلفات في السياق نفسه، أبرزها: “هشاشة القوة: كيف نتحرّر من سطوة التكنولوجيا” (2003)، و”متخيّلات الابتكار التقني” (2012).

This post is also available in: English (الإنجليزية)