الوصف
في كتابه الجديد “العولمة وتحولات الكتابة من الورقي إلى الرقمي .. قراءة في الأدب الرقمي/التفاعلي” تناول الدكتور البشير ضيف الله النصوص الإلكترونية، ثم النصوص المُبثّة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تُعتبر نصوصًا تفاعلية لا رقمية باستغلالها أفضية تتجاوز “المحلية”، ثمّ النصوص والتجارب الرقمية بظهور أنماط كتابة جديدة ومفاهيم مستحدثة على غرار الأدب التفاعلي رواية وشعرًا، و النّص المتفرع “Hypértexte“، والنّص المفتوح، وأدب الأطفال التفاعلي …
ما يعني أنّنا أمام تراكم إبداعي يحتاج إلى متابعةٍ ومواكبةٍ في الآن نفسه، فالكاتب شاهد على عصره و زمانه –كما يقول الطاهر بن جلون- ونحن مطالبون أكثر من أي وقت بأن نستوعب الفكرة، وأن نتفاعل معها، وأنْ نبحث في ميكانيزمات هذه التجربة الجديدة المختلفة شكلاً، والمتجاوِزة مضمونًا، الباحثة عن أفق يتجاوز كلّ الحدود بفعل ما تقدمه الثورة “الرقمية” من مُحفّزات أهمها شبكات التواصل الاجتماعي، والوسائط التكنولوجية المختلفة التي تجعل من الغياب حضورًا صوتًا وصورة دون مراعاة للمسافات والفوارق الزّمنية لم تكن متاحةً أو حتّى متخيلة أبدًا في زمن غير بعيد.
قُسّم هذا الكتاب إلى فصول ثلاث، يتناول الفصل الأول قراءة في “العولمة”، دلالة واصطلاحًا، فلسفة ونشأة، أفعالاً وردود أفعال، وسائل وميكانيزمات.. وإبراز تأثيراتها الإيجابية والسلبية وردود الفعل إزاءها – مع التركيز على سياقها الثقافي والتربوي بالدرجة الأولى لعلاقة ذلك بالأدب والكتابة على وجه التحديد – وكيف تلقّتها النّخب الثقافية في الأوساط العربية التي ميّزها بعض التحفظ في ظلّ اختلاف الرؤى والمرجعيات بين تياريْ “التأصيل، والمعاصرة” لنختتم هذا الفصل بمكانة اللغة العربية وآليات تفعيلها في ظلّ هذه التحولات.
تطرّق المؤلف إلى التحولات التي عرفتها الكتابة بفعل تأثير “العولمة”، حيث تطرّق إلى المتغيرات التي طرأت على الكتابة الشعرية العربية في المتون والعناوين وحتى المعجم اللّغوي، وقدّم نماذج في هذا الشأن، كما ناقش المؤلف قضية جوهرية تتعلّق بانسحاب الشعر لصالح الرواية ومدى فعلية هذا الطّرح من خلال تسجيل قراءة في مجموعة من المعطيات والأرقات التي تثبت إلى حدّ ما حقيقة هذا الانسحاب.
وأفرد المؤلف من هذه الدراسة للأدب الرقمي الذي يُعتبر آخر تقليعات هذا التحول المعيش والمتسارع في ظلّ الثورة الرقمية التي أثّثتْ منجزات سردية عديدة، و أوجد قارئًا/متلقّيًا رقميًا متعدّد الوظائف، وفتح الباب على تجريب مختلف، تجريب قائم على التقنية بكل ما تحمله الكلمة من دلالة انطلاقًا من التجربة الرائدة للمبدع “محمد سناجلة” ورواية “شات” حيث أفرزت ما يُعرف برواية الواقعية الرقمية بعد مرورنا على تجربة الشعر البصري وتجربة “عباس مشتاق معن” في هذا الشأن ما طرحَ إشكالاً يتعلق بأجناسه الأشكال الأدبية في ظل التحولات الجديدة.
وتناول المؤلف تجربة جزائرية أولى في هذا الشأن أقدم عليها الدكتور “حمزة قريرة” الذي نصّب منصّة تفاعلية وقدم نماذج أولى لنصوص رقمية شعرًا ورواية ومقامة إضافة إلى أدب الأطفال محاولاً التعريف بهذا الأدب الجديد الذي بدأ يعرف طريقه إلى القارئ العربي.