الوصف
يؤكد الدكتور شحاتة صيام عالم الاجتماع المصري في كتابه الفرعون والصراع الطبقي.. من الدولة القائدة إلى الدولة التابعة على “مفهوم الخصوصية” كمدخل لفهم “البنية الاجتماعية الطبقية” في مصر، بمناقشة أبرز الدراسات السابقة التي استخدمت “مفهوم الخصوصية” لفهم تلك البنية، مثل كتابات: أنور عبد الملك، ومحمود حسين، وسعد الدين إبراهيم، ومحمود الجوهري.
كما يؤكد الدكتور صيام على فهم المجتمع المصري في ضوء خصوصيته التي تجمع بين البنية التحتية في علاقتها الجدلية بالبنية الفوقية، والتي تجمع أيضًا بين دراسة المتغيرات الخارجية والداخلية على البنية الاجتماعية المصرية.
ويتناول الكاتب مراحل تطور البنية الاجتماعية المصرية ابتداءً من عصر محمد علي، ومرورًا بالفترة الملكية والفترة الناصرية والساداتية، وانتهاءً بفترة حكم الرئيس المخلوع مبارك.
تطور اجتماعي
مساحة زمنية شاسعة تناولها الدكتور شحاتة صيام، راصدًا سماتها الاجتماعية الأساسية؛ فدولة محمد علي -التي تمركز اقتصادها حول الدولة- ساعدت على خلق طبقة عاملة وطبقة وسطى بيروقراطية وتكنوقراطية بجوار الطبقة الحاكمة.
وبتطور الوضع بالتدريج تتبلور الطبقة الوسطى وتمنحها الدولة حق تملك وميراث الأراضي الزراعية. وبالاحتلال البريطاني لمصر في 1882م يتبنى الاستعمار البريطاني سياسات لتحويل مصر إلى مزرعة شاسعة للقطن بالتعاون مع كبار الملاك؛ لتزداد تبعية الاقتصاد المصري تدريجيًّا للاقتصاد الاستعماري.
وفي 1930م تفرض الدولة المصرية الجمارك على السلع المستوردة لتنشأ صناعات محلية وليدة ينتج عنها الطبقة العاملة نقيضها الطبقي.
ويرى د.صيام أنه نتيجة للأزمة الاجتماعية الطاحنة الناتجة عن تركز الثروة في يد أقلية ضئيلة تمتلك الأراضي والمصانع والسياسة؛ تندلع ثورة يوليو بمشروعها الاجتماعي الذي استبدل الطبقة المالكة الكبيرة بالطبقة المالكة المتوسطة التي ورثت مصالحها وتناقضها مع الدولة التي صنعتها، كما واجه عبدالناصر تحديات بالداخل والخارج أدت في النهاية لتحول الدولة المصرية -مع الانفتاح الذي أعلنه السادات في 1974م- لتعود كافة الطبقات الرجعية -ومعها الطبقة الجديدة التي حققت ثروات في العهد الناصري- لصدارة المشهد الاقتصادي. تعود تلك الطبقات لتمارس نشاطًا طفيليًّا مثل: توكيلات الشركات الأجنبية، أو أنشطة تجارية لا تنتج إنتاجًا حقيقيًّا؛ لتدخل مصر من جديد في دائرة التبعية التي طالما سعت للخروج منها في عصر عبد الناصر.
ثم تتعمق التبعية مع نظام مبارك لتصل إلى طريق مسدود، وليصبح محاسيب النظام هم أغنى أغنياء مصر؛ في دولة تتبنى الليبرالية الجديدة، وتسعى لتطبيقها حرفيًّا على جماهير الفقراء، وعلى قطاعات الطبقة الوسطى التي عانت تحت عبء التضخم المنحاز إلى تجار السلع الأغنياء.
وعامًا بعد عام، يزداد حجم القطاعات الخدمية إلى الناتج المحلي الإجمالي، ويتضاءل حجم القطاع السلعي، بما يترتب على ذلك من تبعية حادة للخارج؛ فالشعب ينتج خدمات أكثر مما ينتج من سلع، ويستهلك أكثر مما ينتج؛ فتزداد محنة الاقتصاد وتبعيته، وتزداد نسبة عوائد التملك التي يربحها رجال الأعمال على حساب أجور ملايين العمال مع تدليل الدولة الزائد لرجال الأعمال. وأمام العجز عن إشباع حاجات المصريين، وتوظيف أبنائهم، وغلاء الأسعار؛ يصل الشعب المصري إلى نهاية النفق المظلم بثورة سلمية تحمل أفقًا جديدًا، وتطيح بالنظام السابق، بعد مقدمات ثورية بدأت مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية على سياسات مبارك الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية.
ويؤكد د.صيام على أن رأسمالية المحاسيب، وهيمنة رأس المال الأجنبي، ونجاحه في دمج مصر في التقسيم العام العالمي، وتحالف تلك الرأسماليات مع نظام قمعي أمني، والتفاوت الطبقي الحاد؛ تسببت في أزمة اجتماعية حادة أدت إلى اندلاع ثورة 25 يناير.
المؤلف
الدكتور شحاتة صيام، باحث وأكاديمي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الفيوم المصرية.
من مؤلفاته: الحريم الصوفي وتأنيث الدين.. ضلالات حجاج الأضرحة، علم اجتماع المعرفة وصراع التأويلات.. من العقلانية إلى إحياء الذات، ثقافة الاحتجاج.. من الصمت إلى العصيان، الصوفية النسوية والدين الناعم، اتجاهات نظرية معاصرة في علم الاجتماع، سوسيولوجيا ما بعد الحداثة.. النهايات المفتوحة، الولي والمقدَّس، علم اجتماع العولمة، السحر وأزمة العقل.. الفكر والممارسة
(عرض- محمد سيد بركة)