اللسان والميزان.. أو التكوثر العقلي

عنوان الكتاب اللسان والميزان أو التكوثر العقلي
المؤلف د. طه عبد الرحمن
الناشر  المركز الثقافي العربي
البلد المغرب
تاريخ النشر 1998
عدد الصفحات 444

أشتري الكتاب حمل الكتاب

الوصف

اللسان والميزان.. أو التكوثر العقلي

ضربت موجات “الحداثة الغربية” الفكر العربي المعاصر، على مدار عدة عقود من الزمان، وأحدثت فيه من الخلل ما جعله غير قادر على إبداع أدواته الخاصة، فاستسلم مقلدًا، ومبتعدًا عن تراثه الأصيل.
ومع اتساع الهوة بين المفكر العربي الإسلامي وتراثه، باتت الدعوة إلى تجديد الصلة مع التراث أمرًا بالغ الأهمية، من أجل خلق بيئة مواتية للإبداع وليس التقليد، وإنتاج أفكار وكتابات بأدوات ومناهج موصولة وليست منقولة.
من هنا، يكتسب المشروع الفكري للفيلسوف المغربي الدكتور طه عبد الرحمن أهمية بالغة، حيث أعلت كتاباته من قيمة التراث العربي الإسلامي، ودعت إلى رفض دعاوى القطيعة معه، عبر أسلوب جديد يعتمد على الحُجة الدامغة والتحليل المعمق.
وكتاب “اللسان والميزان أو التكوثر العقلي” للدكتور عبد الرحمن يأتي في إطار هذا المشروع الفكري الكبير، حيث ينبه الكاتب من خلاله إلى ضرورة إخراج الكتابة الفلسفية العربية من المنزلق التاريخي، الذي انحدرت إليه، جراء موجات “الحداثة الغربية”، وتجديد صلتها بالآلة المنطقية لتستعيد خصوصيتها نهوضًا بالتقليد الفلسفي العربي الأصيل الذي وضع أسسه فلاسفة الإسلام الأوائل.
عبد الرحمن في مقدمته للكتاب أكد على ضرورة تجديد الصلات بين علم المنطق والأصوليات، فيقدم هنا طرحًا جديدًا معاكسًا لما طرحه المتقدمون، الذين جعلوا من المنطق مقدمة لعلم الأصول، منوهاً في مقدمة الكتاب إلى أن في مفاهيم الأصوليين ومناهجهم وقواعدهم ما يدخل في باب المنطق الطبيعي كأنواع الدلالات، وفي باب المنطق الحجّاجي كأنواع الاعتراضات والمناظرة والقياس، وما يدخل في باب المنطق البرهاني، كأنواع الأحكام الشرعية.
المدخل العام للكتاب خصصه المؤلف لشرح معنى “التكوثر” في عنوان الكتاب، موضحًا أنه يتضمن صفات ثلاث جوهرية، الأولى: أن التكوثر فعل عقلي فلا “يتكوثر” إلا العقل، والمقصود بذلك أن العقل لا يقيم على حال، وإنما يتجدد على الدوام ويتقلب بغير انقطاع. وعلى خلاف ما ساد من الاعتقاد الموروث عن اليونان، فإن العقل ليس جوهرًا مستقلاً قائما بنفس الإنسان، وإنما هو فاعلية، وحق الفاعلية أن تتغير على الدوام، لأن مقتضى الفعل أن يفعل وكل ما يفعل يوجد بوجود أثره وينتفي بانتفائه، موضحا أن العقل ليس فاعلية فحسب بل هو أسمى الفاعليات الإنسانية وأقواها وحق الفاعلية الأسمى، بل الأقوى على الإطلاق.
الصفة الثانية لـ”التكوثر” أنه فعل قصدي، فلا يتكوثر إلا الفعل القاصد، ويعني ذلك أن المجلي الأول للفاعلية العقلية هو الفاعلية القصدية، فالقصد توجه، وللتوجه خاصيتان أساسيتان، فهو حدث لا كثافة فيه، ولا ثقل معه، إنما هو أمر لطيف و”كل لطيف يكون نفاذه في الأشياء على قدر لطافته”. وهو في نفس الوقت، ليس ذاتًا وإنما علاقة، وكل علاقة، تدعو إلى مقابلها، سواء أكانت مثلاً، أو ضدًا، فإن كان المقابل، مثلاً تزاوجت معه، وإن كان المقابل ضدًا تناظرت معه.
أما الصفة الثالثة لـ”التكوثر” فهي أنه فعل نفعي، فلا يتكوثر إلا الفعل النافع. ويعني ذلك أن المجلي الأول للفاعلية القصدية، هو طلب المنفعة، فالعقل لا بد له أن يقصد وإلا تعطل. وإذا قصد فلا بد له أن يطلب ما ينتفع به وإلا انحط، ومن الظاهر أنه لا انتفاع له إلا بما يرتفع برتبته ولا سبيل إلى هذا الارتفاع في الرتبة إلا بما يضمن الزيادة في تكثره.
“تكوثر” الدليل الطبيعي
قسم طه عبد الرحمن كتابه إلى ثلاثة أبواب، تناول كل منها جانبًا من طرحه موزعًا على فصول، فاختص الباب الأول بالحديث عن التكوثر في مجال المعرفة المنطقية، والمعرفة الرياضية محددًا أسبابه في علاقات عقلية ثلاث، هي الإنبناء والإقامة والنظم. وقد تناول المؤلف كل علاقة في فصل مستقل.
الفصل الأول خصصه المؤلف لتوضيح مفهوم “الإنبناء”، مؤكدا أن المنطق بصفة عامة سواء أكان اصطناعيًا أم كان طبيعيًا يبحث في علاقة تجمع بين أوصاف ثلاثة هي “القولية”، و”الانتقالية”، و”الطلبية”.
وهذه العلاقة الإنبنائية هي التي خصّها علماء المسلمين باسم “اللزوم”، وهي على أنواع مختلفة، منها الاصطناعي الصوري، ومنها الطبيعي المضموني. وقد وقف المؤلف هنا على ثلاثة أنواع منها وهي “اللزوم الدلالي اللفظي”، و”اللزوم الدلالي البنيوي”، و”اللزوم التداولي التخاطبي”.
موضحا أن النوع الأول يندرج تحته الخصوص، والترادف، والتزايل، والتعاكس، فيما يندرج تحت النوع الثاني “اللزوم الدلالي”، و”اللزوم الاقتضائي”، و”اللزوم التشارحي”. ويندرج تحت النوع الثالث “اللزوم التخاطبي المخصص” و”اللزوم التخاطبي السلمي المعمم” و”اللزوم التخاطبي الجملي المعمم”. ومبينا كيف أن اللزوم التداولي التخاطبي قد يكفي في صياغة أنواع الدلالات التي اختص الأصوليون بالنظر فيها، لاسيما “الحنفية” منهم وهي دلالة العبارة التي هي لزوم المقصود من سياق القول ودلالة الاقتضاء وهي لزوم معنى المقصود العباري وعن نقيضه. أما “دلالة الدلالة” التي هي لزوم معنى بطريق أولى عن هذا المقصود العباري ودلالة الإشارة، فهي لزوم معنى المقصود العباري، من غير أن يلزم عن نقيضه، ولا أن يلزم عنه بطريق أولى.
وخلُص المؤلف في هذا الفصل إلى أن تمسك انبنائية الدليل الطبيعي بالمضمون وتقيّدها بالنطاق المعرفي، واحتمالها للمراتب، وكلها تفضي إلى تكوثر الدليل الطبيعي بما قد تقصر، عن استيعابه وسائل الصياغة المنطقية الصورية.
في الفصل الثاني تناول المؤلف الجانب الثاني من بنائية الدليل الطبيعي، وهي الإقامة، مؤكدًا أن الدليل هو بنية قولية تمتاز عن غيرها من البنى نحو البرهان، والحجة، والبينة، والأمارة، والشاهد، والسند، والرأي، والعلة.
هذه البنية القولية تتميز بخصائص منطقية إقامية تجعلها ذات صبغة لزومية صريحة مبنية على مبادئ أساسية، هي مبدأ “الترتيب والترتب”، و”مبدأ التقويم الصدقي”، و”مبدأ التقويم الاستدلالي”، وهذه المبادئ تفضي إلى تقسيمات مختلفة للأدلة منها تقسيم إلى متسق ومحال وتقسيم إلى صحيح وفاسد، وتقسيم إلى سليم ومعتل.
الدليل الطبيعي يختص بكونه يستند إلى مبدأ الإضمار، وللإضمار الطبيعي – كما يقول المؤلف- صفات، هي إرادة المستدل له، ومسؤوليته عنه، واستثماره له، وأسباب تدعو إليه نحو اجتناب التطويل، والاشتراك في معرفة المضمر. وهنالك أسباب أخرى تدل عليه، كالقرائن المقالية، والمقامية، وله كذلك أقسام منها “المفهومي، والاقتضائي، والقضائي”، كما أن تعقبه يتطلب إنشاء نظرية في الخطاب الطبيعي، تستوفي شروطًا تدليلية وتأويلية، وترجيحية محددة.
خصصه المؤلف الفصل الثالث لتوضيح الجانب البنائي المتعلق بالنظم، وخلص فيه إلى أن البنيات هي عبارة عن مجموعات مبنية، ومرتبة ومصنفة تصنيفًا تشابهيًا ومتنوعة تنوعًا بنيويًا تفيد في تأويل الأنساق والنظريات. هذه الأنساق، والنظريات التي هي بناءات، مكونة من أبجدية، وقواعد للتركيب وقواعد للتنتيج، من مسلمات قد تقتصر، على مسلمات المنطق المحمولي، الخالص، أو تتسع لمسلمات غيرها.
ويشرح فيلسوفنا أن هذا التأويل بواسطة البنية يعد بمنزلة تطبيق تشكيلي للنظرية في البنية، ينفع في بيان اتساق النظرية متى كانت براهينها بمنزلة حقائق في البنية وفي بيان تمامها، متى كانت حقائق البنية بمنزلة البراهين.
في الباب الثاني من الكتاب “اللسان والميزان أو التكوثر العقلي” أوضح فيه المؤلف أن الكلام، والخطاب، والحجاج، هي أسماء مختلفة لمفهوم واحد، وهو “الحقيقة النطقية الإنسانية”.
كل واحد من هذه المفاهيم الثلاثة يختص بالدلالة على إحدى العلاقات المكونة لهذه الحقيقة، وهي العلاقة التخاطبية، والعلاقة الاستدلالية، والعلاقة المجازية. أما الكلام فيدل على الأولى، والخطاب يدل على الثانية، فيما يدل الحجاج على الثالثة.
ويؤكد المؤلف أن كل واحد من هذه المفاهيم ورث عن العلاقة التي يتحدد بها نوعًا خاصًا من التكوثر النطقي، فورث الكلام عن العلاقة التخاطبية تكاثرًا في ذوات المتكلم فهو الناقل والمبلغ وهو المتأدب والمتخلق.
كما ورث الخطاب عن العلاقة الاستدلالية تكاثرًا في ذوات المخاطب فهو المستدل التجريدي، والمستدل التوجيهي، والمستدل التقويمي، أما الحجاج فورث عن العلاقة المجازية تكاثرًا في ذوات المستعير، فهو المدعي الجلي، والمدعي الخفي، وهو المعترض الجلي والمعترض الخفي، سواء تعلق بالمعنى الحقيقي أو بالمعني القيمي.
وتناول المؤلف في الفصل الأول من هذا الباب العلاقة الخطابية، موضحًا كيف أنها مبنية على جانبين متلازمين، وهما التواصل والتعامل وتقوم على خمس مبادئ هي “مبدأ التعاون”، و”مبدأ التأدب”، و”مبدأ التواجه”، و”مبدأ التأدب الأقصى”، و”مبدأ التصديق”، وهي المبادئ تتفاضل فيما بينها.
ثم ينتقل المؤلف بعد ذلك لتناول العلاقة الحجاجية، موضحا مفهوم الحجاج، ومحددًا أنواعه الثلاثة، كما حدد لكل نوع نموذجه التواصلي المناسب له مبرزًا صفاته وقواعده، أو حدوده فيما حدد في الفصل التالي مراتب الحجاج والقوانين التي تضبطها كما قابل بينها وبين ضروب قياس التمثيل معينًا وجوه التوافق بين المراتب الحجاجية والضروب التمثيلية.
ويصل العلامة المغربي في هذا الفصل إلى نتيجتين، أولهما أن: الاستدلال القياسي الحجاجي يحتوي الآليات، التي يتوالد ويتكاثر بها كل خطاب طبيعي ويلتئم بها بناؤه ويلتحم. وثانيهما: أن التنظير لتحليل الخطاب، لا يستقيم بغير النظر في الآليات القياسية، أي بغير استقصاء آثارها في مختلف الأساليب البيانية وبغير صوغ هذه الآثار وضبط مستوياتها، منوهاً إلى أن “البيان ليس تنميقًا للكلام ولا تحريفا لوظيفة الخطاب بقدر ما هو تحقيق لأقصى إمكانات التبليغ بما يؤدي إلى انتهاض المخاطب بالعمل والتغيير”.
وأفرد المؤلف الفصل الرابع لبيان العلاقة المجازية كاشفًا عن وجوه القصور في تطبيق الحساب المنطقي اللغوي على الاستعارة، فيُبرز مدى الحاجة إلى التوسل بآليات استدلالية تقبل الخروج عن مبدأ عدم التناقض، ومبدأ الثالث المرفوع، وتأخذ بمبدأ “التعارض” الذي هو وحده القادر على الوفاء بحقيقة تداخل الذوات الخطابية التي ينطوي عليها كل تعبير مجازي.
ابن رشد.. الشاهد الأول
يصل طه عبد الرحمن إلى الباب الثالث والأخير من كتابه، مقدما فيه نماذج من التراث اللغوي المنطقي، متحدثا في مدخله عن التكوثر في الحقيقة العقلية من خلال استعراض شواهد من التراث المنطقي اللغوي الإسلامي.
الشاهد الأول، جاء به عبد الرحمن، من تراث الفيلسوف الشهير ابن رشد، لبيان تكوثر الحقيقة العقلية، والشاهد الثاني، جاء من تراث الإمام “الغزالي“، لبيان تكوثر مضمون الحقيقة العقلية، أما الشاهد الثالث، فجاء من تراث ابن خلدون، لبيان تكوثر منهج الحقيقة العقلية.
ويصل فيلسوفنا إلى نتيجة مؤداها أن الحقيقة العقلية ليست واحدة لا قولاً ولاً مضمونًا، ولا منهجًا وأن الكثرة تنفذ إليها من كل جانب وكل تقليل يأتيها من هذا الجانب أو ذاك، لا يمكن إلا أن يضر بحقيقة العقل، التي تجعل منه فاعلية دائمة على التقلب وطالبة لمزيد من التشعب.
وحلل المؤلف في الفصل الأول من هذا الباب، لغة ابن رشد في معالجته لكتاب المقولات لأرسطو، مؤكدا أنه واجه نصًا لا ينطق واستخدم لاستنطاقه منهجين متكاملين أحدهما تقويمي، وهو “التلخيص”، والآخر “تقريبي”، وهو الشرح. ويرجع تعثر الاستنطاق بين يديّ ابن رشد– من وجهة نظر عبد الرحمن- إلى تصوره التقليدي العتيق للمضمون الفلسفي، واللغة الفلسفية. وهذا التصور يقضي بأن ننقل المعاني الفلسفية نقلنا للحقائق العلمية الموضوعية، ونغفل البعد التداولي لها، في حين يرى فيلسوفنا أنه لا يمكن أن يرقى الكلام الفلسفي إلى مستوى التبليغ إلا إذا استجاب لمتطلبات المجال التداولي للمخاطب.
بعد ذلك ينتقل المؤلف لبحث الأسس المنطقية لمسألة السببية عند الغزالي متوسلاً في ذلك بمفاهيم نظرية العوامل الممكنة المنطقية، متوصلاً إلى نتائج تدفع عن الغزالي كثيرًا من التهم التي نُسبت إليه.
ويؤكد فيلسوفنًا على “تهافت الأوصاف” التي طالت الغزالي بسبب نظريته في السببية الطبيعية، ومقالته في الأفضلية العالمية مشيرًا إلى بطلان وصفه بـ”اللاعلمية”، مبينًا أن الضرورة الطبيعية لا معنى لها إلا إذا طابق القانون الطبيعي، القانون المنطقي في مقتضاه وهذا ما لا تسلم به بداهة العقل.
أما وصف الغزالي بـ”اللاعقلانية” فباطل أيضًا -عند المؤلف- لأن الضرورة العقلية عنده هي وصف ثابت لترتيب عالم الواقع، بل لترتيب أشباه من العوامل، كما يرفض عبد الرحمن وصفه بـ”اللاواقعية” لأن عالم الواقع عند الغزالي ليس مجرد واحد من العوالم يسد مسده أي عالم آخر، بل هو أفضل العوالم لأنه مجلي القدرة الإلهية في جمال فضلها وجلال عدلها.
في الفصل الثالث والأخير من الكتاب، تناول عبد الرحمن طبيعة الاستدلال عند العلامة “ابن خلدون” في مقدمته الشهيرة، مبينا كيف أنه أضاف إلى الطريق البرهاني، الطريق الحجاجي، مستثمرًا بعض الامكانات الاستدلالية الطبيعية الخاصة باللغة العربية. موضحا أن ابن خلدون كان يهدف إلى إقامة علم للتاريخ، مؤسساً على شرط البرهان، لذلك تطلع في أدلته إلى الإتيان على قدر الطاقة، بما يقتضيه البرهان، من الترتيب، والاستيفاء، واليقين، والتوسل، بالحد الوسط. ومؤكدا أن اعتقاد ابن خلدون بأن هذه المقتضيات البرهانية موجودة في الفطرة الإنسانية جعله يدخل في المزاوجة بينها وبين موجبات الاستدلال، كما يمارسه الفكر الطبيعي، فجاء نصه متسمًا بثراء استدلالي قل نظيره في الفكر العالمي.
وقد بلغ ابن خلدون مبلغًا كبيرًا في استخدام الاستدلالات والتنوع في طرقها والتداخل بين مستوياتها، وأنه ما كان ليقوى على تكثير هذا الاستدلال داخل نصه لولا التكوين البرهاني، المتين الذي تزود به.
في خاتمة الكتاب استعرض عبد الرحمن النتائج العلمية والفلسفية التي توصل إليها من خلال بحثه، معتبرًا إياها ثمرة هذا الكتاب فعرض لثماني نتائج علمية ،فيما اقتصر على نتيجتين فلسفيتين توصل إليهما.
أولى النتائج الفلسفية، التي كانت ثمرة هذا الكتاب، هي أن مقتضيات الدليل العقلي طبيعيًا كان أو صناعيًا، فلسفيا كان أو علميًا، تكشف أن العقل الإنساني، لا يختلف في حجمه فحسب، وإنما يختلف أيضًا في عدده فيكون كثيرًا أو قليلاً.
والنتيجة الثانية التي توصل إليها عبد الرحمن هي أن الحاجة تدعو إلى إنشاء تراث جديد، وصنع خطاب جديد، بمعنى بناء تراثنا الحاضر كما بنى المتقدمون تراثهم الماضي، مؤكدا أنه لا سبيل إلى بناء هذا التراث الحي إلا بتحصيل أسباب المعرفة على وجهها الأوسع، وتحصيل أسباب العمل على وجهه الأنفع، ومن ثم التوسل بكل ذلك في إنشاء خطاب يضاهي قيمة خطاب المتقدمين.

اللسان والميزان.. أو التكوثر العقلي

للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية

TOP