الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
لم يهتز العالم عندما نهضت الصين كما توقع نابليون بونابرت عام 1816، وحذر من النتائج والانعكاسات التي تترتب على نهوض التنين الصيني. لكن الصين التي أبهرت وأقلقت وأزعجت في آن واحد أصبحت مثالًا يحتذى، ونموذجًا يُتبع، بالنسبة إلى كثير من الدول الطامحة إلى تحقيق تنمية ناجحة بمعدلات قياسية. فالصين، إلى جانب كونها تشكل مع كثير من الدول الآسيوية مركزًا اقتصاديًا جديدًا للعالم من خلال عملية التحديث، استطاعت الحصول على مواقف أكثر ديناميكية وتنوعًا فيما يتعلق بالكثير من القضايا العالمية.
وقد دأب الكثير من الباحثين والأكاديميين في إطلاق أوصاف على الصين الحديثة تهتم بما وصلت إليه من تطور، وما يمكن أن تكون عليه في المستقبل؛ من قبيل إمبراطورية الوسط “ماصة الدماء”، و”الصين المفترِسة”، والصين التي “تفرض قوانينها على العالم”، وغير ذلك من الأوصاف التي تشير، من دون شك، إلى حقيقة نظرة الغرب إلى واقع الصين ومستقبلها. ولعل هذه الأوصاف لم تأتِ من فراغ؛ فالصين برأسماليتها التي بدأتها من شنغهاي قبل ثلاثة عقود، وبنظامها الليبرالي – الشيوعي، أصبحت اليوم دولة تفترس خيرات الدول، ولا سيما ما يقع منها في القارة الأفريقية.
أتكون الصين استطاعت تحقيق قوتها الداخلية اللازمة، كما هي الحال في اليابان والغرب المتطور، لتنطلق نحو الخارج أم أنها، كما يصفها باسكال لوروت، أكثر هشاشةً مما تبدو عليه، وتعاني مشكلات ديموغرافية وسياسية وقومية، وغيابًا للديمقراطية والمساواة الاجتماعية؟ يمكن أنْ يُفضي هذا السؤال إلى سؤال أكبر: هل تمثل هذه المشكلات أعداء افتراضيين يهددون الصين أكثر؟ ثم أتمثّل الصين تهديدًا للأرض أم تهديدًا لنفسها؟
يحاول الكتاب من خلال مجموعة مساهمات لعدد مهم من المختصين تحليل إستراتيجية الصين وتأثير دورها في المستوى الدولي، منذ نهاية الحرب الباردة حتى عام 2016. ويحاول المساهمون كذلك أن يبينوا الانعكاسات التي يمكن أن يسببها الدور السياسي والاقتصادي والعسكري المتنامي للصين، وعمليات التحديث الواسعة التي تتبعها “بلاد إمبراطور ابن السماء”.
This post is also available in: English (الإنجليزية)