الوصف
المقدمة:
كانت هذه الدرسة في بدايتها عام 1937، أطروحة بعنوان “دراسات في اللهجات العربية القديمة” قدمتها في عام 1939 للحصول على درجة الدكتوراة (في الفلسفة) من جامعة لندن. في ذلك الوقت انصب اهتمامي، بتأثير من فولرز (Vollers) على “لهجات شرق الجزيرة العربية”، ولم أدرك إلا فيما بعد الموقع الخاص للهجات غرب الجزيرة، وأنه كان هناك وجود للغة عرب الجزيرة، ومن ثم قرّرت البدء بها في أبحاثي عن اللغة العربية. وآمل أن أنشر في تاريخ لاحق المواد التي جمعتها عن لهجات شرق الجزيرة وكذلك مجموعاتي المعجمية في هذا الصدد.
وعندما بدأت بحثي حول الموضوع، كان ذلك مشروطاً ضمناً بأنني سأتخلى عن هذه الدراسة، إذا لم أجد بعد ثلاثة شهور من البحث ما يكفي من المواد للاستمرار فيه، وسرعان ما اكتشفت أن هناك من المواد أكثر مما يمكن استيعابه طوال حياتي. ولذلك فإن المادة المقدمة في هذا الكتاب لا تعدو كونها مجرد مختارات من المواد المتوافرة؛ ولذلك لا أتوقع للكتاب أكثر من أنه سرعان ما ستتجاوزه الدراسات المماثلة حول الموضوع.
فإن الأهمية الكامنة الكبيرة للهجات العربية التي سبقت اللغة الفصحى (pre-classical Arabic dialects) لدراسات اللغة العربية، وفي النحو المقارن ازدادت بروزاً في السنوات الأخيرة على أيدي الخبراء الكبار في هذا المجال أمثال كامبفماير (Kampffmeyer) وريكندوف (Reckendorf) ومما يدل على تجديد الاهتمام بهذا الموضوع ــ وهو اهتمام جدير بكل ترحيب ــ الدراسات الممتازة التي قام بها المأسوف عليه الدكتور كوفلر (Dr. H. Kofler)، وزميلي في الدراسة في سنوات ما قبل الحرب الدكتور إبراهيم أنيس. غير أن هذا السِّفر يسير على خط مغايرٍ تماماً لأبحاثهما، وفي بعض الحالات، يستكمل ما قاما به من أبحاث.
وما يروق لي من أداء واجب هو التقديم بالشكر لكل أولئك الذين ساعدوني في إعداد هذا الكتاب. ولا بد لي، أولاً وقبل كل شيء في هذا الصدد، من شكر الأستاذ الدكتور جِب (professor H. A. R. Gibb)، الذي غمرني بنصائحه وتشجيعه في جميع مراحل إعدادي للكتاب، ففي الساعات الطوال التي كرسها بكل سخاء لقراءة المسودات المتعاقبة ومناقشة ما كان يعترضني من شكوك ومصاعب، وُلِدَ الكثير من الأفكار التي لا يمكنني القول إنها بنات أفكاره أو أفكاري. وهكذا كان له نصيب كبير وحقيقي في هذا الكتاب، وإن كان من المستحيل توثيق ذلك بالتفصيل.