اللّيبراليّة المتفلّتة: العالم وفق الإيكونوميست

عنوان الكتاب اللّيبراليّة المتفلّتة: العالم وفق الإيكونوميست
المؤلف ألكسندر زيفين
الناشر دار فيرسو للنشر
البلد أمريكا
تاريخ النشر 2020
عدد الصفحات 544

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

رغم أن «اللّيبراليّة» كمفهوم سياسي لعبت منذ النّصف الأوّل للقرن التاسع عشر أدواراً مؤثرة في تشكيل العالم كما انتهى إليه اليوم، فإنّه ليس هناك اتفاق عام على تعريف محدد لمصطلح «الليبراليّة» بين المؤرخين والمنظّرين الاقتصاديين بالنّظر إلى التحولات والتقلبات التي مرّت بها عبر العقود، كما في تعدد مدارسها، وتنوّع حاملي لوائها. ولذلك يكتسب النصّ الجديد للمؤرخ أليكسندر زيفين حول تاريخ مجلّة «الإيكونوميست» البريطانيّة – المستمرّة بالصدور منذ 1843 دون توقف – أهميّة خاصّة كمحاولة طموحة في إطارها، متفردة وغير مسبوقة لتقديم قراءة تاريخيّة شاملة للفكر اللّيبرالي سياسيا واقتصاديا من خلال استعراض مواقف المجلّة التي طالما اعتبرت ناطقة باسم النُخبة الرأسماليّة الغربيّة بجناحها الأنجلو – أميركي، كما سيرة رؤساء تحريرها منذ أيّام مؤسسها الأوّل الرأسمالي الاسكوتلندي الأصل جيمس ويلسون (1805 – 1860)، وانتهاء برئيسة تحريرها الحاليّة وأوّل امرأة تتولى ذلك المنصب زانيي مينتون بيدّوز (ولدت 1967).

وجهة نظر زيفين في «اللّيبراليّة المتفلّتة: العالم وفق الإيكونوميست» تنطلق من قناعته بعد غوصه المعمّق في أرشيف المجلّة منذ صدورها بأن الأسبوعيّة اللندنيّة لم تكن مجرّد مراقب لشؤون العالم السياسيّة والاقتصادية، بل أقرب إلى لاعب أساسي في تشكيل عالمنا المعاصر كما انتهى إليه اليوم عبر التأثير البالغ الذي تركته على صنّاع القرار، وكبار الرأسماليين، والقادة السياسيين، منذ حملتها ضدّ قوانين الضرائب على استيراد الذّرة (فرضت عام 1837 لحماية المزارع البريطاني المحلّي) – وكانت عملياً وراء إسقاطها بعد ثلاث سنوات من تأسيس المجلّة – مروراً بالمحطات الرئيسية في تاريخ الإمبراطوريّة البريطانيّة وحروبها الإمبرياليّة عبر الحقب، ومن ثمّ انتقال المركز الرأسمالي الغربي بعد الحرب العالميّة الثانية إلى الجانب الآخر من الأطلسي – وصعود الإمبراطوريّة الأميركيّة وهيمنتها المعولمة.

تتعرض «الإيكونوميست» لانتقادات حادّة لمواقفها الآيديولوجيّة المشينة في تأييد الحروب والغزو الإمبريالي والاحتلالات، ولتسويقها المكثّف لسياسات التجويع ونموذج «الصدمة الاقتصادية»، وقمع التحركات العماليّة والوطنيّة وتطرّفات النيو – ليبرالية المعاصرة التي تسببت في موت مبكّر لملايين البشر حول العالم وعذابات وآلام لا يمكن حصرها، كما انحيازها الصّريح لقادة سياسيين يعتبرهم كثيرون بمثابة مجرمي حرب وانقلابيين دمويين، وترويجها للبروباغاندا التي تنتجها مطابخ الاستخبارات البريطانيّة والأميركيّة، وسكوتها عن جرائم الإمبراطوريّات والعبوديّة والمذابح، وهي كلّها مسائل مسجلّة على صفحات المجلّة ولا يمكن إنكارها. بينما ينتقدها آخرون لجوانب تقنيّة حول صياغة مادتها، إذ من المعروف أن طاقم تحريرها يمثل لوناً واحداً مكثفاً – بالتحديد من خريجي جامعتي كمبريدج وأكسفورد المسرفتين في نخبويتهما مع غلبة خاصة لخريجي كليّة ماجدلين بالأخيرة – كما تلك اللّهجة المتعالية السائدة للغة مقالات المجلّة – كانت نصيحة أحد رؤساء تحريرها للكتاب الجدد أن ينظروا للعالم من مقاعد الآلهة -، ونزعتها الطبقيّة التي لا تخفى في سعيها لاستقطاب الأثرياء سواء من خلال وجهات النظر المطروحة أو حتى نوعيّة الإعلانات التي تحملها.

ومع ذلك كلّه فإن «الإيكونوميست» فرضت وجودها كمرجعيّة بما يخص تقنيّة العمل الصحافي، وأصبحت مساحة لحوار داخلي بين البرجوازيين والمؤثرين، وسجلاً للفكر الاقتصادي الغربيّ، وضرورة لا بدّ منها لمتابعة أحداث العالم. وحتى كارل ماركس الذي انتقدها بشدّة (العام 1852) بوصفها ذراعاً «لأرستقراطيّة الرأسماليين»، كان قارئاً دائماً لها حتى غيابه، كما كان بينيتو موسيلليني – الزعيم الفاشي الإيطالي، وأنجيلا ميركل – الزعيمة الألمانيّة الغربيّة التي تعد من أخلص متابعيها ناهيك بالطبع عن النخبة السياسيّة البريطانيّة، ودهاقنة البنوك والمؤسسات الماليّة في السيتي (حي رأس المال والأعمال بلندن)، ونظرائهم في وول ستريت بالولايات المتحدة. ويمثّل أسلوبها اللغوي مدرسة رفيعة يراها كثيرون صورة اللغة الإنجليزيّة في تجليها وتطورها المستمر عبر المراحل، كما أنها بفضل غياب تنوّع طاقم كتابها تبدو رغم تغطيتها الشاملة لأحداث وشؤون العالم بأجمعه وكأنها تنطق عن قلب رجل واحد، لا سيما أن معظم مقالاتها لا توقّع بأسماء الأشخاص.

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP