الوصف
فى هذا الكتاب يقدم المؤلف “جودة إبراهيم أبو حاص” نبذة في السيرة الذاتية لفوكو، من خلال عرض لمراحل تطور شخصيته والأوضاع الاجتماعية التي ساهمت في تشكيل منظوره الفلسفي تجاه مختلف قضايا المجتمع، إضافة إلى تقديم نبذة شاملة ومختصرة عن منهجية فوكو في فلسفة النقد الاجتماعي. برأيه، “حاول ميشيل فوكو أن يقدم تنظيرًا فلسفيًا يعالج من خلاله الإشكالية الحديثة للسلطة التي تتمثل بثنائية المقابلة بين المجتمع والحقوق من جهة، والدولة والقانون من جهة أخرى. فهو يعمل على بناء أنموذج جديد للسلطة انطلاقًا من فرضية أساسية مفادها أن السلطة هي شيء غامض جدًا، هو شيء مرئي وغير مرئي في الوقت نفسه، وكل ما هو حولنا ونطلق عليه مصطلح “السلطة” مثل الدولة وأجهزتها لا يفسر مجال ممارسة السلطة ووظيفتها”.
في الفصل الثاني، التأصيل الفلسفي لمفهوم السلطة، يتناول أبو خاص السلطة في معناها الاصطلاحي، وفي تطور مفهومها الفلسفي في الفكر السياسي الغربي. وعندما يبحث المؤلف في المسار الفلسفي التاريخي الذي مر به مفهوم السلطة في الثقافة الغربية، يلاحظ وجود اتجاهيين أساسيين يحكمان التطور الفكري لهذا المفهوم: اتجاه أول يحصر السلطة في مجال السياسة والحكم؛ واتجاه ثانٍ أشمل يرى أن السلطة متموضعة في جوانب الحياة البشرية المختلفة. وساهمت الطبيعة البشرية في خلق مفهوم السلطة، عندما بدأ الإنسان منذ الأزل بالبحث عن سلطة يخضع لها أو يطيعها بغض النظر عن أدوات هذه الطاعة ووسائلها، وهنا نتحدث عن بحث الإنسان عن السلطة اللاهوتية التي كان يراها في الظواهر الطبيعية. ويقول الباحث إن نيتشه هو من ابتكر، وفوكو هو من طوّر، مفهوم الحقيقة والسلطة كونها مفاهيم متشابكة ومتداخلة في الحياة الإنسانية؛ إذ إن هذه المساهمة الفلسفية قادت إلى إنتاج وترسيخ وصف دقيق لعلاقة السلطة بالفرد والمجتمع.
في جدليات السلطة
في الفصل الثالث، جدلية المعرفة والسلطة عند ميشيل فوكو، يقدم أبو خاص عرضًا لفلسفة فوكو في السلطة من خلال مناقشة طروحاته عن السلطة والمعرفة في منهجه الأركيولوجي، ومن ثم توضيح وسائل الممارسة السلطوية وتقنيات السيطرة التي يشخّص فوكو من خلالها تصوراته لإشكالية السلطة. وبحسب الباحث، الأركيولوجيا المعرفية عند فوكو هي البديل من علم تاريخ الأفكار الذي يُنظر إليه بوصفه تحليلًا للآراء أكثر من كونه تحليلًا للمعرفة، “فتاريخ الأفكار يركز على تحليل الأخطاء أكثر من اهتمامه بالبحث عن الحقيقة، فهذا العلم كما يرى فوكو يبحث عن النشأة أو الأصل، ويبدأ بالتمثلات بوصفها نقطة بداية، وهذا ما يتولّد منه الأنساق أو الإنتاج الفكري الذي ما يلبث أنه يندثر”.
في الفصل الرابع والأخير، السلطة بين الدولة والمجتمع، يفصل أبو خاص مفهوم رؤية فوكو الفلسفية للسلطة على مستوى الدولة، والعلاقة بين السلطة والدولة، ورؤيته لمفهوم السلطة على مستوى العلاقات السلطوية داخل المجتمع. يقول إن فوكو سعى إلى قلب نظرية العقد الاجتماعي وأفكاره التي مثّلت منذ قرون عدة شعارًا لا يمس للمدنية والحداثة، بتقديمه طروحات جديدة لفهم العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة. وهذه الدولة عند فوكو كيان يبحث عن المصلحة. وبما أن مصلحة الدولة هي الأساس، فإن أي حديث في طبيعة السلطة التي تمتلكها الدولة يصبح ثانويًا عند المقارنة بما يعرف بالمصلحة الوطنية أو القومية.
في خاتمة الكتاب، يحدد المؤلف القواعد التي تلخص منظور فوكو الفلسفي للسلطة:
(1) ليست السلطة امتلاك متفرد لا من الدولة ولا من طبقة أو فئة معينة في المجتمع.
(2) لا تنشأ العلاقات السلطوية داخل المجتمع خارج العلاقات السياسية والاقتصادية والمعرفية والجنسية، إنما تكون محايثة لها وناتجة منها.
(3) المصدر الحقيقي للسلطة هو أسفل القاعدة الهرمية للمجتمع، وليس قمته.
(4) ليست السلطة سلطة الدولة التي تمارسها أجهزتها المنتشرة في الجسد الاجتماعي، بل الدولة نتاج وأثر مجموع العلاقات السلطوية في المجتمع.
(5) حيث تكون السلطة، يجب أن تكون المقاومة.
للمزيد من الكتب.. زوروا منصة الكتب العالمية