الوصف
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب النّخب والانتقال الدّيمقراطي: التشكُّل والمَهمّات والأدوار، ويضم عددًا من البحوث التي قُدّمت في مؤتمر عقده المركز في تونس في الفترة 14-16 تموز/ يوليو 2016، شارك فيه نحو 30 باحثًا، بحثوا في دور النخب المختلفة في الانتقال الديمقراطي، وخصوصًا أن العديد من الدراسات السياسية والاجتماعية المهتمة بالتحولات التي عاشتها مجتمعات عربية كثيرة، تحديدًا المجتمعات التي ظهرت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، استند إلى مقولة “النخب”، في ظل تراجع مقولات أخرى، مثل الزعامة والطبقة وغيرهما.
يضم هذا الكتاب (751 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) خمسة وعشرين فصلًا، موزعة على أربعة أقسام.
يضم القسم الأول، “النخب والانتقال الديمقراطي”، خمسة فصول. في الفصل الأول، “النخب: بناء الوفاقات وترويض السياسة”، يعرض كمال الغزي للتراث التأسيسي لمفهوم النخب ودورها في الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، مقدّمًا أمثلة تطبيقية من التاريخ الأميركي في حيثيات بناء الوفاقات وترويض السياسات وإنجاز التفاهمات، بوصفها مؤشرًا إيجابيًا دالًا على حيوية المجتمع السياسي.
يحلّل أيمن بوغانمي في الفصل الثاني، “الانتقال الديمقراطي التشاركي في تونس: حلول نخبوية في سياق ثوري”، أسباب الاختلافات السياسية في تونس بعد الثورة، وشروخ الطبقة السياسية التي فرضت الديمقراطية الوفاقية بوصفها حلًا عقلانيًّا يقي من المخاطر، وبيّن الحاجة إلى حلول جدّية وملائمة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، كي لا تذبل التجربة وتنهار.
في الفصل الثالث، “النخبة السياسية الليبية وتحديات بناء دولة الديمقراطية والمواطنة”، يتوقف محمد عمارة سريبة عند الإكراهات الكبيرة المحدقة بالانتقال الديمقراطي في ليبيا في ظل انتشار الفوضى وغياب مؤسسات الدولة، وفشل النخب الليبية في جعل الهوية الليبية إطارًا جامعًا.
وفي الفصل الرابع، “النخبة السياسية الجزائرية: جذورها التاريخية وتكونها وخلفياتها الاجتماعية”، يقول باقي ناصر الدين إن قراءة تاريخ تكوّن النخب السياسية الجزائرية وخلفياتها الاجتماعية واتجاهات أعضائها تكشف عمق انقساماتها، أكانت في دوائر السلطة أو خارجها، إذ تتسم النخب الجزائرية بالجمود والانخراط في حركة دائرية مفرغة، إلا من الركض خلف المصالح.
ويبيّن منصور لخضاري في الفصل الخامس، “النخب العسكرية والانتقال الديمقراطي في بلدان الربيع العربي: التموقع والأدوار”، أن النخب العسكرية أدت دورًا حاسمًا في رسم الخريطة السياسية بعد الثورات العربية، بل هي من حدّد مآلات تجارب الربيع العربي بصيغ مختلفة، في ليبيا وسورية ومصر.
وفي الفصل السادس، “النخب العسكرية الأفريقية والعربية: وكلاء التغيير، خداع أم حقيقة؟”، يقرأ بيتا أوغابا أغباس الانقلابات العسكرية في بلدان أفريقيةٍ عدة قراءةً تاريخية، ويتناول “حيلة التغيير” في الحقل السياسي؛ إذ يتم التنكر لوعود التغيير الجذري وإرساء العدالة ومقاومة الفساد فلا يتحقق منها شيء، بل تؤدي الإجراءات المتخذة إلى الانقلاب على الحد الأدنى من الديمقراطية.
يضم القسم الثاني، “النخب الثقافية والدينية والمسارات السياسية”، ستة فصول. في الفصل السابع، “الحركات الاجتماعية في العالم العربي والتناول النخبوي لرهانات التحول: أزمة ضمير أم تعطّل في الأدوار؟”، يكشف سعيد حسين العبدولي أن النخب الثقافية بعيدة عن صورة المثقف العضوي والمفكر الرسولي المساهم معرفيًا في الحراك الاجتماعي. وأشار إلى أن بعض الفئات المثقفة انفصل عن مطالب المجتمع واندمج في مشاريع السلطة.
ويبحث أناس المشيشي في الفصل الثامن، “الفيلسوف والانتقال الديمقراطي بالمغرب: أنموذج محمد عابد الجابري”، في أسباب تعثّر الانتقال الديمقراطي في المغرب، مستندًا إلى تراث محمد عابد الجابري باعتباره أنموذجًا للمثقف المعروف بمواقفه في مواجهة السلطة، وبإسهاماته النظرية في إثراء ثقافة المواطنة والديمقراطية.
وفي الفصل التاسع، “النخبة الثقافية ومأزق الانتقال نحو الديمقراطية: حركة 20 فبراير في المغرب أنموذجًا”، تطرّق إدريس جبري إلى الموروث الاستبدادي الذي ورثته النخبة الثقافية، بوصفه متغيرًا أساسيًا في فشل محاولات دمقرطة الدولة، وغياب ثقافة سياسية حداثية. ويقول إن نهاية “حركة 20 فبراير” كانت متوقعة، بسبب تنافر مكوناتها وتباعد مرجعياتها الأيديولوجية، وغياب مشروع سياسي واضح، وعزوف النخبة الثقافية الحداثية عن مهمة تغيير وعي الجماهير.
تتناول يسرى بن الهذيلي في الفصل العاشر، “المثقف الأكاديمي بين المعرفة العلمية والممارسة السياسية: تونس أنموذجًا”، المثقف الأكاديمي بين المعرفة العلمية والممارسات السياسية في تونس. وتقول إن الربيع العربي مثّل فرصةً ليُعيد المثقف التفكير في تصدّره المشهد من جديد، خصوصًا مع مدّ الحركات الاحتجاجية والاجتماعية، فاستعاد هذا المثقف دوره بعد إصابته بإحباطات الهزيمة.
وفي الفصل الحادي عشر، “المثقّف العربي المُتخلّي: جورج طرابيشي وطه عبد الرحمن أنموذجين”، يقارن محمد أوريا بين أنموذجي المثقف العربي: جورج طرابيشي وطه عبد الرحمن؛ اللذين تجتمع فيهما الثقافتان التقليدية والحديثة، وتلتقي عندهما العلوم الإنسانية والفلسفة بالمعرفة التراثية، فيناقضان العروي الذي يرى استحالة التقاء التقليدي والحداثي في مثقف واحد.
ويقول أحمد زغلول شلاطة في الفصل الثاني عشر، “النخب الدينية المصرية: ممارسات الديني وتفاعلات السياسي”، إن النخبة الدينية الإسلامية حققت مكاسب ظرفية، لكن سرعان ما تضاعفت خسائرها التي مسّت رأس مالها الرمزي تنظيميًا ومجتمعيًا. وأظهرت تجربة المسارات السياسية للثورة المصرية أزمة النخب الدينية عند تعاملها مع الدولة ومؤسساتها، وعرّت ارتباكها في ممارساتها الدستورية والتنفيذية بسبب انعدام الرؤية في إدارة الشأن العام.
وفي القسم الثالث، “ديناميات التحول والمسارات”، سبعة فصول. في الفصل الثالث عشر، “النخبة السياسية في المغرب ومسارات التجدد في البنية والأدوار والوظائف”، يحلّل شفيق عبد الغني مسارات التجدد في بنية النخبة السياسية المغربية، في مقاربة تطمح إلى معرفة خصائصها وقاعدة تحرّكها وميولها. ويتفطّن إلى أهمية دور المصاهرات والعلاقات الزبونية والتحالفات في تلك المسارات.
وفي الفصل الرابع عشر، “من الأعيان إلى النخب: هجنة التحوّل”، يبحث المختار بنعبدلاوي في تهجين الحقل السياسي، وبروز انشقاقات حزبية ساهمت في إضعاف البنى الحزبية كإطار للتعبئة والتأطير السياسي للمواطن.
وفي الفصل الخامس عشر، “النخبة والانتقال الديمقراطي: الإخوان المسلمون أنموذجًا”، تعبّر نادية سعد الدين عن خشيتها من أن يخرج من رحم التيار الإسلامي الذي تعرّض لأشكال مختلفة من الاضطهاد والقمع جماعاتٌ قطبيّة متشددة، أو أن تحتل السلفية الجهادية مساحات الفراغ التي يغادرها التيار الإخواني.
يُبرز عبد الحكيم أبو اللوز في الفصل السادس عشر، “دور النخب الدينية في كبح الحراك الاجتماعي: الحالة المغربية”، دور النخب الدينية في كبح الحراك الاجتماعي في المغرب، محلّلًا ما تحتفظ به الذاكرة الشعبية من أدوار مهمة أداها مشايخ التصوف في تحدي السلطة السياسية، ويقول إن النخب الدينية ظلت بعيدة عن الحياة العامة، وانتهت مواقفها إلى خدمة السلطان.
وفي الفصل السابع عشر، “هل النخبة الفلسطينية مغتربة عن الهبّة الشعبية الفلسطينية 2016-2015؟”، يدرس أحمد عز الدين أسعد دواعي عزوف النخب الفلسطينية عن الهبّة الشعبية الفلسطينية (2015–2016)، استنادًا إلى مقابلات مع نخب فلسطينية شعبية ومدنية وأكاديمية وأدبية واقتصادية.
يتناول هنري وامباوي في الفصل الثامن عشر، “مسارات الرئيس السوداني عمر البشير: العملية السياسية وهيمنة النخب”، النخب والمسارات السياسية في السودان من خلال السلوك السياسي للنخبة السياسية الحاكمة، محاولًا الإجابة عن السؤال: كيف استطاع الرئيس عمر حسن البشير مواجهة التحديات السياسية والمحافظة على تماسك حكمه؟
وفي الفصل التاسع عشر، “خيارات النخب وتبعية المسار في الربيع العربي”، يقارن أكيس كالايتزديس بين خريف البلدان قبل انهيار جدار برلين وبلدان الربيع العربي كمخبر لتحليل الثورات والانتقال الديمقراطي، محللًا علاقة النخب بالديمقراطية والثورة والسلطة والتغيير الاجتماعي في المجموعتين.
ويضم القسم الرابع والأخير، “النخب والأدوار والحركات الاجتماعية الاحتجاجية”، ستة فصول. يعتبر حافظ عبد الرحيم في الفصل العشرين، “فاعلو الانتقال الديمقراطي: أيّ دور للنخبة في فهم المراحل الانتقالية في التجربة التونسية؟”، أن السوسيولوجيا تفتح مسالك بحث في تجارب الانتقال الديمقراطي كظاهرة اجتماعية كلية، وتمكّن من مقاربة أدوار النخب واختبار نجاعتها في فهم التحولات المجتمعية.
وفي الفصل الحادي والعشرين، “الشباب ومأزق النخب في المغرب في سياق ما بعد الربيع العربي”، يتناول محمد فاوبار مسار “حركة 20 فبراير” الشبابية التي عدّها فاعلًا نخبويًا مهمًا في مسار الانتقال الديمقراطي المغربي، مع أن الأزمة التي مرّت بها هذه الحركة أعجزتها عن خلق مناخ مُواتٍ لإعادة تشكيل نخب متعددة ومتنوعة، ففرّطت في فرصة إعادة تشكيل عقلاني للحركات الشبابية.
وفي الفصل الثاني والعشرين، “النخب والحركات الاجتماعية الاحتجاجية في المغرب: تناقضات الدمقرطة المحدودة ذاتيًا”، يحلّل دومينيك مارتان النخب والحركات الاجتماعية الاحتجاجية في المغرب الذي شكّل استثناءً بإقرار الملك تغييرات جديدة بعيدًا عن كل نزعة ثورية أو عنف؛ فأفق الاحتجاج في الربيع المغربي لم يكن ثوريًا، بل إصلاحيًا.