الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
الواقعية النقدية تواجه نظرية “النقدية” الاجتماعية
يتناول كتاب ( الواقعية النقدية) لـ “أورس ليندر” و”ديميتري مادر”, مفهوم الواقعية النقدية وعلاقتها بالنظرية النقدية الاجتماعية, ويطرح هذا الكتاب الواقعية النقدية باللغة الألمانية للمرة الأولى، ويضعها في حوار حول الجهود المحلية لتطوير نظرية اجتماعية نقدية.
يرى المؤلف أن الواقعية النقدية، التي تم تطويرها في منطقة “الأنجلوسكسونيون” منذ السبعينيات، لم تستبق الكثير من الرؤى والمناقشات الواقعية المعاصرة فحسب، ولكنها طورت منهم لتناسب العلوم الاجتماعية. ويقترح هذا النهج، – من ناحية ثنائية الطبيعة والثقافة الحديثة- تصوراً غير حتمياً للسببية، التي تسمح بفهم جديد للهياكل الاجتماعية والتكوينات الثقافية والجهات الفاعلة، وربطها بأخلاقيات الحياة الطيبة.
ومصطلح الواقعية النقدية، هو مصطلح فلسفي نظري يقول أن بعض البيانات التي نلتمسها بحواسنا تمثل بدقة حقيقة الأشياء التي نحسها بينما بعضها الأخر لا يمثل بدقة أي من الأشياء في الحقيقة. بمعنى آخر، تدعوا النظرية أن واقعنا هو تصور عقلي بحت يحاول أن يفسر الحقيقة بناء على ما يدركه العقل.
والواقعية النقدية هي موقف من العالم والمعرفة نظّر له بالأساس الفيلسوف البريطاني المعاصر روي باسكار (1944-2014) وعدد من الأكاديميين، حتى أصبحت من المواقف الفلسفية الأساسية التي يستند إليها البحث العلمي الاجتماعي. تعتمد الواقعية الناقدة على الاشتباك مع أفكار كانط وماركس إلى حد بعيد، وهي “ميتا-نظرية” أو نظرية للنظريات ظهرت في السبعينيات والثمانينيات كموقف فلسفي بديل مختلف عن الفلسفة الوضعية positivism (التي تعتمد على التعميم وتفسير المتغيرات ومحاولة الوصول لقوانين غائية حاكمة للواقع الاجتماعي) وتختلف عن ما بعد الحداثة، التي تسعى للتأويل، لا لفهم الواقع واستيضاحه.
من ثم، يمكن النظر إلى الواقعية الناقدة بصفتها منظور بديل، أو صندوق خارج الصندوق المألوف للتفكير، يسعى لتقديم رؤية للعالم لا تُسلّم بالواقعية الساذجة والمباشرة على جانب (أن الحقيقة كلها قابلة للفهم والتفسير)، ولا تُسلم بالنسبية المُطلقة في كل شيء على الجانب الآخر؛ وهو الموقف الذي يتبناه منظور ما بعد الحداثة.
نقطة الانطلاق في الواقعية الناقدة هي الانشغال بالأونطولوجيا Ontology (ما هو موجود/حقيقي) بصفته منفصل عمّا يمكن معرفته (الأبستمولوجيا)، وتفترض أول ما تفترض أن الواقع المحسوس/المباشر هو أول طبقة من طبقات الحقيقة. تفترض الواقعية الناقدة أن العالم موجود بصفة مستقلة عن معرفتنا به. والأفكار حقيقية فقط بقدر ما لها من تأثير على الواقع. (مثال: التغير المناخي ظاهرة فيزيائية وطبيعية لا نفهمها بالكامل. وأفكار مُنكري التغير المناخي تؤدي إلى تدهور حالة المناخ بسبب الامتناع عن أفعال للتقليل من تسارع التغير المناخي).
لكن بينما الحقيقة موجودة بصفة مستقلة عن المعرفة، فالمعرفة نسبية. يرى روي باسكار أن في الوجود فئتين من الأشياء، اللازم intransitive والمتعدي transitive. “اللازم” هو الوجود بكل تعقيداته، خارج نطاق قدرتنا على فهمه بشكل كلّي. “المتعدي” هو المعارف المتعددة والمتغيرة حول أجزاء من الوجود. من ثم تعتمد الواقعية الناقدة مبدأ النسبية الأبستمولوجية Epistemological relativism أو نسبية ما يمكن معرفته عن الوجود. أي أن المعرفة متغيرة من سياق لآخر ومن زمن لآخر. المتعدي ضروري لفهم أجزاء من اللازم، مع التسليم بأن اللازم (الموجود) لا سبيل لمعرفته كاملاً. هنا تختلف الواقعية الناقدة عن الوضعية positivism من حيث أن الأخيرة تعتبر أن كل ما هو موجود قابل للمعرفة، وتختلف عن أفكار ما بعد الحداثة من حيث أن الأخيرة تعتبر الوجود هو ما يشيده البشر بأنفسهم وما هو مُتفق عليه بصفته الوجود.
This post is also available in:
English (الإنجليزية)