تحدي التفوق الأمريكي.. هل فازت الصين ؟

عنوان الكتاب تحدي التفوق الأمريكي.. هل فازت الصين ؟
المؤلف كيشور محبوباني
الناشر PublicAffairs
البلد أمريكا
تاريخ النشر 2020
عدد الصفحات 320

أشتري الكتاب حقوق الترجمة

الوصف

This post is also available in: English (الإنجليزية)

الصين وأمريكا قوتان عالميتان ومتنافستان، يتعامل كل منهما بحذر عبر المحيط الهادئ. يبدو أن التنافس الجيوسياسي في القرن الحادي والعشرين هو بينهما. ولكن هل يمكن تجنبه؟ وإذا حدث ذلك، فهل النتيجة محسومة؟ يتناول الدبلوماسي السنغافوري السابق كيشور محبوباني، بحكم علاقاته مع صانعي السياسات في بكين وواشنطن، خطوط الصدع العميقة في العلاقة الصينية الأمريكية. ويركّز على نقاط القوة والضعف، وانحرافات القوة.

يقول محبوباني في مقدمة العمل: «سوف تستمر المنافسة الجيوسياسية التي اندلعت بين أمريكا والصين لعقد أو عقدين قادمين. على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب أطلق الجولة الأولى في عام 2018، إلا أنه سيستمر».

شهد ترامب انقساماً في جميع سياساته، باستثناء واحدة منها وهي: حربه التجارية والتكنولوجية ضد الصين. في الواقع، لقد حصل على دعم قوي من الحزبين، وهناك إجماع قوي يتطور في المؤسسة السياسية الأمريكية الحاكمة وهو أن الصين تمثل تهديداً لأمريكا. قال الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة،«من المحتمل أن تشكل الصين أكبر تهديد لأمتنا بحلول عام 2025».

يزعم ملخص استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية لعام 2018 أن الصين وروسيا «قوتان تسعيان إلى تشكيل عالم يتماشى مع نموذجهما الاستبدادي الذي يكتسب سلطة الفيتو على القرارات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية الأخرى للدول». وقال كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، «أحد الأشياء التي نحاول القيام بها هو النظر إلى التهديد الصيني على أنه ليس مجرد تهديد كامل للحكومة، بل تهديد كامل للمجتمع… وأنا أعتقد أن الأمر سيتطلب استجابة المجتمع بأسره من قبلنا».

ويجد الكاتب أنه على الرغم من أن المؤسسة الأمريكية الحاكمة، إلى حد كبير، دعمت ترامب بحماسة كبيرة، إلا أنه من المستغرب أن أحداً لم يشر إلى أن أمريكا ترتكب خطأً استراتيجياً كبيراً من خلال إطلاق هذا الصراع مع الصين من دون تطوير استراتيجية شاملة وعالمية أولاً للتعامل مع الصين.

حديث مع كيسنجر

يتحدث المؤلف عن لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر قائلاً: «الرجل الذي نبهني إلى ذلك كان أحد أعظم المفكرين الاستراتيجيين في أمريكا، الدكتور هنري كيسنجر. ما زلت أتذكر بوضوح تناولي معه الغداء في غرفة خاصة في مقره وسط مانهاتن في منتصف مارس(آذار) 2018. في يوم الغداء، كنت أخشى أن يتم إلغاؤه كما كان متوقعاً بسبب حدوث عاصفة ثلجية. على الرغم من التحذير من الطقس، حظينا بوقت رائع على مدى ساعتين. لكي نكون منصفين، لم يقل بالضبط أن أمريكا تفتقر إلى استراتيجية طويلة المدى تجاه الصين، ولكن هذه كانت الرسالة التي نقلها خلال الغداء. هذه أيضاً الرسالة الأساسية في كتابه عن الصين. على النقيض من ذلك» فكرت أمريكا بجد وعمق قبل أن تنغمس في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي.

مدير تخطيط السياسة في وزارة الخارجية من سبتمبر(أيلول) 2018 إلى أغسطس (آب) 2019 كانت البروفيسورة كيرون سكينر من جامعة كارنيجي ميلون. في حلقة نقاش عام في 29 إبريل (نيسان) 2019، كشفت أنه استجابة لصعود الصين، كانوا يحاولون وضع استراتيجية شاملة تتناسب مع تلك التي حددها سلفها كينان.

يقول الكاتب: «عندما خدمت في وزارة الخارجية السنغافورية، تم تكليفي بكتابة أوراق استراتيجية طويلة المدى لحكومة سنغافورة. كان الدرس الكبير الذي تعلمته من القادة الاستثنائيين الثلاثة في الجيوسياسية في سنغافورة (لي كوان يو، جوه كينغ سوي، سيناثامبي راجاراتنام) هو أن الخطوة الأولى لصياغة أي استراتيجية طويلة الأجل هي وضع إطار للإجابات الصحيحة. إذا أخطأ المرء، فستكون الإجابات خاطئة. الأهم من ذلك، كما علمني راجاراتنام، في صياغة مثل هذه الأسئلة، يجب على المرء دائماً التفكير في ما لا يمكن تصوره. وبروح التفكير هذه التي لا يمكن التفكير فيها، يقترح عشر نقاط تثير أسئلة يجب على موظفي تخطيط السياسة معالجتها:

عشرة دروس

1- رغم أنها كانت تشكل 4 في المئة من نسبة سكان العالم، حصة أمريكا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي كانت تقارب 50 في المئة في نهاية الحرب العالمية الثانية. طوال الحرب الباردة، لم يقترب الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد السوفييتي من هذا الحجم أبداً، حيث وصل إلى 40 في المئة فقط من الناتج الأمريكي في ذروته. هل يمكن أن يصبح الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا أصغر من الصين في الثلاثين سنة القادمة؟

2- هل يجب أن يكون الهدف الأساسي لأمريكا تحسين معيشة مواطنيها أم الحفاظ على مكانتها في النظام الدولي؟ إذا كانت هناك تناقضات بين أهداف الحفاظ على الصدارة وتحسين الرفاهية، فما هي الأولوية؟

3- في الحرب الباردة، أثبتت نفقات الدفاع الأمريكية الضخمة أنها حكيمة، لأنها أجبرت الاتحاد السوفييتي، وهو بلد ذو اقتصاد أصغر، على مطابقة النفقات العسكرية الأمريكية. في النهاية، ساعد هذا على إفلاس الاتحاد السوفييتي. تعلمت الصين درساً من انهيار الاتحاد السوفييتي، فهي تحد من نفقاتها الدفاعية مع التركيز على التنمية الاقتصادية. هل من الحكمة أن تواصل أمريكا الاستثمار بكثافة في ميزانيتها الدفاعية؟ أم يجب أن تخفض نفقاتها الدفاعية وتورطها في الحروب الخارجية الباهظة الثمن؟

4- أمريكا لم تكسب الحرب الباردة بمفردها. شكلت تحالفات قوية مع شركائها الغربيين في حلف شمال الأطلسي وأقامت علاقات صداقة وتحالفات في العالم الثالث، مثل الصين وباكستان وإندونيسيا ومصر. للحفاظ على هذه التحالفات الوثيقة، أبقت أمريكا اقتصادها مفتوحاً لحلفائها ووسعت مساعداتها بسخاء. وفوق كل شيء، كانت أمريكا معروفة بروح الكرم في الحرب الباردة. أعلنت إدارة ترامب عن سياسة»أمريكا أولاً«، وهددت بفرض الرسوم الجمركية على الحلفاء الرئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وأصدقاء العالم الثالث مثل الهند. هل تستطيع أمريكا أن تبني تحالفاً عالمياً قوياً لموازنة الصين إذا كانت تجعل أيضاً حلفاءها الرئيسيين ينفرون منها؟ هل كان قرار أمريكا بالانسحاب من الشراكة عبر المحيط الهادئ هدية جيوسياسية للصين؟ هل شنت الصين بالفعل ضربة استباقية ضد سياسة الاحتواء من خلال الانخراط في شراكات اقتصادية جديدة مع جيرانها من خلال مبادرة (حزام واحد طريق واحد)؟

سلاح الدولار

5- إن أقوى سلاح يمكن أن تستخدمه أمريكا لجعل حلفائها وخصومها متماشين مع رغباتها ليس الجيش الأمريكي بل الدولار الأمريكي. أصبح الدولار الأمريكي لا غنى عنه تقريباً في التجارة العالمية والمعاملات المالية. وفي هذا الصدد، فهو بمثابة خدمة عامة عالمية تخدم الاقتصاد العالمي المتدهور. بما أن البنوك والمؤسسات الأجنبية لا تستطيع تجنب استخدامه. تمكنت أمريكا من الانخراط في تطبيق قوانينها المحلية خارج الحدود الإقليمية وفرض غرامات باهظة على البنوك الأجنبية بسبب انتهاك قوانينها المحلية بشأن التجارة مع إيران والدول الأخرى الخاضعة للعقوبات. في ظل إدارة ترامب، تحولت أمريكا من فرض عقوبات متعددة الأطراف إلى عقوبات أحادية وسحبت الدولار لاستخدامه ضد خصومها. هل من الحكمة استخدام منفعة عامة عالمية لأغراض فردية؟ في الوقت الحالي، لا توجد بدائل عملية للدولار الأمريكي. هل سيكون هذا هو الحال دائماً؟ هل هذا هو كعب أخيل للاقتصاد الأمريكي الذي يمكن للصين اختراقه وإضعافه؟

6- في تطوير استراتيجية ضد الاتحاد السوفييتي، شدد كينان على أنه من الضروري للأمريكيين أن يخلقوا بين شعوب العالم عموماً انطباعاً عن دولة ناجحة محلياً، وتتمتع «بحيوية روحية». ووصف البروفيسور جوزيف ناي ذلك بالقوة الأمريكية الناعمة. من الستينات إلى الثمانينات، صعدت القوة الأمريكية الناعمة. منذ الحادي عشر من سبتمبر(أيلول)، انتهكت أمريكا القانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان (وأصبحت أول دولة غربية تعيد إنتاج التعذيب). تراجعت القوة الأمريكية الناعمة بشكل كبير، خاصة في ظل ترامب. هل الشعب الأمريكي مستعد لتقديم التضحيات اللازمة لتعزيز القوة الأمريكية الناعمة؟ هل يمكن لأمريكا أن تكسب المعركة الأيديولوجية ضد الصين إذا كانت تعتبر أمة «طبيعية» وليست «استثنائية».

7- قال الجنرال إتش.ر.ماكماستر، مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب في الفترة من 2017 إلى 2018، إن الصراع بين أمريكا والصين مثل في نهاية المطاف الصراع بين«مجتمعات حرة ومفتوحة وأنظمة استبدادية منغلقة». إذا كان هذا التصريح صحيحاً، ينبغي أن تشعر جميع المجتمعات الحرة والمفتوحة بالتهديد على قدم المساواة من ناحية الحزب الشيوعي الصيني. من بين أكبر ثلاث ديمقراطيات في العالم، هناك دولتان آسيويتان: الهند وإندونيسيا. لا تشير أي من الديموقراطية الهندية أو الإندونيسية بأي شكل من أشكال إلى التهديد من الأيديولوجية الصينية. ولا تشعر معظم الديمقراطيات الأوروبية بالتهديد. على عكس الاتحاد السوفييتي، لا تحاول الصين تحدي أو تهدد الأيديولوجية الأمريكية. من خلال التعامل مع تحدي الصين الجديد على أنه يشبه الاستراتيجية السوفييتية القديمة، ترتكب أمريكا الخطأ الاستراتيجي الكلاسيكي المتمثل في خوض حرب الغد باستراتيجيات الأمس. هل المفكرون الاستراتيجيون الأمريكيون قادرون على تطوير أطر تحليلية جديدة لاستيعاب جوهر المنافسة مع الصين؟

8- في أي منافسة جيوسياسية كبرى، ترجّح الكفة دائماً لصالح الطرف الذي يمكن أن يبقى عقلانياً وبارداً أكثر من الطرف الذي تحركه العواطف الواعية أو غير الواعية. وكما لاحظ كينان بحكمة، فإن»النزق وعدم القدرة على ضبط النفس«علامة ضعف. لكن هل ردود أمريكا على الصين مدفوعة بالعقل أم مدفوعة بالعواطف الباطنية؟ الروح الغربية اختبرت خوفاً عميقاً وغير واع لفترة طويلة من الخطر الأصفر. أشارت كيرون سكينر إلى أن «المنافسة مع الصين كانت مع قوة غير قوقازية». وبذلك وضعت إصبعها على ما يدفع ردود الفعل العاطفية تجاه الصين. في البيئة الصحيحة سياسياً لواشنطن العاصمة، هل من الممكن لأي مفكر استراتيجي أن يقترح مثل هذه النقطة غير الصحيحة سياسياً ولكنها صادقة من دون انحراف سياسي؟

الانتصار والهزيمة

9- قال سون تزو، أحد أعظم أساتذة الصين الاستراتيجيين، ذات مرة: «إذا كنت تعرف العدو وتعرف نفسك، ليس هناك من داع للخوف من خوض مئة معركة. إذا كنت تعرف نفسك ولكن لا تعرف العدو، ففي كل انتصار تحصل عليه ستعاني من هزيمة أيضاً. إذا كنت لا تعرف العدو ولا نفسك، سوف تستسلم في كل معركة».

هل تعرف أمريكا منافستها الصينية؟ على سبيل المثال، هل ترتكب أمريكا خطأ جوهرياً في الإدراك عندما تنظر إلى الحزب الشيوعي الصيني على أنه متعمق في جذوره الشيوعية. في نظر العديد من المراقبين الآسيويين الموضوعيين، يعمل الحزب الشيوعي الصيني في الواقع بمثابة «حزب الحضارة الصينية».. إن أهم مهمة للمفكر الاستراتيجي هي محاولة الدخول في ذهن الخصم. إذاً هذا اختبار: ما هي النسبة المئوية المشغولة لذهن زعيم صيني بالإيديولوجية الماركسية اللينينية وما هي النسبة المئوية للتاريخ الغني للحضارة الصينية في ذهنه؟

جريدة الخليج

This post is also available in: English (الإنجليزية)

TOP