الوصف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)
في أواخر عام 2013، انغمس جنوب السودان في حرب أهلية فوضوية؛ شهد عدد من الاتفاقات السابقة بين المقاتلين فشلًا ذريعًا، أمّا آخر اتفاق فاشل فأُلغي في الخرطوم في سبتمبر. كتب زاك فيرتين في كتابه “حبل من السماء” A Rope from the Sky (528 صفحة، منشورات بيغاسوس، 30 دولارًا) أن كبار الشخصيات “استقروا في روتين مريح. [جمعوا] البدلات المدفوعة يوميًا، والخصامات المتزايدة، بينما كانت بلادهم تحترق”.
في الخامس عشر من ديسمبر، كانت قد مضت خمس سنوات منذ أن أشعلت الخصامات العشائرية والشخصية النزاع الأخير الذي أسفر عن مئات الآلاف من الوفيات وفرار نحو ثلث سكان جنوب السودان. البلاد الآن في فترة من الهدوء النسبي، لكن غير المستقر. تستمرّ انتهاكات وقف إطلاق النار بانتظام. وباعتبارها كارثة إنسانية، فإنها تنافس سورية. أمّا من ناحية دراسة نقائص الأممية الليبرالية، فتقترب من العراق وليبيا. الآن، يمعن ثلاثة مؤلفين التفكير في حجم المسؤولية الغربية في صنع جنوب السودان وتحطيمه. ويشيرون معًا إلى سؤال أعمق: ما الذي يصنع الأمة؟
في عام 1961، كتب ضابط بريطاني سابق استعماري باستخفاف: “لم يكن لجنوب السودان تاريخ قبل عام 1821”. لكنّه مخطئ بحسب بيتر مارتل، الصحفي البريطاني الذي عاش في العاصمة جوبا، لمدة ثلاث سنوات حتى استفتاء الاستقلال في 2011، صاحب كتاب “أولًا دقّ ناقوس الخطر: كيف انتصر جنوب السودان في أطول حرب وخسر السلام” First Raise a Flag (320 صفحة، منشورات هيرست، 25 جنيهًا استرلينيًا).
فالبلد عبارة عن خليط من القبائل، تهيمن عليها قبيلة الدينكا، ثم تليها قبيلة نوير. هناك عداوات وانقسامات. لكنّ المجموعات المكونة لها تتشارك أساطير تأسيسية وتاريخًا مشتركًا من العبودية والظلم من قبل الأتراك، ثم العرب، والسودانيين الشماليين والبريطانيين. كتب ادوارد ايفان ايفانز-بريتشارد، عالم الأنثروبولوجيا البريطاني، في عام 1938: “تم احتلال جنوب السودان بالقوة وتمّ حكمه بالقوة والتهديد بالقوة وذاكرة القوة”.
لمواجهة الصدمة، روى أهالي جنوب السودان أساطير تذكّر بمملكة كوش القديمة، وتتبع سلالة الأجداد المشتركة. كانوا يأملون أن يصيروا هم أيضًا ملوكًا يومًا ما.
تخيّل الكثيرون أن مقاومة السيادة الأجنبية ستكون كافية لتشكيل هوية وطنية. عندما رُفع العلم الجديد في 9 يوليو 2011 أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما قائلًا: “بعد كثير من النضال الذي بذله شعب جنوب السودان، ترحّب الولايات المتحدة بولادة دولة جديدة”. وبعد الكوارث في أفغانستان والعراق، كان يُنظر إلى جنوب السودان على أنه فرصة لبناة الأمة الليبرالية حتى يقلبوا صفحة جديدة. تخطّى الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد في الدولة الحديثة، التي تنعم باحتياطيات نفطية هائلة، الناتج المسجّل في الهند.
هرع الغربيون المخلصون لتقديم يد المساعدة. ومثل المستعمرين البريطانيين، تخيّلوا المكان صفحة بيضاء. وصل خبراء دوليّون يحملون مقترحات تكنوقراطية للإدارة العادلة للثروة النفطية. ساعدوا في صوغ مخطط تفصيلي للديمقراطية الليبرالية الحديثة. ارتعب مارتيل من السذاجة. ويتذكر أن خرّيجًا أميركيًا شابًا حاصره في حفل أقامته إحدى وكالات الإغاثة في جوبا. قال المبتدئ (مقتبسًا جون آدمز): “إقضِ على براعم السلطة الاعتباطية في المهد، يا رجل”.
كل هذا كان خيالًا. أميركا، بدعم من حلفائها، سلّمت الدولة الجديدة إلى نخبة كليبتوقراطية مع دعم قليل جدًا بين الجنوبيين من عامة الشعب. وكانت الحركة الشعبية لتحرير السودان، المجموعة المتمردة التي تحولت إلى حزب حاكم، قد كُرّمت لفترة طويلة على يد مجموعة متنوعة من المتحمسين الأجانب، أميركيين بمعظمهم، أشهرهم جورج كلوني. أعمى هؤلاء الدخلاء الإدارات المتعاقبة في واشنطن عن رؤية عيوب المتمردين.
ايلاف
This post is also available in:
English (الإنجليزية)