الوصف
نجح ولد إسلم في الهروب من فخ المحلية من دون أن يفقد بوصلته في الكتابة، فلم يبق أسيرا لشوارع وحكايات نواكشوط وعاداتها كما يحدث عادة، بل طاف بين عوالم مختلفة رابطا بين أصالة مجتمعه ورحابة الآخر البعيد تماما عن صحراء بلاده.
وبدا الكاتب متمسكا بخيط موسيقي يخصه وحده، فالفنانة ديمي منت آبا التي ذكرها في روايته هي اسم لا يمكن نسيانه في موريتانيا ولكنه غريب لدى كثيرين.
ولهذا فقد حمل على عاتقه التعريف بالفنانة “صاحبة الصوت الملائكي”، لكنه لم يتوقف عند هذا الحد بل انتقل إلى ضفة أخرى من عالم الموسيقى ذاكرًا “بيث هارت” المطربة الأميركية التي مزجت بين موسيقى البلوز والروك أند رول واستلهمت أغلب ألحانها من التراث الموسيقي الأفريقي، منتقلا بذلك من رقة وجمال صوت ديمي بنت آبه إلى قوة وصلابة هارت التي تقدم صوتا آخر.
وسابحا في عوالم موسيقية جديدة يعرفنا على “إيلا هندرسون” المغنية البريطانية الرقيقة التي اختار لها أغنية “أنا لك” ليعلن عن شخصية ومشاعر إحدى شخصياته، ولم يتوقف هنا بل ذهب إلى السودان عائدا بنا إلى الموسيقى الأفريقية من جديد وهذه المرة مع الفنانة فاطمة عمر، ناقلا الأغنية العربية إلى إحدى ممرضاته الأجنبيات بأغنية “قاعد أموت.. لما مواعيدك تفوت”، مازجا بينها وبين مشهد يفيض بالمشاعر.
ولم يكتف بهذا القدر من الموسيقى، بل مضى -في موضع آخر من الرواية- يرسم مشهدا بديعا يمزج فيه بين ما تحكيه الموسيقى وطقوس الدفن فكتب متحدثا عن مقطوعة شهيرة للموسيقيّ الإيرلندي الفرنسي فريدريك شوبان “مسيرة الجنازة” شارحا المقطوعة باقتدار.