الوصف
This post is also available in: English (الإنجليزية)
دميان
تمت ترجمة الكتاب من خلال دار نهران للنشر والتوزيع
ليس هناك أعمق ولا أصدق من أن يكتب المرء عن نفسه إذا امتلك موهبة وجرأة كتلك التي عند الأديب الألماني الحاصل على جائزة نوبل هيرمان هسه (1877 – 1962)، ذلك لأن الأدب في المقام الأول هو تعبير عن تجربة ذاتية سواء خاضها المرء بنفسه أو تأثر بها، فماذا لو كانت هذه التجارب هي تجارب الطفولة والصبا والشباب، يستعيدها أديب عملاق كهيرمان هسه بعد أن نضج وعركته الحياة وشاهد من سلوك البشر أثناء الحرب العالمية الأولى – زمن تأليف الرواية – ما شاهد.
الرواية سرد بضمير المتكلم يحكي فيها ولد يسمى إيميل سنكلير عن تطوره الفكري والنفسي وعلاقاته مع ذاته وأسرته والعالم الخارجي الذي وجده مختلفا عن عالم عائلته المليئ بالحب والحنان والتقوى والهدوء، فيتتبع الولد مسيرة تغيّره ويتلّمس آثار تلوثه بذلك العالم الخارجي الذي فيه القسوة والعنف والجريمة والجنس والاستغلال والقوة والبحث عن حقيقة النفس والكون والإله، كل ذلك يستكشفه رويدا رويدا ويصوره لنا تصويرا دقيقا عميقا حانيا آسرا صادقا، ولم لا يكون كذلك وهو يناجي نفسه ويتحدث عنها بغية معرفتها والاتساق معها كي يتحقق له الهدوء وينعم بالطمأنينة ويتخلص من التشتت والتمزق والحيرة والاضطراب.
يطوِّف بنا هيرمان هسه في عمله الفذ هذا بين أديان العالم باحثا عن الحقيقة، فيفتش عنها في اليهودية والمسيحية والإسلام والهندوسية وفلسفات اليونان القديمة والحضارات المصرية والهندية والصينية، ثم ينتهي إلى أن الحقيقة التي يبحث عنها هي في ذاته، بين جنبيه، في قلبه وعقله وأحاسيسة الحقيقية والصادقة، في تأملاته واستخلاصاته العميقة التي لا خداع ولا وهم ولا غبار خارجي يحجبها.
ويغوص هيرمان هسه في أعماق هذه النفس ليتعرف عليها؛ كيف تشعر، وتفكر، وتكون انطباعاتها، يقينها، شكها، ميولها، عفتها، تساميها، تسافلها.
كل ذلك يفعله هيرمان بصحبة مجموعة من شخصيات الرواية التي استطاع رسم ملامحها الداخلية وسماتها الخارجية ببراعة جعلتهم شخصيات حية، نراها ونسمعها.. إيميل سنكلير نفسه، الراوي. ودميان الذي تسمت الرواية باسمه وهو الولد العجيب الغريب المستقل في تفكيره المؤدب في سلوكه كأنه أمير، المعتد بنفسه، صاحب التفكير العميق والآراء غير المتأثرة بآراء الغير، القادر على أن يحب ويكره، يقول نعم ويقول لا، المدافع عما يؤمن به حتى ولو اتهمه الآخرون بالجنون أو بالإلحاد.
وفرانز كرومر ذلك الولد المجرم عتيد الإجرام الذي فرض سيطرته كالشيطان على إيميل سنكلير بالخوف والتهديد، والذي استسلم له سنكلير استسلام الجثة الهامدة التي ليس فيها حياة لأن تقاوم، فتلاعَب به واستغله، إلى أن استطاع التخلص منه بفضل مساعدة دميان وبفضل اعترافه لأمه وأبيه بالخطأ الطفول الذي وقع فيه وتسبب في مخاوفه، ذلك الاعتراف الذي حرره من ضغط الشعور بذنب الخطيئة فلم يعد لها سلطان عليه.
باستيريوس عازف الأرغون في الكنيسة، الذي علَّم سنكلير معاني الموسيقى وعلاقتها بالروح وطرائق تذوقها.
هذه الرواية الرائعة تكتسب أهميتها من كونها تتحدث عن علاقتنا بذواتنا وبالله وبالعالم الذي يؤثر فينا وبسبل الوصول إلى الإتزان والسكينة والطمأنينة والسعادة الداخلية، وهي موضوعات سيظل يبحث عنها الإنسان، وذلك ربما يكون سر الخلود المتوقع لرواية “دميان” التي تستحق أن تُقرأ.
المصدر: صفحة قراءات – محمد عبد العاطي
دميان
للمزيد من الكتب، زوروا منصة الكتب العالمية
https://old.booksplatform.net/ar/product/eleven-minutes/
https://old.booksplatform.net/ar/product/الليبرالية-الجديدة-موجز-تاريخي/
This post is also available in: English (الإنجليزية)